من صدمة غزة للإنذار.. هل بدأ جدار برلين يتصدع أمام إسرائيل؟

لم تفجر حرب غزة القنابل فقط، بل أيضا مواقف حلفاء كانوا حتى الأمس القريب من أشد المدافعين عن إسرائيل.
وألمانيا، أحد أكبر الداعمين لإسرائيل، تلوح بانعطافة دبلوماسية غير مسبوقة، إثر الوضع الصعب الذي يعيشه السكان في قطاع غزة.
وقال المستشار الألماني فريدريش ميرتس، خلال مؤتمر صحفي في توركو (فنلندا) بعد لقاء مع رئيس الوزراء الفنلندي بيتيري أوربو: "ما نراه في قطاع غزة ليس مقبولا بتاتا. هناك معاناة وقتل ولا بدّ من وضع حدّ لذلك".
وتابع: "ينبغي إيصال المساعدات الإنسانية على الفور. ولا بدّ من الضغط على إسرائيل كي تصل المساعدات فعلا إلى مقصدها. لكن من الضروري أيضا ألا تعرقل حماس إدخال المساعدات".
على نفس الخط، قال وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول، اليوم الثلاثاء، إن بلاده لن تتضامن مع إسرائيل بالإجبار، معبرا عن صدمته من الحملة الإسرائيلية على غزة التي تحرم سكان القطاع من الغذاء والدواء.
وأضاف في مقابلة إذاعية: "يجب ألا يُستغل التزامنا بمكافحة معاداة السامية ودعمنا الكامل لحق دولة إسرائيل في الوجود والأمن، كأداة في الصراع والحرب الدائرة حاليا في قطاع غزة".
وأردف يقول: "نحن في مرحلة تحتم علينا التفكير بجدية في أي من الخطوات الجديدة التي يلزم اتخاذها"، دون الخوض في تفاصيل أخرى.
«تجاوزتم كل الخطوط»
وأمس الإثنين، هدّد المستشار الألماني، حكومة بنيامين نتنياهو، بالتوقّف عن دعمها بسبب تكثيفها العمليات العسكرية.
وقال ميرتس: "ما حصل في الأيّام الأخيرة لا يبدو لي بتاتا ضروريا للدفاع عن حقّ إسرائيل في الوجود والتصدّي لإرهاب حماس".
واتهم ميرتس الجيش الإسرائيلي بـ«التورط في عمليات مدمرة بلا هدف واضح»، وحذر من أن دعم برلين لممارسات تل أبيب يقترب من نهايته.
وقال ميرتس بلهجة حاسمة في مقابلة إذاعية الإثنين: «بصراحة، لم أعد أفهم ما الذي يفعله الجيش الإسرائيلي الآن في غزة، ولا ما الذي يسعى إليه. ما يحدث لم يعد بإمكان أحد أن يبرره بمحاربة إرهاب حماس».
وفي خطوة غير مألوفة بالنسبة لزعيم ألماني، أشار ميرتس إلى أن حجم الكارثة التي يتعرض لها المدنيون في غزة بات يتجاوز كل الخطوط الحمراء.
وأضاف: «الطريقة التي يُسحق بها السكان المدنيون، خاصة في الأيام الأخيرة، لم تعد مقبولة بأي مقياس قانوني أو أخلاقي».
رسالة لنتنياهو
ولم يكتفِ ميرتس بإدانة الهجوم، بل وجه إنذارًا سياسيًا صارخًا إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بقوله: «إذا كانت الحكومة الإسرائيلية تظن أن أصدقاءها المقربين سيستمرون في دعمها مهما فعلت، فهي واهمة. لن أتمكن من دعم هذه الحكومة بعد الآن إن واصلت السير في هذا المسار».
ورغم تأكيده على أهمية العلاقة بين برلين وتل أبيب، شدد ميرتس على أن هذه العلاقة لا تعني تفويضًا مفتوحًا لارتكاب المجازر: «نعم، نريد أن نكون الشريك الأوروبي الأهم لإسرائيل، لكننا لن نقف صامتين أمام ما لم يعد يُحتمل».
وتمثل تصريحات ميرتس بداية انهيار جدار الدعم غير المشروط الذي لطالما تمتعت به إسرائيل في ألمانيا، ويعكس تحوّلًا عميقًا في الموقف الألماني، إثر الضربات الإسرائيلية المستمرة التي تحرك أزمة إنسانية، وتسقط ضحايا مدنيين وأطفال.