مع الاحتفال باليوم الوطني السعودي سلط السعوديون الضوء على بطولات غالية البقمية التي هزمت الأتراك
فيما تحتفل السعودية بيومها الوطني الـ90 ، تحت شعار "همة حتى القمة"، أعاد مغردون سعوديون تسليط الضوء على الملحمة البطولية للمناضلة السعودية غالية البقمية، التي سجلت موقفا بطوليا في مقاومة جيوش الأتراك، وهزمتهم، وألقت الرعب في قلوبهم.
واشتهرت غالية بمقاومة حملات محمد على باشا التي كانت تستهدف القضاء على الدولة السعودية الأولى، وبعد وفاة زوجها، قادت الرجال نحو النصر على الغزاة في معركة "تربة" الشهيرة عام 1228 هـ.
ولم يكتف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بإنصاف المرأة السعودية التي حققت في عهده مكاسب وإنجازات تاريخية عززت مكانتها، في حياتها فقطـ، بل انتصر لنضال المرأة السعودية بإبرازه والاحتفاء به وتخليده.
تكريم تاريخي
وفي هذا الصدد قامت وزارة التعليم السعودية العام الماضي، بإدراج سيرة المناضلة غالية البقمية وخلدت ذكرى بطولتها في المعركة التي هزمت فيها العثمانيين ضمن منهج مادة الدراسات الاجتماعية للصف السادس الابتدائي.
ومع الاحتفال باليوم الوطني السعودي، سلط السعوديون الضوء على بطولاتها، بتغريدات على" تويتر"، داعين إلى استلهام العبر من همتها العالية في حب بلادها والذود عنها.
فمن هي غالية البقمية التي ألقت الرعب في قلوب الأتراك، وأشاد بها المؤرخون، وخلدتها السعودية في مناهجها الدراسية، ويستلهم السعوديون من همتها العالية خلال الاحتفال باليوم الوطني؟.
بطولات لا تنسى
هي غالية بنت عبدالرحمن بن سلطان بن غربيط الرميثانية البدرية الوازعية البقمية، من قبيلة "البقوم" الساكنة على حدود الحجاز ونجد، إحدى أعرق قبائل جزيرة العرب حسباً ونسباً، وهي زوجة حمد بن عبدالله بن محيي، أمير الدولة السعودية الأولى بمدينة "تربة البقوم" في غرب الجزيرة العربية.
واشتهرت غالية البقمية ببسالتها وشجاعتها ومقاومتها لحملات الغزو التركي بقيادة محمد على باشا، التي كانت تستهدف القضاء على الدولة السعودية الأولى وذلك في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي (الثالث عشر الهجري).
ويرجح بأنّ ميلادها كان في الربع الأخير من القرن الثاني عشر الهجري، ويشير بعض المؤرخين إلى أنها كانت في متوسط العمر خلال حملة محمد علي باشا على مدينة "تربة".
وتعددت روايات المؤرخين حول قصة غالية وبطولاتها، إلا أن مضمونها بالمجمل هو انتصاراتها على جيش الأتراك، وهذا لم يختلف عليه أحد.
ففي عام 1228 هجريا قام طوسون، نجل محمد علي باشا، بالإغارة على مدينة تربة بين الحجاز ونجد، في هذه الأحداث كان زوجها الأمير ابن محيي مريضا، وكانت غالية هي التي توصل خطط المعركة لقادة البقوم في بيت الأمير، وتم النصر للبقوم وانهزم طوسون ومن معه، وقتل أكثر جنده.
وفي عام 1229 عاد مصطفى بك وقيادة طوسون باشا وعابدين بك، وقاموا بغزو تربة، لكن غالية واصلت الخطط للقادة زعماء ومشايخ البقوم ودامت المعركة ثلاثة أيام.
وعلى إثر ذلك تم هزيمة طوسون ورجاله، وكان زوج غالية قد توفي عند بداية المعركة الثانية سنة 1229هـ، فأخفت خبر وفاته عن الجيش، وبدأت تصدر الأوامر على لسانه حتى تم النصر للبقوم.
وتصف الدكتورة دلال الحربي، في كتابها "نساء شهيرات"، كيف وقفت غالية البقوم ببسالة منقطعة النظير، وانقضت بجيشها على فرقة المدفعية في قوات مصطفى بك، وأجبرتها على الفرار.
ونتيجة ذلك انسحب مصطفى بفلوله مخلفاً وراءه مدافعه وذخيرته التي غنمها السعوديون، فيما حدا بالعثمانيين بوصفها بـ"المرأة الساحرة".
ترعب الأتراك
ويصفها الرحالة والمؤرخ السويسري يوهان لودفيك بركهارت، في كتابه "ملاحظات عن البدو والوهابيين" بقوله:" كان بعض البقوم العرب من الرعاة وبعضهم من المزارعين، ترأسهم أرملة تدعى غالية، وكان زوجها أحد كبار رجال تربة، وتمتلك غالية ثروة أكثر من أي عائلة عربية، في الحي أغدقت الأموال والمؤن على جميع فقراء قبيلتها المستعدين لمحاربة الأتراك".
ويضيف بركهارت: "كان اسم غالية قد انتشر في سائر أنحاء البلاد، بعد أول هزيمة اعترت مصطفى بك بالقرب من تربة، وسرعان ما تعززت مخاوف الجنود الأتراك من نفوذها وهيمنتها".
وبعد أن وضعت الحرب أوزارها فقد اختلف المؤرخين في مصير غالية وما آل إليه أمرها، فمنهم من قال إنها ذهبت إلى الدرعية وأقامت بها، وسارت قافلتها على ثمانية وعشرين جملاً محملين بالزاد والذهب والفضة.
لكن آخرين قالوا إنها عادت إلى مسقط رأسها تربة وأقامت في قصرها الواقع على طريق تربة الطائف، فيما لم يذكر المؤرخون شيئا آخر عن نهاية المرأة المناضلة التي ملأت قلوب خصومها رهبةً وخوفاً.