«إكسبو» كنز ابتكارات للبشرية.. 175 عاما من الاختراعات والاكتشافات المذهلة

في عام 1850، شُيّد مبنى ضخم في هايد بارك بلندن في غضون خمسة أشهر فقط، كان عبارة عن صوبة زجاجية وحديدية ضخمة، امتدت على مساحة 19 فدانًا، وكان ارتفاعها يتسع بسهولة لأربع كاتدرائيات بحجم كاتدرائية سانت بول.
وأُطلق على هذا المبنى اسم "قصر الكريستال"، وقد استضاف أعظم تجمع عالمي شهده التاريخ في ذلك الوقت.
التجمع كان مستوحى من معرض باريس، الذي كان مخصصًا للمصنعين الفرنسيين فقط، وجسد حلم موظف حكومي يُدعى هنري كول بإنشاء معرض عالمي حيث يمكن للدول من جميع أنحاء العالم أن تجتمع في مكان واحد لعرض أحدث اختراعاتها.
ولم يكن لدى كول - الذي كان اختراع بطاقة عيد الميلاد هو مصدر شهرته الوحيد في ذلك الوقت - أي فكرة أن عمله سيُولد حدثًا يمتد لعقود ويتجاوز القارات.
وفي منتصف وأواخر القرن التاسع عشر، كان العالم يدرك الثورة الصناعية وإمكانياتها الابتكارية الهائلة، فكان للتوقيت فضلا كبيرا في انتشار فكرة الحدث أو التجمع الذي فكر به كول.
وفي هذه الحقبة التاريخية الهامة، بفضل الأتمتة التي أتاحت إنتاج ميكانيكا ضخمة بكميات كبيرة لأول مرة، لم يعد السوق يهتم بالتبادل البسيط للسلع.
حيث شهد إنتاج موارد كالخرسانة والمطاط والألمنيوم لأول مرة على الإطلاق، مما أدى إلى اختراع آلات النسيج والمطابع والقطارات وغيرها.
ولعرض المنتجات والابتكارات التي كان قدرها أن تغير العالم، دعت الملكة فيكتوريا والأمير ألبرت الدول الأوروبية والأمريكية للتجمع معًا في أول معرض إكسبو عالمي، مُطلقين بذلك سابقةً ستُقام على مستوى دولي بعد ذلك.
وشملت بعض الابتكارات التي عُرضت في أول معرض إكسبو عام 1851 سكينًا بـ1851 شفرة، وبيانو رباعي الجوانب، وسريرًا يتحول لطوق نجاة، وأكبر مرآة في العالم، والعديد من العجائب الأخرى.
ومنذ بدايتها، كانت معارض إكسبو (المعروفة أيضًا باسم معارض العالم) من جميع أنحاء العالم مهدًا لبعض أعظم اختراعات البشرية مثل الحاسوب، والتلفزيون، وحتى الآيس كريم.
وامتدت معارض إكسبو على مدار سنوات حتى معرض إكسبو العالمي في دبي الذي كان من المقرر أن يُقام في عام 2020، إلا أن الجائحة أجّلت افتتاحه، لعام 2021، حيث انطلق في هذا العام في الأول من أكتوبر/تشرين الأول واستمر حتى 31 مارس/آذار 2022، وجمع أكثر من 190 دولة وثقافة في مكان واحد.
وفيما يلي، يصحبنا موقع "ماركو بولو إكسبريانس" في رحلة نعود بها إلى الماضي لنكتشف لماذا كان ابتكار معارض إكسبو نعمة عظيمة للبشرية في سباقها نحو قمة الابتكار والإنجاز، باستعراض مجموعة من أبرز معارض إكسبو عبر التاريخ، والتي شهدت أهم الاختراعات الفارقة.
إكسبو 1851
رغم أننا تطرقنا بالفعل إلى بعض المستجدات التي عُرضت في أول معرض عالمي، إلا أن هناك المزيد في للجمهور ليكتشفه. حيث زار هذا المعرض بنسخته الأولى أكثر من 6.3 مليون شخص، مما أثار قلقًا بشأن النظافة العامة.
وتم حل هذه المشكلة بإنشاء كبائن مراحيض "جورج جينينغز" الحديثة، وهي أولى المراحيض العامة ذات نظام التدفق يعرفها العالم.
وكان المشاهير أيضًا من عوامل الجذب، وشهد الحدث ظهور تشارلز داروين، وإميلي برونتي، ولويس كارول، وحتى الملكة فيكتوريا نفسها.
وفي الوقت نفسه، انتهزت الدول الفرصة لتتباهى بمهاراتها ومواردها الطبيعية، من خلال عرض معاطف مطرزة من الهند، وقطع خزفية من الصين، وبراعة في صناعة الساعات من سويسرا، وغيرها الكثير.
وفي الوقت نفسه، عرضت تشيلي ذهبها (بقطعة واحدة تزن أكثر من 50 كغم)، واستعرضت الولايات المتحدة إنجازاتها الزراعية.
ألبيرتوبوليس
وحقق أول معرض إكسبو عالمي نجاحًا باهرًا، لدرجة أن التاج البريطاني استحوذ على عائداته (ما يعادل 18 مليون جنيه استرليني اليوم) واشترى 96 فدانًا من الأرض، حيث شيّد لاحقًا متحف فيكتوريا وألبرت، وقاعة ألبرت الملكية، والكلية الملكية للفنون والموسيقى، وغيرها - فأُطلق على النسخة الأولى من المعرض اسم "ألبيرتوبوليس" نسبةً إلى الأمير ألبرت الذي ساهم في إحياء هذا الحدث.
إكسبو 1862
أُقيم هذا المعرض العالمي مجددًا في لندن، وكان موضوعه "الصناعة والفن"، إلا أن قوة البخار كانت بطلة المعرض. وقد استعرضت العديد من الأجنحة المشاركة قوة البخار وكيف ساهمت في سرعة إنجاز مشاريع البناء وصناعة الآلات الثقيلة.
ولأن الآلات كانت عاملًا أساسيًا في المعرض، لم يكن من الصعب تخيل صوت قاعة المعرض.
ونقلت صحيفة نورثامبتون ميركوري" عن هذا الحدث قولها "في البداية، كان صوت طنين وهدير آلاف العجلات والمغازل المتحركة محيرًا للغاية - أشبه بلوحة من الأصوات الصناعية، حيث يبدو الصوت البشري في غير محله، بل يكاد يكون مسموعًا".
وكان معرض ١٨٦٢ العالمي، الذي امتلأ بالنشاط والزوار المهتمين، يضم عشرات الآلات المتخصصة، إلا أن إحداها برزت عن البقية، وهي المحرك التحليلي.
المحرك التحليلي
المحرك التحليلي، كان عبار عن أول حاسوب يظهر على مستوى العالم عام 1861، ولكنه مختلف تمامًا عن الأجهزة التي نعرفها اليوم. وصُمم هذا الحاسوب الميكانيكي على يد المخترع الإنجليزي تشارلز باباج، وكلّفت الحكومة البريطانية ببنائه.
وتمثلت وظيفته الرئيسية في حساب البيانات وتحليلها، وكان قادرًا على معالجة ما يصل إلى 1000 رقم مكون من 50 رقمًا. وتجدر الإشارة إلى أن هذا النموذج الأولي الأصلي كان يتمتع بسعة تخزين أكبر من أي حاسوب آخر بُني قبل عام 1960.
وتماشيًا مع الفكرة الرئيسية لمعرض إكسبو العالمي لعام 1862، كان هذا الجهاز المذهل يعمل أيضا بالبخار.
إكسبو 1876
أُقيم معرض إكسبو العالمي عام 1876 في فيلادلفيا، احتفالًا بالذكرى المئوية لتوقيع إعلان استقلال أمريكا عام 1776، وكان أول معرض إكسبو عالمي يُقام في أمريكا.
واستقطب هذا الحدث التاريخي عددًا هائلًا من الزوار بلغ 10 ملايين زائر، أي ما يقرب من ثلثي إجمالي سكان العالم في ذلك الوقت.
وشهد المعرض أيضًا الكشف عن أحد أكثر الاختراعات الحديثة إثارةً للإعجاب في التاريخ، اختراعٌ غيّر مسار التواصل البشري إلى الأبد وهو الهاتف.
الهاتف
ضمن معرض إكسبو 1876 كشف ألكسندر غراهام بيل النقاب عن الهاتف أمام جمهورٍ مُذهول في معرض فيلادلفيا العالمي عام ١٨٧٦.
ومن المعروف أن الإمبراطور دوم بيدرو، إمبراطور البرازيل، الذي حضر العرض الافتتاحي، صاح قائلًا، "يا إلهي، إنه يتحدث!".
وتقدم غراهام بيل، بطلب براءة اختراع في 14 فبراير/شباط 1876، وهو اليوم نفسه الذي قدّم فيه إليشا غراي براءة اختراعه لجهاز تلغراف صوتي مماثل يستخدم جهاز إرسال مائي.
ومُنحت براءة اختراع بيل الأولوية، وتم اعتمادها قبل أشهر فقط من افتتاح المعرض في يونيو/حزيران 1876.
إختراعات الطهي
وهناك جدل كبير حول ماهية المأكولات واختراعات الطهي ذات الأصل الأمريكي الحقيقي، لكن معرض إكسبو 1876 أجاب على هذا السؤال بتقديم الفشار، وكاتشب هاينز، وبيرة هايرز، والموز.
مع ذلك، فإن الموز ليس نباتًا أمريكيًا أصليًا، بل في الواقع، نشأ في ماليزيا.
وتم استيراده في ذلك الوقت وتوزيعه بفضل الجهود الدؤوبة لشركة الفواكه المتحدة الأمريكية، وكان يُعتبر من الأطعمة الشهية.
ولكون فاكهة الموز من المستجدات على الشعب الأمريكي في ذلك الوقت، ظهر في معرض إكسبو العالمي 1876 في فيلادلفيا، من كان يحمل الموز ملفوفا بورق، ومن يتناوله بالسكين والشوكة.
أول جناح للنساء
بعد حرمان النساء من مساحة لعرض أعمالهن بشكل مستقل داخل مبنى المعرض الرئيسي، أطلقن جناحًا خاصًا بهن للمرة الأولى بمعارض إكسبو.
وقادت هذه المبادرة إليزابيث دوان جيليسبي، حفيدة بنجامين فرانكلين، وعرضت أكثر من 80 اختراعًا حاصلًا على براءة اختراع، جميعها من ابتكارات النساء.
ومن بين هذه الابتكارات التي قادتها النساء مكواة ذاتية التسخين، وطوبًا متشابكًا، وغسالة أطباق.
ومن بين هذه المعالم الرائعة امرأة خصصت محركًا بخاريًا كان يُشغّل المعروضات الأخرى في هذا الجناح فقط.
ومن بين هذه المعروضات التي شغّلها المحرك البخاري مطبعة طبعت نسخًا من كتاب "القرن الجديد للمرأة"، الذي تضمن معلومات عن إصلاح الملابس العامة بهدف تحرير المرأة من هيمنة صيحة الكورسيه.
إكسبو 1878
مع انطلاق معرض إكسبو العالمي في باريس، أتيحت للدول فرصة استعراض فنونها وتحفها الفنية.
ومن بين المعروضات الأكثر إثارة للإعجاب، رأس تمثال الحرية المكتمل، وجادة الأمة، وهو شارع يضم نماذج معمارية من جميع دول أوروبا تقريبًا، بالإضافة إلى نماذج من آسيا وأفريقيا وأمريكا.
ومن الإنجازات الأخرى المبهرة بهذا المعرض، إضاءة القوس الكهربائي التي تم تركيبها على طول جادة الأوبرا وساحة الأوبرا، والتي تعمل بمفتاح واحد، وبالحديث عن الكهرباء، شهد هذا المعرض أيضًا إطلاق توماس إديسون بعضًا من أبرز اختراعاته.
الفونوغراف
قبل إكسبو باريس، لم يسبق للعالم أن رأى شيئًا يُضاهي فونوغراف توماس إديسون، الذي كان يُسجل الصوت ويُعيد تشغيله، لدرجة أن العديد من الزوار المندهشين اقتنعوا بأنه مُزيف، وظنوا أن هذا العمل هو أحد أشكال التكلم البطني المُتقدم.
وفي الواقع، كان حقيقيًا، وكان الاختراع الذي أطلق إديسون إلى الشهرة العالمية.
طائرة أحادية السطح
كان فيليكس دو تمبل دو لا كروا ضابطًا بحريًا ومخترعًا فرنسيًا، ورغم أن التاريخ يذكر الأخوين رايت، إلا أنه كان من أوائل من طوروا آلات الطيران، وقام برحلة ناجحة على متن طائرته أحادية السطح.
ومع ذلك، فإن الطيران المأهول يُمثل تحديًا، إذ لم تتمكن الطائرة أحادية السطح من الإقلاع إلا بعد نزول منحدر مائل، والانزلاق في الهواء، واكتساب الارتفاع لفترة قصيرة.
ومع ذلك، كانت هذه الطائرة من أوائل المحاولات الناجحة التي قامت بها البشرية في مجال الطيران، وقد عُرضت الطائرة أحادية السطح في معرض إكسبو الدولي في باريس عام 1878.
إكسبو 1889
من جديد احتضنت باريس إكسبو عام 1889، وكان برج إيفل، أبرز ما لفت الحاضرين في معرض إكسبو العالمي لعام 1889 في باريس، والذي بُني خصيصًا للمعرض.
وكان تشييد هذا الصرح الضخم مخاطرة، وزاد من مخاطر جدوى تشييده تردد باريس في استضافة إكسبو مرة أخرى عام 1889، نظرًا لخسارة معرض باريس العالمي لعام 1878 لأكثر من ثلاثين مليون فرنك.
إلا أن المشروع كان مثمرًا، إذ توافد الملايين ليس فقط لمشاهدة الفنون والعلوم المذهلة المعروضة، بل لزيارة البرج أيضًا.
وكان برج إيفل يزوره أكثر من ١٢ ألف شخص يوميًا عند افتتاحه في معرض إكسبو العالمي في باريس، في ذلك الوقت، كان أطول برج في العالم، لكن ذلك لم يمنع الناس من الصعود إلى قمته حتى مع تعطل المصاعد في الأسبوع الأول.
وقد المؤرخون أن ما يقرب من 30 ألف زائر صعدوا إلى القمة باستخدام درج - أي ما يعادل 1710 درجات لكل زائر.
إكسبو 1893
بعد حريق شيكاغو الكبير عام 1871، كرّست شيكاغو عقدين من الزمن لإعادة إعمارها، متمحورةً حول هندسة معمارية انسيابية (مقاومة للحريق)، كان لها تأثيرٌ بالغٌ في نشأة مدرسة شيكاغو للهندسة المعمارية.
وعندما مُنحت شيكاغو فرصة تنظيم معرض إكسبو العالمي عام 1893، أصبحت الهندسة المعمارية سمةً بارزةً لهذه الدورة من المعرض.
وأُقيم المعرض في موقعٍ أُطلق عليه اسم "المدينة البيضاء"، والذي تميّز بجماله الأخّاذ بواجهاته البيضاء الرومانسية وطابعه الكلاسيكي المُستوحى من الفنون الجميلة، مما أثار اهتمامًا متزايدًا بالهندسة المعمارية الكلاسيكية.
ومع ذلك، فقد طغت على كل هذه العظمة عجلة "جورج واشنطن غيل فيريس" العملاقة، التي صُممت لمنافسة برج إيفل في باريس من معرض إكسبو السابق.
عجلة فيريس
وبصفتها أول عجلة فيريس تُبنى على الإطلاق، كانت هذه العجلة عامل الجذب الرئيسي في هذا الحدث الذي استمر ستة أشهر.
ودفع الزوار 50 سنتًا لركوب هذه الدراجة الجديدة (وهو مبلغ باهظ في ذلك الوقت، يعادل حوالي 15 دولارًا)، مما دفع أحد الزوار إلى التعليق، "نحن الأمريكيون نرغب إما في الإثارة أو التسلية، ومستعدون لدفع ثمن باهظ لكلاهما".
إكسبو 1901
سُمي هذا الحدث التاريخي "المعرض الأمريكي"، ولم يخلو من المآسي.
وعلى الرغم من دهشة الملايين من القناة الكبرى والبرج الكهربائي والبحيرات العاكسة للرؤية، إلا أنه في هذا المعرض تحديدًا، أُطلق النار على الرئيس الأمريكي ماكينلي برصاص ليون كولغوس، مما ألقى بظلال قاتمة على الحدث.
ومن المفارقات أن هذا المعرض شهد الكشف عن جهاز الأشعة السينية لأول مرة، التي تستخدم في الكشف عن أغوار الجسم البشري، ومع ذلك، تردد الأطباء في تجربته على الرئيس ماكينلي للبحث عن الرصاصات.
وفي المراحل الأولى من تطوير جهاز الأشعة السينية، لم يكونوا متأكدين من آثاره الجانبية، توفي الرئيس ماكينلي بعد أسبوع واحد.
وقد ارتبط اسم توماس إديسون بهذا الاختراع الثوري، وفي معرض عام 1901، أبهر جهازه للأشعة السينية الجمهور، إذ سمح للأطباء بفحص جسم الإنسان من الداخل دون الحاجة إلى فتحه لأول مرة، وأصبح هذا الجهاز أحد أهم الاختراعات وأكثرها تأثيرًا في تاريخ الطب.
إكسبو 1939
عُرف معرض إكسبو العالمي لعام 1939 في مدينة نيويورك باسم "عالم الغد"، ولعلّه كان الحدث الأكثر مثالية من نوعه حتى ذلك الحين.
من خلاله تعرف العالم على مدينة "ديوراما" الديمقراطية، التي صوّرت مدين الغد المثالية، وضمت طريقًا سريعًا مرتفعًا من الفلين والمطاط يُسمى "طريق الغد"، وأول مؤتمر عالمي للخيال العلمي، ومدينة مستقبلية مبنية على السيارات من تصميم جنرال موتورز، وغيرها من الابتكارات.
وكان من أشهر معالم إكسبو نيويورك 1939 تمثالٌ بطول 80 قدمًا يُدعى "باسيفيكا"، يُطل على حديقة المعرض الشاسعة.
البث التلفزيوني
وبعد اختراع فيلو تايلور فارنسورث للتليفزيون عام 1927، كان أول بث عبر الشاشة الصغيرة، في عام إكسبو 1939، عندما ألقى الرئيس فرانكلين روزفلت خطاب الافتتاح في معرض إكسبو نيويورك، وبثت قناة NBC الخطاب إلى المنازل في جميع أنحاء البلاد لأول مرة.
وتم طرح التلفزيون الملون لاحقًا في معرض وورلد إكسبو عام 1964.
إكسبو 1970
حتى عام 1970، كانت الدول الغربية هي المسيطرة على معارض إكسبو العالمية، ومع ذلك، وبفضل استضافة مدينة أوساكا، تمكّن العالم الآسيوي من أسر مخيلة البشرية بابتكاراته المذهلة.
وبعد الحرب، تولّت اليابان مهمة إعادة الإعمار، وشهدت طفرةً في الستينيات أدّت إلى تطورٍ سريع، فكان على اليابان إثبات الكثير.
وقد أنجزت أكثر مما خططت له، حيث كانت أكثر معارض إكسبو حضورًا في التاريخ، بأكثر من 64مليون زائر.
وامتلأت منطقة المعرض بالعمارة الأيقونية، التي ضمّت مواقع مثل ساحة المهرجانات، وبرج الشمس، وجناح الموضوعات، وبرج المعرض، وكانت التكنولوجيا أيضًا موضوعًا رئيسيًا.
واستُخدمت أجهزة النداء "البيجر"، و"أنظمة المعلومات" الإلكترونية في جميع أنحاء المعرض، للتواصل مع المسؤولين لتنسيق تجارب الزوار.
حتى جناح IBM كان يحتوي على ميزة تُمكّن الضيوف من اختيار شخصية من القصص المصورة، ثمّ تلقّي قصة مُولّدة حاسوبيًا بناءً على اختيارهم.
الهاتف المحمول
ظهر الهاتف المحمول لأول مرة في معرض إكسبو عام ١٨٧٦، وبعد قرابة مئة عام، ظهر إصدار جديد غيّر وجه المجتمع الدولي، ليكون بداية تطور الموبايل كما هو الآن.
ومع ذلك، كاد أن يمر مرور الكرام على حشود الحاضرين في معرض أوساكا، حيث كُشف النقاب عن الهاتف المحمول، ولكن دون ضجة كبيرة، وكان الضيوف أكثر إعجابًا بقطعة من صخور القمر أُعيدت من مهمة أبولو عام ١٩٦٩.
إكسبو 1982
قد تبدو نوكسفيل، بولاية تينيسي الأمريكية، موقعًا غير عادي لحدث ضخم مثل معرض إكسبو العالمي، وحتى يومنا هذا، لا يسكن داخل حدودها سوى أقل من 200 ألف نسمة.
ومع ذلك، كانت في يوم من الأيام مركزًا صناعيًا هامًا، وناضلت جاهدةً للحصول على شرف استضافة معرض إكسبو العالمي عام 1982.
وتحت شعار "الطاقة تُغير العالم"، شارك في معرض نوكسفيل العديد من الدول من جميع أنحاء العالم - بما في ذلك المملكة العربية السعودية - وشهد ما يقرب من 11 مليون زائر خلال الأشهر الستة التي افتتح فيها.
ومع ذلك، كان هناك ابتكارٌ هائلٌ عُرض، وهو الهواتف العاملة باللمس.
الهواتف التي تعمل باللمس
في إكسبو نوكسفيل ظهر الهاتف الذي يعمل باللمس لأول مرة في معرض عام 1982، وكان من صنع مخترع تينيسي الدكتور سام هيرست، وصُنعت نسخته من الزجاج المنحني، وهي السلف المباشر لشاشات اللمس التي نستخدمها اليوم.
وأثبتت مادة الزجاج الموصلة كفاءتها العالية في التفاعل، كما أن إنتاجها كان في متناول الجميع بشكل مدهش.
إكسبو 2000
بعد تراجع الاهتمام بمعارض إكسبو العالمية في التسعينيات، عاد الحدث مع مطلع الألفية في هانوفر، ألمانيا.
وباعتباره أحد أكثر معارض إكسبو العالمية إثارة للجدل وقلة الحضور، عانى موقع هانوفر من مشاكل عديدة.
إذ لم يرغب أحد في دفع ثمن التذكرة الباهظ لحضور المعرض، كما كان أول معرض يشهد غياب منشآت عمارة للاجنحة ومواقع جديدة، بل يعتمد على مبانٍ قائمة مسبقًا، مما قلل من بريق وإثارة الاكتشاف في الفعاليات.
ومع ذلك، فقد شهد هذا المعرض نقطة تحول رئيسية في صناعة السيارات.
أول سيارة تعمل بالطاقة النظيفة
كانت BMW أول من فكّر في تحرير الصناعة من هيمنة الاعتماد على النفط، وذلك بإطلاقها أول سيارة تعمل بالهيدروجين والطاقة النظيفة في معرض هانوفر.
وأحدث هذا الابتكار تغييرات جذرية في صناعة السيارات، مما دفع المزيد من المصنّعين إلى إنتاج سياراتهم الخاصة العاملة بالطاقة النظيفة بمجرد أن لمسوا طلب السوق على هذا البديل.
ورغم أنها كانت الانطلاقة الأولى في مجال سيارات الطاقة النظيفة، إلا أنها لم تكن الأخيرة بالتأكيد.
إكسبو 2015
في حين شهدت قاعات معارض إكسبو العالمية المرموقة مئات الآلاف من الاختراعات التي غيّرت حياة البشر على مر السنين، إلا أنها لم تُعالج سوى مواضيع قليلة تمس أكبر أزمات البشرية المستمرة، وهي الجوع.
وساهمت ندرة الغذاء، والاكتظاظ السكاني، واستنزاف الموارد، وهيمنة الشركات متعددة الجنسيات على القطاع الزراعي، جميعها في انتشار الجوع العالمي، وقد ركّز معرض ميلانو على شعار "تغذية الكوكب، طاقة للحياة" لحل هذه المشكلة.
وعمل هذا المعرض بالتوعية حول مصادر الطعام وأهميتها، وكان هناك أيضًا منحوتة قمامة عملاقة تُظهر بوضوح مخاطر هدر الطعام.
وعرضت منطقة عرض أخرى دورة الغذاء لكل مفهوم من الإنتاج إلى الاستهلاك، بينما تناولت مناطق أخرى فكرة الاقتصاد الدائري والزراعة المستدامة وغيرها.
إكسبو 2020
إكسبو 2020 دبي كان حدثًا عالميًا استثنائيًا جمع بين الابتكار والتكنولوجيا والثقافة، واستعرض العديد من الاختراعات والتقنيات التي ترسم ملامح المستقبل.
وأُقيم المعرض تحت شعار "تواصل العقول وصنع المستقبل"، واستمر لمدة 173 يومًا، حيث شاركت فيه أكثر من 190 دولة.
أبرز الابتكارات في إكسبو دبي
وكان من ضمن أبرز الابتكارات التي ظهرت في إكسبو دبي، ألواح الطاقة الشمسية لتحويل الهواء إلى ماء، حيث عرضت تقنيات مبتكرة تستخدم الطاقة الشمسية لاستخلاص المياه من الهواء، مما يسهم في توفير مصادر مياه مستدامة في المناطق الجافة.
وشهد المعرض أيضا، أول مصعد بدون حبال، حيث تم تقديم مصعد يعمل بتقنية جديدة تتيح له التحرك أفقيًا وعموديًا دون الحاجة إلى الحبال التقليدية، مما يعيد تعريف تصميم المباني المستقبلية.
وشهد أيضا عرض، أكبر منصة رفع في العالم، حيث تم عرض منصة رفع ضخمة قادرة على نقل أكثر من 160 شخصًا في آنٍ واحد، مما يعكس التقدم في تقنيات النقل العمودي.
aXA6IDMuMTI4Ljc4LjE5MiA=
جزيرة ام اند امز