«الذهب السعيد» في زمن المخاطر.. المعدن النفيس يكشف أزمات العالم
على مدار العام الماضي، تهافت معظم المستثمرين على الذهب مما دفع سعره إلى الارتفاع بنسبة 38% إلى أكثر من 2700 دولار للأوقية، وهو أعلى مستوى قياسي.
ووفقا لتقرير نشرته مجلة الإيكونوميست، في حين يتجاهل المستثمرون المحترفون المعادن الثمينة غالبا إذ لا تنتج دخل، يهتم آخرون بهذا المعدن النفيس.
ومن بين المستثمرين المؤسسيين الأمريكيين الذين يديرون أكثر من 100 مليون دولار من الأصول، أفاد ربعهم فقط بامتلاك أسهم في صناديق الذهب المتداولة في البورصة، وفقاً لديرك باور ولاي هوانج من جامعة غرب أستراليا.
ولا يوجد سوى 1.5% من أصول مثل هذه الشركات في الذهب. وكل هذا يساعد في تفسير سبب فشل الحيازات في صناديق الذهب المتداولة في البورصة في الارتفاع، حتى مع ارتفاع سعر المعدن.
ومع ذلك، لا يزال يشجع العرض الثابت نسبيا للذهب وشعبيته التاريخية المستثمرين على الاعتقاد بأنه قادر على حمايتهم من ارتفاع الأسعار والسياسات الخاطئة.
آسيا
وفقا لبيانات شركة كامبدن ويلث، يأتي الطلب على الذهب من آسيا. وتشكل الصين والهند خمس الناتج الاقتصادي العالمي، ومع ذلك فإنهما تشكلان نصف مشتريات المستهلكين من الذهب. أما المواطنين الألمان والسويسريين، فهم الأوروبيون الوحيدون الذين يشعرون بنفس القدر من الرغبة في امتلاك الذهب.
أما شغف الصينيين والهنود بالذهب فهو آخذ في النمو ففي الصين دفعت أزمة العقارات المواطنين الذين لديهم رأس المال إلى البحث في أماكن أخرى. وارتفعت مشتريات سبائك الذهب والعملات المعدنية بنسبة 44% في العام حتى يونيو/حزيران مقارنة بالأشهر الاثني عشر السابقة. ومع ازدياد ثراء الهند، أصبح المزيد من الناس قادرين على شراء الذهب.
ومن بين العوامل التي دفعت إلى ذلك هو الإقراض المدعوم بالذهب. فقد شهدت شركة موثوت فاينانس، وهي واحدة من هذه الشركات المقرضة، ارتفاع سعر سهمها إلى 3 أمثاله تقريبا على مدى السنوات الخمس الماضية.
البنوك المركزية
ولكن هناك فئة أخرى من المستثمرين هي التي دفعت لهذا الارتفاع الأخير فى الذهب.. هؤلاء هم مديرو الاحتياطي في البنوك المركزية. فقد انخفضت حصة الذهب في احتياطيات البنوك المركزية لعقود من الزمن، من نحو 40% في عام 1970 إلى 6% فقط في عام 2008.
ولكن في الآونة الأخيرة، ارتفعت حصته بشكل مطرد، حيث ارتفعت إلى 11% في العام الماضي، وهو أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقدين من الزمان.
وكانت حرب أوكرانيا، وتجميد احتياطيات روسيا من العملات الأجنبية في وقت لاحق، لحظة محورية. فقد أظهر لمديري الاحتياطيات أنه إذا تم وضع بلادهم تحت العقوبات، فلن تكون سندات الخزانة الأمريكية وغيرها من الأصول الآمنة المفترضة المقومة بالعملات الغربية ذات فائدة.
ومنذ بداية عام 2022، اشترت السلطات النقدية في الصين وتركيا والهند 316 و198 و95 طناً من الذهب على التوالي، وفقاً لمجلس الذهب العالمي .
وبدلاً من الاستثمار في صناديق الاستثمار المتداولة، تعمل البنوك المركزية في الغالب على تكديس الذهب المادي، والتأكد من وجوده في متناول اليد: فكما تواجه الأصول المالية احتمال المصادرة، فإن الذهب المحتفظ به في الخارج يواجه نفس المشكلة.
على سبيل المثال، رفضت الحكومة البريطانية إعادة عشرات الأطنان من الذهب إلى فنزويلا، لأنها لا تعترف بنيكولاس مادورو كزعيم شرعي.
وليست كل البنوك المركزية التي تستحوذ على الذهب لديها علاقات صعبة مع الغرب. وقد جمع البنك المركزي السنغافوري 75 طنًا منذ بداية عام 2022. كما رفع البنك المركزي البولندي حيازاته بمقدار 167 طنًا خلال نفس الفترة كجزء من استراتيجية للاحتفاظ بنسبة 20٪ من الاحتياطيات في الذهب.
طلب مستمر
ويبدو أن الطلب من البنوك المركزية من غير المرجح أن ينخفض في أي وقت قريب. ففي استطلاع للبنوك المركزية أجرته شركة إنفسكو مانجمنت هذا العام، لم يتوقع أي من البنوك المركزية تقليص مخصصاتها من الذهب في السنوات الثلاث المقبلة، بل توقعوا زيادتها. ومن بين محافظي البنوك المركزية، يرى 70% أنه بمثابة تحوط ضد التضخم.
ويساعد الطلب من البنوك المركزية، في تفسير في سبب انهيار علاقة الذهب بأسعار الفائدة. وعادة ما يكون أداء المعدن سيئا عندما تكون العائدات الحقيقية على السندات الحكومية الآمنة مرتفعة، مما يعني أنها توفر عائدا قويا حتى بعد التضخم. وعندما تكون العائدات على السندات الأكثر أمانا منخفضة، يميل الذهب إلى الارتفاع.
وقد يشتري المستثمرون الأثرياء المزيد من الذهب أيضاً. ولكن بالنسبة لموردي الذهب فإن الهدف الحقيقي هو المستثمرون المؤسسيون: فجلب جزء ضئيل فقط من عشرات التريليونات من الدولارات التي يديرونها سيكون بمثابة نعمة ضخمة.
aXA6IDMuMTQ1LjEwOC40MyA= جزيرة ام اند امز