ألمانيا كلمة السر.. أمريكا لن تسمح بتحالف الغاز بين برلين وموسكو
مع ارتفاع منسوب التوتر على الحدود الأوكرانية، يصبح خط الغاز الرابط بين روسيا وألمانيا "نورد ستريم ٢" محور الجدل والتحركات السياسية.
فأي عقوبات قوية منتظرة على روسيا في حال حققت نبوءة غزوها للأراضي الأوكرانية، لن تكون مؤثرة بالشكل الكافي إذا لم تتضمن تعليق مشروع "نورد ستريم ٢"، وفق مراقبين.
وعلى المدار الأسابيع الماضية، ذكر المسؤولون الأمريكيون مرارا وتكرارا، أن خط نورد ستريم ٢، لن يستمر إذا غزت روسيا أوكرانيا، ما يعني أن واشنطن لن تسمح باستمرار هذا المشروع في حال السيناريو الأسوأ.
ويستهدف مشروع نورد ستريم 2 الأكثر إثارة للانقسام في أوروبا مضاعفة كمية الغاز المتدفق من روسيا مباشرة إلى ألمانيا، متجاوزا دولة العبور التقليدية أوكرانيا، عبر قاع بحر البلطيق، ما يعني انتعاشة كبيرة للاقتصاد الروسي.
ويواجه المشروع مقاومة داخل الاتحاد الأوروبي ومن الولايات المتحدة وكذلك من أوكرانيا، على أساس أنه يزيد من اعتماد أوروبا في مجال الطاقة على روسيا ويحرم كييف من رسوم العبور، في وقت يشهد مواجهة أوسع بين موسكو والغرب.
ويتوقع أن يضاعف خط الأنابيب الذي تبلغ تكلفته نحو 12 مليار دولار، ويمر تحت بحر البلطيق شحنات الغاز الطبيعي الروسي إلى ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، وكذلك يحقق عوائد مالية ضخمة للاقتصاد الروسي.
ومع بداية التوتر الحالي على الحدود الأوكرانية وحشد موسكو أكثر من ١٠٠ ألف جندي على الحدود بين البلدين، صعد مشروع "نورد ستريم ٢" إلى الواجهة السياسية بشكل كبير للغاية.
موقف أمريكي قوي
وفي نهاية عام 2021، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، إن خط أنابيب "نورد ستريم 2 " بين روسيا وألمانيا لن يمضي قدما إذا تمت عملية الغزو لأوكرانيا.
وأضاف برايس، للإذاعة الوطنية العامة: "أريد أن أكون واضحا للغاية: إذا غزت روسيا أوكرانيا بطريقة أو بأخرى، فلن يمضي "نورد ستريم 2" قدما، دون الخوض في التفاصيل.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في وقت سابق الشهر الجاري إن خط أنابيب الغاز (نورد ستريم 2) سيتوقف إذا غزت روسيا أوكرانيا وشدد على الوحدة مع ألمانيا في الوقت الذي يحتشد فيه الغرب لتجنب حرب في أوروبا.
وفي مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض مع المستشار الألماني الجديد أولاف شولتس، قال بايدن إن عبور القوات الروسية إلى أوكرانيا سيؤدي إلى إغلاق الخط.
وأضاف بايدن "إذا غزت روسيا، ويعني هذا عبور الدبابات أو القوات... حدود أوكرانيا مرة أخرى، فعندئذ لن يكون هناك... نورد ستريم 2. سنكتب نهايته".
ومن جانبه، قال شولتز في نفس المؤتمر إن الولايات المتحدة وألمانيا تتبعان النهج نفسه تجاه أوكرانيا وروسيا والعقوبات، لكنه لم يؤكد بشكل مباشر الخطط الخاصة بنورد ستريم 2 أو يذكر خط الأنابيب علنا بالاسم خلال زيارته التي استمرت يوما كاملا.
وبعد لقاء بايدن في البيت الأبيض في الـ٧ من الشهر الجاري، لم يشر شولتز في أي تصريحات صحفية، بشكل مباشر إلى وقف خط "نورد ستريم ٢"، لكنه أكد مرارا وتكرارا أن كل الخيارات ستكون مطروحة على الطاولة إذا غزت روسيا أوكرانيا، متحدثا أيضا عن "ثمن باهظ" لهذا الغزو.
العصا والجزرة
ومع وصول شولتز موسكو تمهيدا للقاء حاسم مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء، تقول وسائل الإعلام الألمانية إن المستشار الألماني سيعمل بكل قوته على منع الحرب، ويتحدث بوضوح عن أن "نورد ستريم ٢" ضمن حزمة عقوبات قوية متوقعة في حال غزو روسيا لأوكرانيا.
صحيفة "دي تسايت" الألمانية وصفت لقاء بوتين وشولتز بأنه "حديث الأزمة النهائي"، وقالت إن المستشار الألماني يزور موسكو بحقيبة تضم العصا والجزرة.
وأوضحت "بالطبع، يمكن أن يطلع شولتز بوتين على العقوبات الصارمة التي اتفق عليها الأوروبيون والأمريكيون، ولن يتفاجأ الروس أن حزمة العقوبات تضم وقف خط أنابيب نورد ستريم 2".
وتابعت "كما أن شولتز سيقول لبوتين بوضوح أن هناك الكثير من أوجه التعاون المحتملة مع موسكو إذا اختارت الخيار السلمي، ولا يتعلق الأمر بمشاريع الغاز، ولكن أيضا الهيدروجين وإنتاج الكهرباء المشترك".
ووفق شبكة التحرير الألمانية، فإن توقعات أولاف شولتز من اللقاء مع بوتين، ضخمة للغاية، وهدفه الأساسي منع الحرب.
ومضت قائلة "سيتبع شولتز استراتيجية مزدوجة خلال اللقاء مع بوتين: يرسم خطوط حمراء بأيد، ويصافح بود باليد الأخرى"، في إشارة إلى التلويح بالعقوبات، وأفق التعاون المستقبلي في حال اتباع روسيا المسار السلمي.