كيف سيؤثر هجوم سوق عيد الميلاد على الانتخابات في ألمانيا؟
كان هجوم ماغدبورغ داميا وصادما، وضرب ألمانيا في توقيت صعب، قبل شهرين من الانتخابات العامة، ما ينذر بتداعيات جمة.
وعلى الرغم من هيمنة ملف الهجرة بالفعل على الحملة الانتخابية في ألمانيا، والتي ستبدأ بشكل جدي في العام الجديد، إلا أن الهجوم على سوق عيد الميلاد بمدينة ماغدبورغ، الذي وقع ليلة الجمعة الماضية، وخلف 5 قتلى و200 مصاب، سيزيد من أهمية القضية.
ووفق صحيفة "تليغراف" البريطانية، فإن حزب "البديل من أجل ألمانيا" وهو حزب أقصى اليمين الذي يحتل المركز الثاني في استطلاعات الرأي، سيستغل خلال حملته، هوية المشتبه به طالب العبدالمحسن، وهو سعودي الجنسية، فيما سيواجه الاتحاد المسيحي "يمين وسط" ضغوطًا لإعلان سياسات أكثر صرامة بشأن الأمن والهجرة.
وعلى حد قول الصحيفة، فإن إراقة الدماء في ماغدبورغ، ستؤدي إلى زيادة الضغط على المرشح الأوفر حظاً للفوز بالمستشارية، فريدريش ميرتس (زعيم الاتحاد المسيحي)، للإعلان عن سياسات أكثر صرامة بشأن الأمن والهجرة.
وفي وقت سابق من هذا العام، قال ميرتس إن "ألمانيا بحاجة إلى إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن الهجرة، في أعقاب هجوم وقع في سولينغن"، متعهدا بإبعاد المهاجرين عن الحدود الألمانية بأعداد كبيرة إذا تم انتخابه مستشارًا في انتخابات شهر فبراير/شباط المقبل.
وإثر هجوم ماغدبورغ، رجحت الصحيفة نقلا عن مراقبين، أن يخرج حزب البديل من أجل ألمانيا من انتخابات فبراير/شباط كأكبر حزب في المعارضة، كما تشير استطلاعات الرأي حاليا.
ولفتت إلى أنه على الرغم من أنه سيتم تجميد الحزب خارج محادثات الائتلاف بسبب رفض الأحزاب التقليدية في ألمانيا التحالف معه، إلا أنه سيظل يتمتع بنفوذ كبير في البوندستاغ (البرلمان).
وفور هجوم ماغدبورغ، أرادت زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا، أليس فايدل، توجيه الزخم نحو مواقع حزبها الرافضة للهجرة، وكتبت على وسائل التواصل الاجتماعي "كانت الفكرة القائلة بأن ألمانيا تدمرها السياسات الليبرالية المجنونة بشأن الهجرة والاقتصاد والسياسة الخارجية، من المقولات الشائعة في حملة حزب البديل من أجل ألمانيا لسنوات عديدة".
وذلك قبل أن تعلن عن توجهها إلى ماغدبورغ لتكريم الضحايا في وقت لاحق أمس السبت، بينما يخطط حزب البديل من أجل ألمانيا لتنظيم مظاهرة غدا الإثنين ضد سياسات الهجرة واللجوء.
ورغم استغلال حزب البديل لأجل ألمانيا المتوقع للحادث، فإن هناك نقطة معينة قد تحدث أثرا معاكسا، إذ إن منفذ هجوم ماغدبورغ، المعادي للإسلام أعرب في وقت سابق، عن إعجابه بحزب البديل من أجل ألمانيا بسبب معارضة الحزب الشديدة للهجرة الجماعية إلى ألمانيا من الدول الإسلامية.
هذا يجعل الأمور محرجة بعض الشيء بالنسبة لحزب البديل، إذا اختار جعل مهاجم ماغدبورغ جزءًا رئيسيًا من حملته الانتخابية، لأن الأحزاب الأخرى ستقول إن منفذ الهجوم يشارك حزب أقصى اليمين أفكاره.
وفي هذا السياق، يقول الكاتب الألماني؛ دومنيك أيغانمان في مقال بصحيفة "تاغس أنتسيغز" الألمانية، "من المنتظر أن تسير مطالب الحد من الهجرة واللجوء بشكل كبير، على المناقشات قبل الانتخابات الفيدرالية المبكرة. وبغض النظر عن الأسباب التي دفعت المهاجم إلى ارتكاب جريمته، يجادل حزب البديل من أجل ألمانيا بأنه يظل أجنبيًا ومسلمًا لا ينبغي أن يُمنح حق اللجوء في ألمانيا".
وتابع: "يحظى هذا التحيز بشعبية كبيرة في ألمانيا"، مضيفا "الشعور بانعدام الأمن يقوي دائمًا الأحزاب المحافظة التي تعد باستعادة الأمن. لذلك من المتوقع أن يؤدي هجوم ماغدبورغ إلى منح زخم لكل من الاتحاد المسيحي وحزب البديل من أجل ألمانيا في المقام الأول خلال الحملة الانتخابية".
قبل أن يستدرك "ومع ذلك، تُظهر التجربة أن شعارات السياسيين لا تساهم كثيرًا في الإجابة عن السؤال الحاسم المتعلق بكيفية ضمان المزيد من الأمن على أرض الواقع. فالأمن هو نتاج عمل تفصيلي مضنٍ للعديد من المؤسسات التي يجب أن تعمل معًا بأكبر قدر ممكن من الكفاءة. ومن المهم الآن في ألمانيا تعزيز هذا العمل".
وبعد مرور 9 سنوات على سياسة الباب المفتوح الشهيرة التي اتبعتها المستشارة الألمانية السابقة، أنغيلا ميركل بشأن اللاجئين، والتي دخل بموجبها أكثر من مليون شخص إلى البلاد، أصبح جميع القادة السياسيين الألمان تقريباً متشائمين من الهجرة.
وفي هذا السياق، فإن منتقدي سياسة المستشار الحالي وزعيم حزب اليسار الديمقراطي الاشتراكي الديمقراطي، أولاف شولتز، سيسارعون إلى الادعاء بأن مأساة يوم الجمعة هي علامة أخرى على ضعفه الميؤوس منه في مجال الأمن القومي، ما يجعل المستشار الخاسر الأكبر بعد الهجوم.
وشدّد شولتز، الذي ينتمي إلى يسار الوسط، موقفه من الهجرة. وفي وقتٍ سابق من هذا العام، فرضت حكومته ضوابط مؤقتة على جوازات السفر على جميع الحدود البرية لألمانيا في محاولة للحد من الهجرة غير الشرعية، لكن يبدو أن ذلك لن يكون كافيا لجذب الناخبين بعد الهجوم الأخير، وفق مراقبين.
حتى حزب اليسار المتشدد الجديد "بي إس دبليو" الذي تقوده ساهرا فاجنكنشت، أعلن عن استيائه، من الهجرة الجماعية، واشتكت زعيمته من أن اللاجئين الأوكرانيين "على وجه الخصوص" يشكلون استنزافًا للمدارس والمستشفيات والأطباء في ألمانيا.
وهجوم ماغدبورغ، هو ثالث هجوم إرهابي كبير يتورط فيه مشتبه به أجنبي يضرب ألمانيا هذا العام، بعد عملية طعن جماعي في مهرجان في سولينغن وهجوم بسكين في مانهايم.
وبحسب "تليغراف"، فإن هناك فرقا دقيقا بين الهجوم على سوق ماغدبورغ لعيد الميلاد والحادثتين المروعتين اللتين وقعتا في وقت سابق هذا العام، وهو أن مهاجم ماغدبورغ مواطنًا سعوديًا هاجر بشكل قانوني إلى ألمانيا في عام 2006، ثم مُنح حق اللجوء.
وفي المقابل، كان منفذ هجوم سولينغن طالب لجوء سوري رُفضت طلباته ولم ترحّله ألمانيا، مما تركه حرًا في تنفيذ هجومه في أغسطس/آب الماضي، مما أسفر عن مقتل 3 أشخاص.
وعلى نفس المنوال، كان منفذ هجوم مانهايم الذي قتل شرطيًا وطعن ناشطًا يمينيًا متطرفًا، مواطنًا أفغانيًا رُفض طلب لجوئه في عام 2014 لكنه بقي في البلاد.
aXA6IDMuMjIuMTMwLjIyOCA= جزيرة ام اند امز