دبلوماسية الهيدروجين.. الإمارات تقود الطريق لخلق «ممر أخضر» إلى العالم
ترجمة مخرجات COP28.. توفير الهيدروجين بالسعر المناسب
تهدف دولة الإمارات إلى الاستحواذ على 25% من سوق الهيدروجين منخفض الكربون بحلول 2030.
في أول نتائج مباشرة لإعلان النوايا الذي تم توقيع 39 دولة عليه في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في دبي COP28 بشأن التعاون في مجال إنتاج الهيدروجين؛ حيث بدأت فرنسا خطوات فعلية في الانفتاح على واردات الهيدروجين من دولة الإمارات، وكشفت صحيفة لا تريبيون الفرنسية، أن ميناء لوهافر الفرنسي يبحث عن "ممر أخضر" لاستيراد الهيدروجين من دولة الإمارات العربية المتحدة؛ إذ تعمل فرنسا على تطوير دبلوماسية الهيدروجين.
هذه الخطوة تأتي كتأكيد وترجمة للتعهد العالمي في تعهدت "COP28" الذي وافقت عليه أكثر من 118 دولة بمضاعفة جهد العالم على الطاقة الثالثة ثلاث مرات بحلول عام 2030 لخفض حصة الوقود الأحفوري في إنتاج الطاقة.
دولة الإمارات تقود اتجاه عالمي لتوفير الهيدروجين بالسعر المناسب، لذا استطاعت أخذ موافقة 39 دولة أثناء مؤتمر الأطراف الشهر الماضي للتوقيع على إعلان نوايا لمتابعة الاعتراف المتبادل بخطط اعتماد الهيدروجين من أجل خفض التكلفة مع ربط الحوافز باستخدام الهيدروجين في الصناعات كثيفة الكربون.
كريس دانرادجو، نائب المدير العام للتطوير في ميناء هاروبا، زار دبي قبل عيد الميلاد مباشرة، في مهمة اقتصادية بقيادة رئيس منطقة نورماندي، لوضع الأساس لإمكانية إنشاء ممر "أخضر" لاستيراد الهيدروجين بين الإمارات العربية المتحدة وميناء لوهافر (الواقع في شمال فرنسا)، بما يساهم في تعزيز مكانة دولة الإمارات كمنتج ومصدر عالمي للطاقة النظيفة، وهو ما يتوافق مع توصيات تقرير " إيرينا" الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، لتطوير سلاسل الإمداد الجديدة كخطوة هامة في توسيع إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته.
ويشارك ميناء هاروبا - الهيئة العامة التي تدير الموانئ الرئيسية في باريس- في إنتاج الهيدروجين، كما يتضح من هذا المشروع مع شركة إنجي، حيث تقدر احتياجات فرنسا المستقبلية من الهيدرجين الأخضر نحو 300 ألف طن سنويا.
تقود عملية تطوير الهيدروجين
دولة الإمارات العربية ستكون من بين 6 دول تقود عملية تطوير الهيدروجين منخفض الكربون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفقا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي الشهر الماضي، "خريطة طريق التدابير التمكينية للهيدروجين الأخضر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".
دولة الإمارات حققت المركز الثاني عالمياً في مؤشر سرعة التحول نحو الطاقة النظيفة في 2023 وهو عام استضافت فيه (COP28)، وهذا يُعد كما قال وزير الطاقة والبنية التحتية بدولة الإمارات سهيل بن محمد المزروعي، رسالة واضحة لريادة الدولة في سرعة التحول عن طريق مشاريع الطاقة المتجددة النوعية.
الهيدروجين منخفض الكربون محركًا رئيسًا للنمو والتنويع الاقتصادي في دولة الإمارات، وهو مكمل لمزيج الطاقة الحالي في البلاد، حيث تمتلك طموحات تهدف إلى رفع القدرة الإنتاجية للهيدروجين إلى 1.4 مليون طن سنوياً بحلول عام 2031، أكثر من 70% منها عبارة عن هيدروجين أخضر، كما أعلن وزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي، وهذا سيرتفع إلى 15 مليون طن أو أكثر بحلول عام 2050.
عمليات التصدير الطموحة
وتهدف الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين 2050 لدولة الإمارات إلى تعزيز مكانة البلاد كمنتج ومورد للهيدروجين منخفض الانبعاثات بحلول عام 2031، وتعتمد هذه السياسات الطموحة على عمليات التصدير القائمة على الأمونيا إلى أوروبا وآسيا، وإزالة الكربون، والاستراتيجيات الجديدة في مراكز الهيدروجين، من قبل كبرى الشركات، مثل أدنوك، ومصدر، ومبادلة، وطاقة، حيث تهدف دولة الإمارات إلى الاستحواذ على 25% من سوق الهيدروجين منخفض الكربون بحلول 2030، مع توقّعات نمو الطلب 5 أضعاف من 2031 و2050، وتنويع الطلب من الهيدروجين المباشر والأمونيا.
خريطة طريق دولة الإمارات العربية المتحدة للريادة في مجال الهيدروجين، وهي خطة وطنية شاملة تهدف إلى دعم الصناعات المحلية منخفضة الكربون، والمساهمة في تحقيق الحياد المناخي وتعزيز مكانة الدولة كمصدر للهيدروجين، حث تتمتع الدولة بمزايا كبيرة في إنتاج الهيدروجين مثل توافر الطاقة الشمسيّة، وخزّانات الغاز الطبيعي المناسبة للهيدروجين الأزرق، والبنية التحتية القائمة للطاقة، والشراكات التجارية.
"مصدر" قد أعلنت أنها تستهدف إنتاج 100 غيغاواط من الطاقة المتجددة ومليون طن من الهيدروجين الأخضر سنوياً بحلول عام 2030؛ حيث تشارك الشركة حالياً في عدد من المشاريع لإنتاج الهيدروجين الأخضر، حسبما قال محمد عبدالقادر الرمحي، الرئيس التنفيذي لإدارة الهيدروجين الأخضر في “مصدر”.
إعداد البنية التحتية
حسب تقارير وكالة الطاقة الدولية ووكالة الطاقة المتجددة، والمنتدى الاقتصادي العالمي، فدولة الإمارات العربية تمتلك بنية تحتية جيدة قادة على تلبية الأهداف المنصوص عليها ضمن الاستراتيجية الوطنية للهيدرجين، حيث تم وضع الخطوط العريضة لأكثر من 20 مشروعًا جاريًا للهيدروجين منخفض الكربون، مع وجود واحتين يتم العمل عليهم حاليا لإنتاج الهيدروجين بحلول 2031، بجانب 3 واحات إضافية سيتم إضافتهم للإنتاج بحلول 2050، حيث خصصت هذه الواحات مواني رئيسة لتصدير الهيدروجين ومشتقاته، بما في ذلك الفجيرة وأبوظبي والرويس وخليفة، بالتوافق مع تحالف مواني الهيدروجين العالمي.
وتماشيًا مع الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين في الإمارات، تقوم مجموعة "بيئة" باستكشاف مركبات تعمل بخلايا وقود الهيدروجين لإزالة الكربون من عمليات أسطولها، وتوقيع شركة "هيونداي موتور" مذكرة تفاهم مع مجموعة بيئة للترويج لمشروع التنقل الهيدروجيني التجريبي في الإمارات، وتشغيل شاحنة تعمل بخلايا وقود الهيدروجين في إمارتَي الشارقة ودبي بشكل تجريبي، من أجل ضمان مستقبل أكثر استدامة.
- «مصدر» توقع اتفاقية لتوريد الهيدروجين الأخضر لميناء أمستردام
- الاستثمار في الهيدروجين الأخضر.. اتفاقية جديدة بين «مصدر» و«إتش واي 24»
وافتتحت شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أول محطة تجريبية فائقة السرعة في المنطقة للتزود بوقود الهيدروجين الأخضر، في "مدينة مصدر" بأبوظبي، لاختبار أسطول من المركبات التي تعمل بالهيدروجين الخالي من الانبعاثات التي تعتمد على مصادر الطاقة النظيفة، مع تأسيس مركز عالمي لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر ومشتقاته.
شركة "مصدر" أيضا تتعاون مع مجموعة "حديد الإمارات أركان"، لتطوير مشروع مبتكر للهيدروجين الأخضر، للحد من انبعاثات الكربون في قطاع الصلب كثيف استهلاك الطاقة الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سيتم استخدام الهيدروجين الأخضر بدلاً من الغاز الطبيعي لاختزال خام الحديد ويتوقع أن يبدأ التنفيذ خلال الربع الأول من العام الحالي.
يجرى حاليًا عمليات تجريبية لنقل الهيدروجين، مثل الاختبار مع ميناء هامبورغ لشحن الهيدروجين على هيئة أمونيا نظيفة.
وكذلك شركة مصدر وميناء أمستردام و"سكاي إن آر جي" و"زينيث إنرجي ترمينالز"، اتفقتا على إجراء دراسة جدوى لتطوير سلسلة توريد للهيدروجين الأخضر المسال الذي تنتجه "مصدر" وتوريده إلى ميناء أمستردام، رابع أكبر ميناء في أوروبا ويشكل بوابة نحو السوق الأوروبية.
كما تتعاون شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، وشركة "فيربوند" للهيدروجين الأخضر لاستكشاف فرص تطوير محطة للهيدروجين الأخضر في إسبانيا لتكون إحدى أكبر محطات إنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم، بما يدعم إزالة الكربون من القطاعات كثيفة الانبعاثات في أوروبا.
وعلق محمد عبدالقادر الرمحي، الرئيس التنفيذي لإدارة الهيدروجين الأخضر في "مصدر": تشكل هذه المشاريع نموذجاً فعالاً لأهمية العمل المشترك وضرورة توحيد الجهود لتحقيق تقدم في هذا المجال بما يمهد الطريق لتطوير المزيد من مشاريع الهيدروجين الأخضر وتوفير خط حيوي يربط بين مراكز الإنتاج مع أسواق المستهلكين النهائيين".
تعزيز الطاقة المتجددة في إفريقيا
كما أن الشركات الإماراتية تقود تنفيذ التعهد الذي أطلقته دولة الإمارات في القمة الإفريقية للمناخ أغسطس /آب الماضي، لتعزيز الطاقة المتجددة في إفريقيا بقيمة 4.5 مليار دولار؛ حيث تخطط شركة "AMEA" للطاقة المتجددة ومركزها دبي، منشأة للهيدروجين الأخضر بميناء مومباسا في كينيا والذي سيكون الأول من نوعه في شرق إفريقيا.
وتُخطط شركة "طاقة المغرب" (Taqa Morocco) – والتي تمتلك شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة) 85% من رأسمالها، لتطوير محطة للطاقة المتجددة جنوب المملكة بقدرة 6000 ميغاواط لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، باستثمار (حوالي 10 مليارات دولار) .
بالإضافة إلى مشروع شمال شرقي العاصمة الساحلية نواكشوط، في موريتانيا لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقيمة 34 مليار دولار مع بناء منشأة تحليل كهربائي بطاقة تصل إلى 10 غيغاواط، والطاقة الإنتاجية للمشروع ستبلغ قرابة ثمانية ملايين طن من الأمونيا أو غيرها من المنتجات.
وأيضا اتفاق شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، وشركة "إتش واي 24"، بهدف نشر حلول الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع في أوروبا والأمريكيتين.
وقد بدأت الخطوات العملية لتطوير اقتصاد الهيدروجين في أبوظبي، وذلك بتوقيع دائرة الطاقة في أبوظبي ومكتب أبوظبي للاستثمار وشركة "مصدر" عن تعاون استراتيجي
وكذلك تعتزم شركة "دراجون أويل" الإماراتية دخول صناعة الهيدروجين الأزرق في تركمانستان بحلول 2029، كما تدرس تحويل الغاز إلى كهرباء في المستقبل القريب.
aXA6IDMuMTI4LjIwMC4xNjUg جزيرة ام اند امز