عولمة السلع.. نظرة للخلف بسبب أزمة سلاسل الإمدادات
من كان يعتقد أن الحرب الروسية في أوكرانيا بشرق أوروبا، ستؤثر في بلد مثل السودان أو اليمن وفلسطين، أو حتى سريلانكا في أقصى شرق العالم.
اليوم، يشهد الاقتصاد العالمي الذي تحول إلى جسد واحد بفعل العولمة التي طالت مختلف الاقتصادات الفقيرة والمتقدمة والناشئة، حالة من الارتباك بسبب حرب بين روسي وأوكرانيا.
هذه الحرب، تضيف المزيد من الأشواك في طريق سلاسل التوريد العالمية؛ إنها تؤثر في صناعات تتراوح من أشباه الموصلات إلى السيارات إلى الغذاء.
- الذكاء الاصطناعي مفتاح لـ"غرف حرب" سلاسل الإمداد
- سلاسل الإمداد وشركات التأمين.. أسعار الشحن تلهب 7 سلع استراتيجية
وعلى ما يبدو، فإنه بات من المؤكد أن هذه الحرب ونتائجها على حركة السلع حول العالم، ستسرع التحول من المصادر العالمية إلى الإقليمية، أو الانتقال من العولمة إلى التكتل في مجموعات دولية.
وتعد الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات المفروضة على موسكو، أدت إلى عمليات الإغلاق الجديدة المرتبطة بالوباء في الصين أحدث الأحداث التي هزت سلاسل التوريد العالمية.
اليوم بدأت الدول والشركات العابرة للقارات، تبحث تقليل اعتمادها على الغير، ضمن جهود الاكتفاء الذاتي في توفير مختلف مواد الخام اللازمة للصناعات التي تنشط بها، لمنع أية مؤثرات على هذه الإمدادات.
لكن محاولات بقاء إنتاج الشركات لكفاية الاقتصاد العالمي وبالتالي ازدهارها، سيكون على المحك، لأن بلدان مثل الولايات المتحدة مثلا، لا تملك اكتفاء ذاتيا في توفير أشباه الموصلات.
ويعني ذلك، أن الاكتفاء الذاتي قد يقابله تقليص في إنتاج السلع النهائية، حتى تتواءم مدخلات الإنتاج مع ما يتم تصنيعه داخل هه الدول.
وهنا، أصبحت عولمة السلع أو نسبة انكشاف الشركات على الخارج عامل ضعف يقوض جهود سنوات أو عقود من التطور لها، ما يعني أنها أمام احتمالين اثنين.
الأول، بقاء هذه الشركات أسيرة الأزمات العالمية وتذبذب سلاسل إمدادات السلع مع كل أزمة عالمية، أو التحول إلى إنتاج كل ما له علاقة بالسلعة النهائية، ولكل خيار تكاليف باهظة الثمن.
اليوم يعاني العالم من أزمة نقص أشباه الموصلات مجددا، لا لأن هناك ارتفاعا عالميا، بل لأن أوكرانيا تواجه صعوبة في استمرار تشغيل أحد المصانع اللازمة لإنتاج غاز النيون، الهام في تصنيع أشباه الموصلات.
الواقع يقول إن العالم شهد زيادة في اعتماده على الصين خلال العقد الماضي، إذ نما الإنتاج الصناعي في الصين بنسبة 21% بينما ارتفع إنتاج الولايات المتحدة بنسبة 13%.
وفي عام 2019، قبل الوباء مباشرة، شكلت الصين 28.7% من الناتج الصناعي العالمي بينما شكلت الولايات المتحدة 16.8%.
في تقرير لـ "هارفارد بزنس"، أورد أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، دفع الشركات في مجموعة متنوعة من الصناعات - بما في ذلك أشباه الموصلات والسيارات والمعدات الطبية - قد تحولت، أو خططت لتحويل جزء من سلاسل التوريد الخاصة بها محلية "إعادة التوطين".