عجز خطير بالمطارات العالمية.. لماذا تناقص عدد موظفي صيانة الطائرات؟
يعاني مجال الصيانة في قطاع الطيران العالمي من نقص في العمالة المؤهلة يصل إلى حوالي 24 ألف فنّي في أمريكا الشمالية وحدها.
ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى حوالي 40 ألفاً بحلول العام 2028، وفق دراسة أجراها مكتب أوليفر وايمان للاستشارات الإدارية، الذي حذر من نقص "مستدام" في هذا المجال.
وتوظف شركات الصيانة البالغ عددها حوالي 4 آلاف شركة في الولايات المتحدة حوالي 185 ألف فنّي ومهندس صيانة طائرات، أي حوالي 44 في المئة من الإجمالي العالمي، وفقاً لاتحاد محطات إصلاح الطائرات المدنية (ARSA).
- صناعة الموضة.. 5 علامات تقود مبيعات الأزياء الراقية
- ثاني أكبر اقتصاد في العالم على مسار التعافي.. انتعاشة صناعية
وبحسب دراسة أجراها مكتب أوليفر وايمان، من المتوقع أن ينمو الأسطول العالمي للطائرات بمقدار الثلث بحلول العام 2030، ليتجاوز 36400 طائرة تجارية.
وفي السياق، من المتوقع أن يشهد مجال الصيانة والإصلاح والعمليات نمواً بنسبة تناهز 20 في المئة ليصل إلى 124 مليار دولار.
غير أنّ هذا القطاع يواجه مشاكل عديدة، خصوصاً أنّ وباء كوفيد تسبّب في تقاعد العديد من الموظفين، بينما قام آخرون بتغيير وظائفهم.
ويعني ذلك النقص في عدد الموظفين، أنّ مدرسة الطيران الشهيرة الواقعة في لونغ آيلاند بالقرب من نيويورك، لن تتمكّن من ملئه على الرغم من عدد طلّابها البالغ ألفي طالب.
ويقول ستيفن جاكسون مدير المدرسة المتخصّصة والأقدم في الولايات المتحدة "لا أعتقد أنّ المدارس الثانوية للطيران ستكون قادرة على تدريب عدد كافٍ من الأشخاص"، مضيفاً "نحن واحدة من أكبر المدارس وسيكون من الصعب علينا أن نمضي أبعد من ذلك".
صناعة عظيمة
تقوم هذه المدرسة التي تعدّ واحدة من 28 مدرسة معتمدة من قبل وكالة الطيران المدني الأمريكية، بتدريب موظفي صيانة مستقبليين يمكنهم العمل مباشرة بعد الدراسة فيها التي تعادل الدراسة الثانوية، أو يمكنهم الاستمرار في الدراسة الجامعية.
ويوضح جاكسون أنّ "سوق العمل جيّدة في الوقت الحالي، والرواتب مرتفعة جداً، لذا، سيدخل مزيد من الأشخاص هذه السوق".
من جهتها، تقول فريحة رحمن، لوكالة فرانس برس، أثناء وجودها في مستودع لصيانة الطائرات تابع لشركة "جيت بلو" (JetBlue)، خلال أسبوع مخصّص لاستكشاف عمل هذه الشركات، إنّ "العمل في مجال الصيانة يوفّر فرصاً كثيرة، والقدرة على التعرّف الى أشخاص جدد".
وتورد زميلتها غابي مورينو (15 عاماً) "إنّها صناعة رائعة، هناك العديد من الوظائف المختلفة، والعديد من المزايا الاجتماعية، وفرص للحصول على تخفيضات في الرحلات الجوية وعلى منتجات أخرى".
وفقاً لباسكال فابر المتخصّص في القطاع في شركة "أليكس بارتنرز" (Alix Partners)، فإنّ أحد "التحدّيات يتمثّل في القوى العاملة وتدريب فنيّي الصيانة، وهو ما يجب تسريعه".
ولتعزيز جاذبية قطاع صيانة الطيران، أصدر الكونغرس قانوناً في العام 2018 يسمح لإدارة الطيران الفيدرالية بتقديم إعانات مالية.
وبذلك، تمّ تخصيص 13,5 مليون دولار في بداية شهر مارس/آذار الماضي لاثنتين وثلاثين مدرسة، من بينها عشرون مدرسة متخصّصة في تدريب فنيي صيانة الطائرات.
وبحسب الهيئة التنظيمية، انخفض عدد الأشخاص الذين يعملون في مجال صيانة الطائرات بحوالى 20 ألف شخص مقارنة بما كان عليه قبل الوباء.
وفي السياق، يحذر مكتب أوليفر ويمان من أنّ "النقص المستدام يمكن أن يحدّ من نمو الصناعة" ككل، "لأنّ هذه الوظائف أساسية" لعمل قطاع الطيران.
تدريب "سريع"
في توقعاتها لفترة 2023-2042، تشير بوينغ إلى أنّ الطلب على الموظفين المؤهلين سيبقى "كبيرا"، في ظلّ الحاجة إلى 690 ألف موظف صيانة جديد في قطاع الطيران التجاري العالمي (الطائرات التي تحتوي على أكثر من ثلاثين مقعداً) خلال هذه الفترة.
من جهته، يوضح فابر أنّه "في ظل التأخير في عمليات التسليم من الشركات المصنّعة للطائرات، يتمّ استخدام طائرات قديمة لفترة أطول، الأمر الذي يتطلّب مزيدا من عمّال الصيانة".
بالنسبة لشركتي تصنيع الطائرات بوينغ وإيرباص، فإنهما ملتزمتان بالكامل بصفقات لبيع الطائرات حتى نهاية العقد، بينما تتراكم عندهما التأخيرات.
في المقابل، يزداد طلب شركات الطيران على الطائرات الجديدة، انطلاقاً من حرصها على تلبية الطلب القوي للمسافرين والحصول على أساطيل تستهلك وقوداً أقل.
ويشير مكتب أوليفر ويمان إلى أنّ "الضغط من أجل الإنتاج بالتوازي مع لجوء الكثير من الموظفين إلى التقاعد أو مغادرة العمل، قد يكون ساهم في بعض المشاكل المرتبطة بمراقبة الجودة التي يعاني منها القطاع".
ووفقاً للعديد من الخبراء، فقد أدت عمليات المغادرة هذه إلى عدم انتقال المعرفة والخبرات من الفنيين القدامى الى نظرائهم الجدد.
ومنذ العام الماضي، عانت شركة بوينغ من العديد من المشكلات والحوادث المتعلّقة بالإنتاج.
وتسبّب تراكم المشاكل بمغادرة رئيس الشركة المصنّعة للطائرات ديف كالهون، المقرّر في نهاية العام 2024 وإجراء تعديل في الإدارة.
وعُيِّن كالهون للنهوض مجددا بشركة بوينغ بعد تحطّم طائرتين بسبب عيوب في التصميم في العامين 2018 و2019، ما أسفر عن مقتل 346 شخصا.
aXA6IDMuMTUuNy4yMTIg جزيرة ام اند امز