القمة العالمية للحكومات تكشف مفارقات الجائحة.. وظائف ماتت وأخرى ولدت
أكد تقرير معرفي صادر عن مؤسسة القمة العالمية للحكومات أن جائحة فيروس كورونا المستجد كوفيد-19، تسببت في فقدان ملايين الوظائف حول العالم.
كما أظهر التقرير أن الجائحة تسببت في ضياع 8.8% من إجمالي ساعات العمل، أو ما يعادل 225 مليون وظيفة ثابتة، لكنه لفت إلى أنه بموازاة التغييرات العميقة في أنماط الأعمال وطبيعتها، بدأ العالم يشهد تطور قطاعات اقتصادية جديدة تواكب فرصاً اقتصادية نوعية قادرة على إنتاج وظائف نوعية جديدة.
اقتصاد المهارات
وأوضح التقرير، الذي أَعدته المؤسسة بالشراكة مع شركة "برايس ووتر هاوس كوبرز" بعنوان: "كيف يمكن للحكومات تحويل تحديات سوق العمل إلى فرص في العصر الرقمي والأخضر: إطلاق العنان لاقتصاد المهارات لإلهام وتمكين الجيل القادم من الحكومات"، أن التقديرات تشير إلى أن نحو 30٪ من الوظائف معرضة بشكل كبير لخطر الأتمتة وقد يكون هذا الخطر أعلى بكثير في بعض الدول.
وقال محمد يوسف الشرهان نائب مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات: أحدثت جائحة كورونا تغييرات عميقة مازالت آثارها واضحة في الاقتصاد العالمي، وكذلك في أنماط العمل وطبيعته ومفاهيم خلق القيم الاقتصادية، وقد أدت هذه الآثار إلى تطور في مفهومنا عن الوظائف ودورها في أمن سلاسل الإمداد وتحقيق الأمن الغذائي والصحي والتقني للمجتمعات.
وأضاف الشرهان: تواكب مؤسسة القمة العالمية للحكومات هذا الملف انطلاقا من دورها في تناول التحديات التي تهم الحكومات بهدف دعم صنّاع القرار عبر تزويدهم بالدراسات والأبحاث التي تضع البراهين والبيانات في خدمة عملية استشراف مستقبل مبني على المعرفة ويمكن خلاله إنتاج أنواع جديدة من الوظائف المستدامة التي تلائم اقتصاد المستقبل.
مهارات جديدة
من جهتها قالت رندا بحسون، شريك في بي دبليو سي الشرق الأوسط ومدير برنامج عالم جديد ومهارات جديدة: إن الوظائف والفرص التي يوفرها الاقتصاد المستدام والتحولات الرقمية تتطلب مهارات جديدة، حيث يحتاج الأشخاص إلى التكيف مع العمل جنبًا إلى جنب مع التقنيات الرقمية. إن العامل المشترك للقطاعات الجديدة الناشئة من الاقتصاد المستدام والتحولات الرقمية هي المهارات. وستتمتع البلدان التي تسرع في تطوير مفهوم "اقتصاد المهارات" حيث يكمل الأفراد والتقنيات المختلفة بعضهم البعض للابتكار، بميزة تنافسية وستكون قادرة على خلق فرصة قوية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة." وأضافت: من الضروري أن يكون هناك إجراءات مشتركة لإحداث تغيير مؤثر وفعال. حيث إن توحيد رؤى الحكومات لتكون متمركزة حول المهارات بهدف تنمية الاقتصاد وتبني طرق جديدة للإدارة سيكون أمرًا صعبًا، ولكن مع ذلك، يمكن تحقيقه.
خلق وظائف جديدة
وذكر التقرير أنه بينما تشكل الأتمتة مخاطر واضحة على الوظائف، فإن رقمنة العديد من الأنشطة الاقتصادية ستخلق أيضا وظائف جديدة وتتطلب مهارات جديدة، كما أن الذكاء الاصطناعي والروبوتات سيخلقان أيضا وظائف جديدة في اقتصاد أكثر خضرة ورقمنة من شأنه أن يعزز الإنتاجية ويوفر فرص عمل مرتبطة بالخدمات يصعب أتممتها.
وأشار إلى أن ضرورة التحرك نحو إزالة الكربون ستؤدي إلى فقدان الوظائف في قطاعات الطاقة والانبعاثات المكثفة، لكنها ستوفر أيضا فرصا في صناعات جديدة تتراوح من إنتاج الطاقة المستدامة وتخزينها إلى الاستخدام الفعال للموارد وإدارة النفايات.
وقدّر التقرير أن تطبيق الحلول الرقمية والذكاء الاصطناعي على التحول الأخضر يمكن أن يساهم بما يصل إلى 5.2 تريليون دولار أمريكي في الاقتصاد العالمي بحلول العام 2030، مع تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في جميع أنحاء العالم بنسبة 4٪.
وأوضح أن التقدم في مسار رفع مهارات العمال لا يزال بطيئا، ولا يصل إلى شرائح واسعة من المجتمع، مؤكدا أنه بمجرد سد الفجوات الحالية في المهارات، سيحصل الاقتصاد العالمي على 6.5 تريليون دولار أمريكي على الأقل بحلول عام 2030 من خلال زيادة الإنتاجية، مع توقع فوائد أوسع مع استمرار القوى العاملة الماهرة في الابتكار بشكل أكبر.
فرصة ذهبية
وشدد التقرير على أن لدى صانعي السياسات فرصة ذهبية لإطلاق اقتصاد المهارات، الذي يشعر فيه الأفراد بالقدرة على صقل مهاراتهم، وتمكينهم من خلال سوق العمل وأنظمة التدريب، مشيرا إلى أن سياسات المهارات ضرورية للمساعدة في زيادة المعروض من العمال المهرة، وداعيا إلى الحد من عدم تناسق المعلومات وتنسيق التدخلات من خلال تسهيل التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص.
وأكد التقرير قدرة الحكومات على أن تلعب دورا تحويليا في معالجة اختلال التوازن بين العرض والطلب من خلال المهارات والسياسات الصناعية، وقال: يمكن للحكومات القيام بدور نشط في العديد من المجالات: أولا عن طريق تحديد ونشر رؤية متمحورة حول المهارات للتنمية الاقتصادية مع التعلم مدى الحياة، وثانيا عبر تفعيل هذه الرؤية.
وأوصى التقرير بتطوير رؤية تركز على تطوير اقتصاد المهارات، حيث تُستخدم مواهب الأشخاص جنبا إلى جنب مع التكنولوجيا لتحقيق رخاء أكثر استدامة، وربط المهارات بفرص العمل من خلال دمج تنمية المهارات في استراتيجيات التنمية الأوسع.
وأكد أن قادة الحكومات يحتاجون إلى إنشاء بيئات مرنة وتعاونية، وقال: "نقطة البداية تكمن في تبني مبادئ الحوكمة الرشيقة مثل: الحوكمة الموجهة نحو الهدف، والحوكمة القائمة على البيانات، وابتكار السياسات.
منصة عالمية
الجدير بالذكر، أن القمة العالمية للحكومات ركزت منذ إطلاقها على تشكيل واستشراف حكومات المستقبل وبناء مستقبلٍ أفضل للبشرية، وساهمت في تأسيس منظومة جديدة للشراكات الدولية القائمة على إلهام واستشراف حكومات المستقبل.
وتطلق مؤسسة القمة العالمية للحكومات 20 تقريرا معرفيا معمّقا بالشراكة والتعاون مع أهم المؤسسات البحثية العالمية، تتناول مجموعة من أبرز المحاور التي تشغل أجندات حكومات العالم.