قالت خدمة كوبرنيكوس لمراقبة تغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي (سي.3.إس)، اليوم الثلاثاء، إن مارس الماضي كان أكثر شهور العام سخونة.
على الإطلاق، ليتصدر سلسلة من عشرة أشهر سجل فيها كل شهر رقما قياسيا جديدا في درجات الحرارة.
وذكرت خدمة كوبرنيكوس في نشرة شهرية أن كل شهر من الأشهر العشرة الماضية كان الأكثر سخونة في العالم على الإطلاق مقارنة بالشهر المقابل في السنوات السابقة.
وقالت (سي.3.إس) إن الشهور الاثني عشر المنتهية في مارس/آذار صنفت أيضا على أنها الفترة الأكثر سخونة التي تم تسجيلها على كوكب الأرض على الإطلاق.
وكان متوسط درجات الحرارة العالمية في الفترة من أبريل/نيسان 2023 إلى مارس/آذار 2024 أعلى بمقدار 1.58 درجة مئوية مقارنة مع المتوسط في فترة ما قبل الثورة الصناعية بين عامي 1850 و1900.
وقالت سامانتا بيرجيس نائبة رئيس خدمة كوبرنيكوس لرويترز "الاتجاه نحو تسجيل مستويات قياسية على المدى الطويل هو ما يثير قلقنا الشديد".
وكان عام 2023 هو العام الأكثر سخونة على كوكب الأرض في السجلات العالمية التي يعود تاريخها إلى عام 1850.
وقالت خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ إن السبب الرئيسي للارتفاعات القياسية في درجات الحرارة، هو غازات الاحتباس الحراري التي يسببها الإنسان، ومن العوامل الأخرى التي تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة ظاهرة النينيو، وهو نمط في الطقس يؤدي لسخونة المياه السطحية في شرق المحيط الهادئ.
وبلغت ظاهرة النينيو ذروتها في الفترة من ديسمبر/كانون الأول إلى يناير/كانون الثاني بينما تراجعت الآن، وهو ما قد يساعد على انكسار درجات الحرارة المرتفعة قرب نهاية العام.
وقالت فريدريكه أوتو، عالمة المناخ في معهد جرانثام بجامعة إمبريال كوليدغ في لندن، إن الفشل في الحد من هذه الانبعاثات سيؤدي لاستمرار رفع درجات حرارة الكوكب، ما يسفر عن مزيد من حالات الجفاف الشديدة وموجات الحر والحرائق والأمطار الغزيرة.
مستوى قياسي مطلق للمحيطات
أما حرارة المحيطات فهي أعلى منذ أكثر من عام من كل ما هو مدون في السجلات حتى الآن، وتغطي المحيطات 70% من مساحة الأرض، وتلعب دورا كبيرا في ضبط المناخ.
وسُجل في مارس/آذار 2024 مستوى قياسي مطلق بين كل الأشهر، مع معدل حرارة بلغ 21,07 درجة مئوية على سطح المحيطات باستثناء المناطق القريبة من القطبين، على ما أفاد مرصد كوبرنيكوس.
وأشارت بورغس إلى أن "هذا الوضع غير معهود بتاتا"، ويهدد ارتفاع الحرارة الحياة البحرية ويؤدي إلى مزيد من الرطوبة في الجو، ما ينعكس أحوالا جوية أقل استقرارا مع رياح عنيفة وأمطار غزيرة، ويؤدي ذلك أيضا إلى تراجع في امتصاص غازات الدفيئة في البحار، وهي آبار كربونية تخزن 90% من فائض الطاقة الناجم عن النشاط البشري.
جفاف وفيضانات
وأضافت العالمة "كلما زادت حرارة الجو في العالم كلما كثرت الظواهر القصوى، وباتت أكثر حدة وكثافة". وذكرت خصوصاً "موجات الحر والجفاف والفيضانات وحرائق الغابات".
ومن بين الأمثلة الأخيرة، النقص الحاد في المياه في فيتنام وكاتالونيا وأفريقيا الجنوبية، فبعد ملاوي وزامبيا تهدد المجاعة 2,7 مليون شخص في زيمبابوي التي أعلنت حالة الكارثة الوطنية، وبدأت بوغوتا تقنين مياه الشرب فيما تهيمن المخاوف من حصول نقص، على الحملة الانتخابية في المكسيك.
في المقابل، شهدت روسيا والبرازيل وفرنسا فيضانات كبيرة، إلا أن تأثير التغير المناخي على كل ظاهرة من هذه الظواهر، يجب أن يثبت في دراسات علمية، لكن ثبت من الآن أن الاحترار المناخي من خلال زيادة التبخر والنتح والرطوبة المحتملة في الجو، يفاقم من حدة المتساقطات أحيانا.
نهاية إل نينيو دون مستويات قياسية
منذ يونيو/حزيران تعاني الأحوال الجوية العالمية من تأثيرات ظاهرة إل نينيو الطبيعية التي تؤدي إلى ارتفاع الحرارة.
وقد بلغت هذه الظاهرة ذروتها في ديسمبر/كانون الأول، لكنها ستستمر في جعل الحرارة القارية فوق المعدل الطبيعي حتى مايو/أيار، على ما تتوقع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
لكنها أشارت أيضا إلى احتمال أن تسجل الظاهرة المعاكسة، إل نينيو، "في وقت لاحق من السنة الحالية" بعد ظروف محايدة بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران.
ورجحت بورغس تسجيل مستويات قياسية جديدة "في حال استمرار تسجيل هذا المستوى من الحرارة على سطح المحيطات".
تسارع رهيب؟
هل تتجاوز هذه المستويات القياسية التوقعات؟ يدرس علماء المناخ هذه المسألة بعد تسجيل عام 2023 مستويات غير معهودة، وكان أكثر السنوات حرا على الإطلاق، وقالت بورغس إن العلماء يمكنهم تفسير الحرارة الإضافية "جزئيا وليس بالكامل".
وأوضحت "يقع عام 2023 ضمن التوقعات الواردة في النماذج المناخية لكن عند حدودها القصوى".
انبعاثات متزايدة
وزاد في 2023 كذلك، تركز ثاني أكسيد الكربون في الجو فضلا عن الميثان وأحادي أكسيد النيتروجين، وهي غازات الدفيئة الرئيسية الناجمة عن النشاط البشري حسب تقديرات نشرتها الجمعة الوكالة الأمريكية للمراقبة المحيطات والغلاف الجوي (نوا).
وبلغ تركز ثاني أكسيد الكربون 419,3 جزءا في المليون خلال سنة 2023، أي بزيادة قدرها 2,8 مقارنة بعام 2022.
وأفاد برنامج "كاربون مونيتور" بأن الانبعاثات العالمية من ثاني أكسيد الكربون في 2023، لم ترتفع سوى بنسبة 0,1% مقارنة بعام 2022، لتصل إلى 35,8 جيغاطن.
aXA6IDUyLjE1LjM3Ljc0IA== جزيرة ام اند امز