أردوغان في ألمانيا.. ظلال غزة تعقد حسابات السياسة
وجهات نظر متباينة بشأن حرب إسرائيل مع حركة حماس في غزة، ومواقف مغايرة تجاه موسكو منذ بدء عمليتها العسكرية بأوكرانيا، تلقي بظلالها على زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأولى لألمانيا منذ 4 سنوات.
زيارة كان معد لها مسبقا، لكن خبراء اعتبروا أن المستجدات وعلى رأسها حرب غزة تعقد حسابات زعيمي البلدين.
تنحية الخلافات
لكن الدوافع السياسية والاقتصادية القوية قد تدفع الجانبان لتنحية الخلافات جانبا والانخراط في محادثات.
حيث تأتي زيارة أردوغان لألمانيا قبيل الانتخابات البلدية، التي يأمل أن يفوز فيها بمدينتي أنقرة وإسطنبول، ويمثل الوصول بشكل أفضل إلى أسواق أوروبا وتحرير التأشيرات هدية كبيرة للناخبين الذين يعانون في ظل ارتفاع التضخم والضغوط الاقتصادية.
كما سيحتاج أردوغان إلى دعم من المستشار الألماني أولاف شولتز حال المضي قدما في شراء 40 طائرة مقاتلة "يوروفايتر" تايفون، أكدت تركيا الخميس أنها تريدها.
أما بالنسبة لشولتز، الذي يرأس ائتلافا ثلاثيا منقسما بشأن الاقتصاد الألماني وتأثير ارتفاع الهجرة على الخدمات العامة، فإن "دور أنقرة في وقف الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي يجعلها شريكا لا غنى عنه".
تباينات غزة والعلاقات
ورغم الخلافات إلا أن شولتز حفاظا على تلك العلاقات المحورية لبلاده يتجنب التعليق بشكل مباشر على إدانة أردوغان القاطعة للحرب الإسرائيلية ضد حماس، والتي قُتل فيها آلاف الفلسطينيين.
وبعدما وصف أردوغان، الأربعاء، حماس بأنها "منظمة تحرير"، رفض شولتز عدة مطالبات بانتقاد أردوغان، وأشار فقط بعبارات عامة إلى أن "التهم الموجهة ضد إسرائيل سخيفة".
ويعد هذا الرد مخففا بالتأكيد بالنظر للإدانة الشديدة التي عادة ما تصدر عن ألمانيا، في حال توجيه انتقادات أقل حدة بكثير لإسرائيل.
لكن أردوغان ضاعف الهجوم يوم الأربعاء، ووصف إسرائيل بأنها "دولة إرهابية" تحظى "بدعم غير محدود" من الغرب، وهو ما يعني أنه قد يكون من المستحيل تنحية الخلاف المرتبط بغزة عن الزيارة.
وعبرت ألمانيا عن تضامنها القوي مع إسرائيل، بينما حثت على التركيز على الحد من تأثير الحرب على المدنيين في غزة.
زيارة مخططة قبل الحرب
وتعليقا على ذلك، قال أيدن يسار، المتخصص في الشؤون التركية بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن "التخطيط للزيارة بدأ في الصيف، عندما لم يكن اندلاع الصراع في غزة متوقعا".
كما يأتي بعد يوم من تأجيل لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان التركي التصويت على طلب عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي، بما يؤدي لتأجيل توسيع الحلف الغربي بعد انتظار دام 18 شهرا طالبت أنقرة خلالها ستوكهولم بتنازلات تتعلق بالإرهاب.
مباراة ودية
وبحسب يسار، فإن أردوغان -الذي وصف ألمانيا مؤخرا بأنها "أقوى دولة في أوروبا"، يأمل في الحصول على دعم شولتز لإحياء المحادثات المتوقفة بشأن تحديث الاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
ورغم جهود الجانبين فقد كان لغزة تأثيرها بالفعل، إذ كان من المقرر في الأصل أن يبقى أردوغان يوما آخر، وهو ما كان سيسمح له ولشولتز استضافة مباراة كرة قدم ودية بين البلدين غدا السبت.
لكنه بالنظر لوجود قرابة 3 ملايين شخص من ذوي الأصول التركية في ألمانيا، فإن مثل هذه المواجهات ينظر إليها دائما على أنها محفوفة بالمخاطر، لكن التقييم هذه المرة أشار إلى أن المخاطر كبيرة للغاية.
وقال يسار "كان هناك خوف من أن تكون هناك هتافات مناهضة لإسرائيل.. من غير المرجح أن شولتز يرغب في مشاهدتها معه".