"غروزني" في حلب.. اختبار لـ"ترامب" أم ورقة تفاوض؟
نوايا ترامب تجاه سوريا، لن يكشفها سوى حدث جلل، يرى مراقبون أن روسيا والنظام السوري يصنعانه، باستنساخ تجربة "غروزني" في حلب
"يجب زيادة التركيز على محاربة تنظيم (داعش) الإرهابي في سوريا بدلا من التركيز على الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد".. كانت هذه هي رؤية الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، عندما سألته صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية عن موقفه من الأزمة السورية.
ولكن هل هذه الإجابة، المرضية للنظام السوري وحليفه الروسي، تشكل حقا قناعة ترامب تجاه الأزمة السورية، أم أن ما ينطق به لسانه شيء وما يكمن داخله شيء آخر؟
في عالم السياسة كثيرا ما تكون الكلمات التي ينطق بها اللسان مخالفة لما وقر في القلب من النوايا، ولا يكشف عن النوايا الحقيقية، سوى حدث جلل، يرى مراقبون أن روسيا والنظام السوري يصنعانه في حلب، باستنساخ تجربة "غروزني".
وغروزني، هي عاصمة الشيشان، التي قام بوتين خلال عام واحد من 1999 إلى 2000، بتحويلها إلى أطلال، باستخدام المدفعية الثقيلة والدبابات والصواريخ والطائرات والأسلحة المحرَّمة كالقنابل الحارقة والأسلحة الكيماوية.
وأطلقت الأمم المتحدة وقتها على المدينة بعد الحرب وصفا يقول إنها "الأكثر دماراً على وجه الأرض"؛ إذ بلغت نسبة الخراب فيها 95%، تماماً كالخراب الذي أحدثته القنبلة الذرية التي ألقاها الأمريكيون على مدينة هيروشيما أواخر الحرب العالمية الثانية.
ويرى مراقبون أن الوصول الآن إلى أقصى درجات الدموية في المشهد بحلب، سيجبر الإدارة الأمريكية الجديدة على ضرورة التفاعل معه، لاختبار نوايا ترامب الحقيقية، في أنه لن يكون معنيا بالإطاحة بالرئيس السوري، كما قال في تصريحاته قبل تسلم المنصب.
في مقابل هذه الرؤية، قالت صحيفة "إيزفيستيا" الروسية، في 3 ديسمبر الجاري، إن الهدف من تكثيف الهجوم في حلب هو بسط سيطرة النظام السوري عليها قبل تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة في 20 يناير/كانون الثاني المقبل.
ونقلت الصحيفة عن مدير عام معهد المشكلات الإقليمية، دميتري جورافليوف، قوله، إن الهدف من تكثيف الهجوم في حلب هو وضع ترامب أمام الأمر الواقع.
وقال جورافليوف: "على الرغم من أن الرئيس الأمريكي المنتخب أعلن مرات عديدة أنه لا يريد الحرب في سوريا، إلا أن هذه كانت تصريحات مرشح للرئاسة خلال الحملة الانتخابية، في حين أن الواقع قد يختلف تماما، ولا بد من السيطرة على مدينة كبيرة كحلب، لتكون ورقة في أي تفاوض".
وعلى الرغم من ادعاء روسيا الرغبة في حل أزمة حلب بالتفاوض مع فصائل المعارضة في تركيا، لتنفيذ مبادرة المبعوث الأممي للأزمة السورية، الرامية لتنظيم خروج مسلحي جبهة فتح الشام "النصرة سابقا" من حلب، إلا أن تصريحات لافروف الأخيرة بشأن توحد فصائل المعارضة في حلب الشرقية تحت كيان واحد اسمه "جيش حلب"، يكشف أن النوايا الروسية لا تسير في اتجاه وأد الحرب.
وخلال المفاوضات أبدت فصائل المعارضة مرونة إزاء خروج مسلحي جبهة فتح الشام، إلا أن لافروف قال في مؤتمر صحفي جمعه مع نظيره الإيطالي باولو جنتيلوني، في روما، الجمعة 2 ديسمبر/كانون الأول، إن الإعلان عن تشكيل "جيش حلب" الجديد، ليس إلا محاولة لتقديم "جبهة فتح الشام" تحت اسم جديد وإخراجها من تحت العقوبات الدولية المفروضة عليها.
فهل يسوغ لافروف المبررات لمزيد من الجحيم في حلب يتصاعد رويدا رويدا مع اقتراب موعد تسلم ترامب الحكم بعد 47 يوما؟ الأيام القادمة ستكشف حقيقة النوايا الروسية.
aXA6IDE4LjE4OC45MS4yMjMg جزيرة ام اند امز