مماثلة لـ«هيروشيما».. تغير المناخ يضرب المحيطات بـ25 مليار قنبلة ذرية
ارتفاع درجات حرارة المحيطات والبحار يهدد 90% من الكائنات البحرية
التغيرات المناخية لا تؤثر على سطح الكرة الأرضية فقط، لكنها تمكنت من اختراق المحيطات والبحار العميقة.
إعادة تشكيل النظام البيئي البحري
أهم ما كشف عنه "التحولات التي يحركها المناخ في نطاقات الأنواع البحرية: التوسع من الكائنات الحية إلى المجتمعات"، والذي استمر العمل فيه طيلة العشرة سنوات الماضية، إن التغيرات المناخية وحالة الاحترار العالمية أسهم في ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات والبحار، وبشكل لم تعتد علية الكائنات البحرية من قبل، وأن الارتفاع المستمر لدرجات الحرارة أجبر أكثر من 25 ألف نوع بحري إلي الهروب إلي بيئات أخرى أعمق من المياه، بحثاً عن مناطق أكثر برودة من سطح المياه.
الكارثة الحقيقية، والتي كشف عنها التقرير، أن الخطورة تلك الهجرات الجماعية، ليس في انتقال الكائنات البحرية إلي الأعماق، ولكن في إعادة تشكيل النظام البيئي البحري لمساحات هائلة من المحيطات والبحار، مبينة أن انتقال عشرات الآلاف من الكائنات البحرية سيؤدي إلى انتقال أنظمة بيئية كاملة إلى أعماق المحيطات والبحار، وأن تلك التغيرات ستهدد 90% من الكائنات البحرية على مستوى العالم، وبالتالي تهديد الحياة على سطح الكرة الأرضية.
"البحار والمحيطات تتأثر بالتغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة بشكل أكبر وأسرع من اليابسة، فالمحيطات كمسطحات شاسعة تمتص كميات هائلة من الاحتباس الحراري".. كانت تلك الإجابة المقنعة التي قدمها تقرير المراجعة السنوية للعلوم البحرية، فالمحيطات والبحار تسهم بشكل كبير في امتصاص الحرارة الزائدة ما يسهم في تلطيف المناخ، ولكن نتيجة الانبعاثات الكربونية الملوثة، التي أدت إلى التغيرات المناخية وحالة الاحترار الأرضي، قامت البحار والمحيطات خلال النصف القرن الأخيرة باستقبال نحو 396 زيتاغول من الحرارة، وهو ما يعادل الطاقة الناتجة عن 25 مليار قنبلة ذرية علي هيروشيما.
حجم التأثيرات السلبية على الثروة السمكية
تقرير "المراجعة السنوية للعلوم البحرية" تناول البحار والخلجان العربية، التي تأثرت بفعل التغيرات المناخية، وطبقا لوصفه تُعد البيئة البحرية العربية واحدة من أغنى البيئات البحرية بالثروة السمكية والثروات الحية المختلفة، لطول سواحلها التي تقترب من 30 ألف كيلومتر، ولكنها في الوقت نفسه تضم أهم الممرات التجارية والنفطية في العالم، ما أثر على بيئتها الطبيعية، وهو ما أكدته دراسة كلية تكنولوجيا المصايد والأسماك بجامعة أسوان -جنوب مصر-، التي جاءت تحت عنوان "بعض الآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية للتغير المناخي على الثروة السمكية بشقيها الاستزراع السمكي وقطاع المصايد"، وأظهرت حجم التأثيرات السلبية التي تحدثها التغيرات المناخية على الثروة السمكية.
دراسة كلية تكنولوجيا المصايد والأسماك بجامعة أسوان، طالبت بضرورة التكيف مع التغيرات المناخية وتأثيراتها السلبية، وأهمية أن يكون لدى مصر والدول العربية إدارة متخصصة للأزمات البحرية، ووضع الخطط والسياسات والاستراتيجيات المختلفة للتعامل مع التغيرات المناخية من أجل محاولة إنقاذ البيئات البحرية المحيطة بالعالم العربي، باعتبارها أحد أهم الموارد الاقتصادية للعالم العربي.
- مشروع الدلتا الجديدة.. «سلة غذاء» بحجم مصر
- أين تذهب مياه محطة فوكوشيما النووية؟.. أزمة متجددة بين الصين واليابان
من جانبها أكدت الدكتورة سحر فهمي مهنا، رئيس شعبة المصايد بالمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد، أن الاضطراب في درجات الحرارة يؤثر على فسيولوجيا الأسماك ومسببات الأمراض، وهو ما يؤدي إلى زيادات كبيرة في الإصابة بالأمراض الفيروسية والبكتيرية والفطرية والطفيلية داخل أنظمة تربية الأحياء المائية، كما أن ارتفاع درجات الحرارة يمكنه أن يؤثر سلبياً علي تزايد درجة ملوحة البحار، موضحة أن تلك التأثيرات يمكن أن تؤثر على الثروة السمكية، سواء بموت الكثير من الأنواع البحرية، أو بهجرة بعض الأنواع المائية الأخرى بحثا عن بيئة صالحة مثل البوري والبلطي.
"مراكز البحوث العربية يجب أن يكون لها دور من أجل حماية بيئاتنا البحرية العربية".. بعبارة حاسمة أجابت الدكتورة سحر فهمي مهنا، عن الحل لمواجهة تلك الأزمة، مطالبة بأهمية التركيز علي عمل دراسات بحثية لإنتاج سلالات من الأسماك القادرة علي مقاومة التغيرات المناخية، على أن يتم ذلك بالتعاون بين جميع القطاعات الجهات المختلفة، من وزارات وجامعات ومراكز بحثية، بالإضافة إلى سرعة توعية المجتمعات العربية بخطر التغير المناخي علي البيئة البحرية، مبينة في الوقت نفسه أن التجارب التطبيقية أظهرت أن إضافة العديد من المكملات الغذائية الطبيعية وبعض النباتات الطبية مثل المورينجا والنيم، كان له دور كبير في تقوية الجهاز المناعي للأسماك والأحياء البحرية المختلفة، وهو ما أدى إلى تحسين قدرة تلك الكائنات البحرية على مقاومة التغيرات المناخية.