مؤتمر ميونخ.. أسرار العالم في أركان فندق "بايريشرهوف"
بعد دورة استثنائية جرت عبر الإنترنت، يعود مؤتمر ميونخ للانعقاد بشكله المعتاد، وما يرتبط بها من عودة "الدبلوماسية السرية".
وتنطلق النسخة الـ٥٨ اليوم الجمعة، وتستمر ٣ أيام. في ظل تطورات عديدة في مناطق متفرقة من العالم، أبرزها الأزمة الأوكرانية وجائحة كورونا.
ويشارك في المؤتمر أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة، بالإضافة إلى 100 وزير وممثل لقطاع الأعمال والجمعيات والمنظمات الدولية.
ومن المتوقع أن يحضر المؤتمر المستشار الألماني أولاف شولتز، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين، ونائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرج، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وتجري وقائع المؤتمر في الفترة بين 18 و20 فبراير/شباط 2022 في مكانه التقليدي، فندق "بايريشرهوف" في ميونخ، بعد أن جرى عقد نسخة استثنائية افتراضية عبر الإنترنت العام الماضي بسبب تفشي جائحة كورونا.
لكن الأمر لا يتوقف عند الجلسات الرسمية والحلقات النقاشية، فخلف الأبواب المغلقة في الفندق الشهير تجرى لقاءات دبلوماسية رفيعة المستوى على هامش البرنامج الرسمي للمؤتمر، لقياس المواقف والوقوف على الأرضية المشتركة في القضايا الدولية الملحة.
48 ساعة مناقشات
وانطلاقا من اليوم الجمعة، يبدأ برنامج المؤتمر الرسمي الذي يتضمن 48 ساعة مكثفة من الفعاليات والندوات وجلسات النقاش التي يحضرها قادة وممثلو دول العالم. وأبرز الموضوعات على طاولة النقاش هذا العام هي الأزمة الأوكرانية، وتداعيات تجدد التنافس بين القوى الكبرى، وجائحة كورونا، والتطورات في أفغانستان، والإرهاب، والأمن السيبراني فضلا عن ملفات الشرق الأوسط.
وبالتوازي مع البرنامج الرسمي، يقع خلف الأبواب المغلقة عالم من الدبلوماسية، تدور أنشطته في سرية تامة، ويحاول فيه المسؤولون الممثلون لدول العالم اكتشاف الأرضيات المشتركة في القضايا الدولية وبناء التحالفات والمواقف الموحدة.
ووفق الإذاعة الألمانية الحكومية، فإن مكان انعقاد المؤتمر "فندق بايريشرهوف" الذي يقع في وسط ميونخ، يحفز على مثل هذه اللقاءات السرية؛ فهو يمتد على عدة مبان متصلة بممرات، ما يفتح مجالا أمام انعقاد العديد من اللقاءات السرية المتزامنة.
كما يتميز الفندق بزواياه وأركانه البعيدة عن الأنظار والتي تعد مساحة مثالية لانعقاد النقاشات الدبلوماسية السرية، أو اللقاءات العابرة بين المسؤولين.
ويكتم السجاد الفخم المنتشر في ممرات وغرف الفندق أصوات الأقدام، كما يسهل العدد الكبير من السلالم والممرات الوصول الخفي إلى قاعات الاجتماعات والغرف المغلقة، ما يجعل "بايريشرهوف" مثاليا لعالم الدبلوماسية السرية الذي يدور على هامش الفعالية السياسية الدولية.
وعادة ما تخصص إدارة المؤتمر 100 غرفة في الفندق للاجتماعات السرية والمغلقة، على أن يستمر كل اجتماع نصف ساعة في المتوسط.
"قمة جبل الجليد"
"البرنامج الرسمي للمؤتمر هو مجرد طرف جبل الجليد" بهذه الكلمات أوضح فولغانغ أشينغر، رئيس مؤتمر ميونخ في تصريحات نقلتها صحيفة "ذود دويتشه تسايتونغ" قبل ٣ أعوام، محورية اللقاءات السرية في مؤتمر ميونيخ.
فولفانغ الذي خدم في حياته المهنية كسفير لألمانيا لدى الولايات المتحدة ويملك خبرة دبلوماسية كبيرة، ويترأس المؤتمر منذ 2010، قال أيضا "مؤتمر ميونخ يعد مكانا يتم فيه اختبار ومناقشة الأفكار الأمنية والدفاعية، وبناء التحالفات، وتجرى التجهيزات لدفع السلام العالمي قدما".
وفي هذا الإطار، لا تقل اللقاءات السرية أهمية عن الاجتماعات المفتوحة والنقاشات التي تملأ البرنامج الرسمي، وهي ما تجعل المؤتمر منصة لصناعة القرار على المستوى الدولي، حسب الإذاعة الألمانية.
وكمثال على الإسهام الذي تقدمه اللقاءات السرية على هامش مؤتمر ميونخ، ذكر أشينغر في تصريحات سابقة لمجلة "السياسة الدولية" الألمانية الخاصة، اتفاقية "ستارت 2" للحد من الأسلحة النووية" التي بدأت المفاوضات الخاصة بها على هامش مؤتمر ميونيخ عام 2009.
وبعد عامين من مؤتمر 2009، تبادلت وزيرة خارجية الولايات المتحدة آنذاك، هيلاري كلينتون، ووزير خارجية روسيا سيرجي لافروف وثائق التصديق على الاتفاقية أيضا على هامش مؤتمر ميونخ الذي جرى عام 2011.
ويملك مؤتمر ميونخ، أهم مؤتمر أمني في العالم، تاريخا كبيرا يمتد لخمسين عاما، حيث تأسس عام 1963 بواسطة الباحث الألماني إيوالد فون كلايست، ومر بعدة مراحل تحول خلالها من مؤتمر لقضايا الدفاع فقط، ليكون ملتقى للسياسيين والدبلوماسيين ومنصة اللقاءات الدبلوماسية السرية.
aXA6IDMuMTQ0Ljk2LjEwOCA= جزيرة ام اند امز