"ليوبارد" تقسم الألمان.. جدل الدبابات في حرب أوكرانيا
تصريح ألماني بتزويد أوكرانيا بالدبابات يفجر جدلا محليا ينذر بانعطافة في الرأي العام وسط تساؤلات عن جدوى خطوة قد توسع نطاق النزاع.
والأربعاء، أعلنت برلين، بعد أيام من الضغط الدبلوماسي من حلفائها الغاضبين في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أنها سترسل دبابات "ليوبارد 2" إلى أوكرانيا.
وشكل القرار خطوة محورية محتملة في الصراع قد تقلب الموازين بشكل حاسم لصالح كييف، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وسترسل الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية أيضًا دبابات قتال متطورة إلى القوات الأوكرانية، وهناك توقعات حول شن روسيا لهجوم في الربيع، وهو أمر يبدو أن كييف تستعد له عبر الدعم الغربي بالمعدات الثقيلة والحديثة.
جدل
لكن في شوارع ألمانيا، كانت ردود الأفعال متباينة، ومن المخاوف بشأن كيف قد تتصاعد الحرب الآن إلى اعتقاد بأن الحكومة هناك تفعل الصواب، بدا أن الناس يختلفون بشأن ما إذا كان القرار صائبا.
وتحدثت "سي إن إن" مع عدد من الألمان ممن طلبوا ذكرا الاسم الأول فقط بشأن المسألة، حيث قال مانويل (29 عاما) الذي يعيش في برلين، إنه يخشى أن يغضب القرار موسكو ويفاقم الصراع المستمر منذ حوالي عام.
وأضاف: "لا أعتقد أن روسيا ستهاجم أي دولة عضو في الناتو، على الأقل بالوقت الراهن، لكني أقلق من حدوث انتقام أشد حدة، موجه على أوكرانيا وشعبها."
وبالنسبة للنجار المدرب إريك (27 عاما)، من بادربورن في غربي ألمانيا، فيرى أنه من المهم دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا، ومع ذلك، يقلق أيضًا من أن تزويد كييف بدبابات "ليوبارد 2" قد تتسبب في مشاكل أكبر مما تحلها.
وقال إن "نشر واستخدام (دبابات) ليوبارد 2 ميزة كبيرة للحرب الأوكرانية، لكن يتعين علينا مواجهة حقيقة أن هذا يتضمن عقبات وتداعيات سياسية كذلك. وبالإضافة إلى اللوجيستيات تحتاج القوات المسلحة الأوكرانية التدريب على التعامل مع ليوبارد 2 وصيانتها".
وتابع أنه "في غالب الظن لن يحدث ذلك في أوكرانيا، مما يعني أن الناتو وألمانيا سيتدخلون مجددا بشكل مباشر أكثر في الحرب."
تدخل؟
ويعتبر الخطوة التي أقدمت حكومة بلاده عليها "تدخلا كبيرا" في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، قائلا إن "إرسال الدبابات وتدريب القوات الأوكرانية قد يعتبر ويحول إلى إعلان للحرب من قبل ألمانيا والناتو في أي وقت."
وتتفهم باربرا (59 عاما)، أمينة مكتبة من غرب ألمانيا، تردد المستشار أولاف شولتز في الإذعان للضغوط الدولية وتعتقد أنه يتعين على ألمانيا البقاء بعيدا عن الصراع حيثما أمكن.
وقالت لـ"سي إن إن": "لا أتفق مع إرسال كل هذه المعدات الحربية إلى أوكرانيا. نقدم كثير من المساعدة المدنية، لذا عندما يتعلق الأمر بالحرب، من الجيد التردد".
وبالنسبة لآخرين، تفوق الحاجة إلى مساعدة أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي السلبيات، فيما رأت ألمانية أخرى، عرفت عن نفسها باسم سيبيل أنه: "بالنسبة لي إنها لمشكلة كبيرة أن يفقد الكثير من الناس أرواحهم وبالتالي أحاول تقديم تفهمي لتسليم الدبابات".
بلد منقسم
استطلاع للآراء جرى في وقت سابق من هذا الشهر، يسلط الضوء أيضًا على اختلافات المواقف في ألمانيا.
وطرح استطلاع "دويتشلاندترند" الذي أجرته الهيئة العامة للبث الإذاعي "آيه آر دي" في 19 يناير/ كانون الثاني الجاري، هذا السؤال: "هل يجب على ألمانيا إرسال دبابات القتال الثقيلة مثل ليوبارد إلى أوكرانيا أم لا؟"
وأظهرت النتائج أن 46% من الألمان يؤيدون إرسال مثل هذه الدبابات، فيما عارض الخطوة 43%.
ويمكن رؤية الاختلافات الواضحة في الآراء بين الألمان في شرق وغرب البلاد بالإضافة إلى الأجيال الأكبر والأصغر سنا.
كما أظهر الاستطلاع أن كان هناك مزيد من الدعم لإرسال دبابات القتال الثقيلة بالولايات في غرب ألمانيا، حيث يدعم الناس في كل ثانية إرسالها، بينما في الولايات الشيوعية السابقة، عارض 59% الفكرة.
وبالنسبة إلى إريك، يعتبر هذا الانقسام منطقيا. وقال إن "ألمانيا الشرقية بها نسبة كبيرة من المواطنين اليمينيين وناخبي حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، وتاريخ مختلف مع روسيا بسبب الاحتلال بعد الحرب العالمية الثانية، وبالتالي انعدام ثقة أكبر في القرارات السياسية."
ويعتبر العمر عاملا أيضًا، بحسب الاستطلاع، حيث كانت الأجيال الأكبر أكثر ميلا للموافقة على إرسال الدبابات. واعتقد حوالي 52% تتراوح أعمارهم ما بين 18 إلى 24 عاما أنه لا يجب على ألمانيا إرسال الدبابات.
وتجلى أوضح انقسام سياسي في موافقة عدد كبير من أنصار حزب الخضر اليساري – 61% - على إرسال الدبابات، بينما كانت النتائج أقل وضوحا بين الحزب الديمقراطي الاجتماعي ذي التوجه السياسي وسط اليسار، مع تأييد 49% فقط للفكرة.
وجاء أقوى رفض لإرسال دبابات القتال الثقيلة من أنصار البديل من أجل ألمانيا. ورفضت نسبة 84% منهم تسليم دبابات ليوبارد إلى أوكرانيا.