«خليج أمريكا» و«أمريكا المكسيكية».. ترامب بكماشة الجغرافيا والتاريخ
أراد استمالة مواطنيه بسحر الجغرافيا، لكن صدمته الجارة بموقف ساخر رمى بوجهه «سواد» التاريخ.
وعبر تسميته خليج المكسيك "خليج أمريكا"، يسعى الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب خصوصا إلى استمالة الرأي العام المحلي، لكنه يظهر أيضا طموحا للهيمنة بحسب خبراء.
ويليام ماكينلي.. «بطل» ترامب الجديد
ففي أمر تنفيذي أصدره بعد ساعات من عودته إلى البيت الأبيض، وصف ترامب هذا المسطح المائي بأنه "جزء لا يتجزأ من أمريكا"، وهو حيوي لإنتاج النفط وصيد الأسماك في الولايات المتحدة، و"الوجهة المفضلة للأمريكيين للسياحة والأنشطة الترفيهية".
وسارع خفر السواحل الأمريكيون إلى استخدام عبارة "خليج أمريكا" في بيان، ومثلهم حاكم ولاية فلوريدا الجمهوري رون ديسانتيس.
واعتبر الخبير البيئي أندرو ثالر أن ما أعلنه ترامب "سخيف"، والأرجح أن يتجاهله المتخصصون في الشؤون البحرية.
ويملك الرئيس الأمريكي صلاحية إعادة تسمية أماكن أو مواقع في الولايات المتحدة، كما سبق أن فعل دونالد ترامب مع جبل ماكينلي في ألاسكا.
وتدارك ثالر مؤسس شركة "بلاكبيرد بيولوجيك" والمستشار العلمي والبيئي: "رغم ذلك، فإن خليج المكسيك مساحة مائية تحاذي بلدانا عدة وتضم جيوبا من أعالي البحار".
وأضاف "ليس هناك سابقة فعلية لرئيس أمريكي أعاد تسمية معالم جيولوجية ومائية دولية، وأي محاولة لإعادة تسمية خليج المكسيك ستكون بحت رمزية".
"أمريكا المكسيكية"
سخرت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم من خطوة ترامب، مقترحة إعادة تسمية الولايات المتحدة "أمريكا المكسيكية"، خلال وقوفها أمام خريطة للعالم تعود إلى القرن السابع عشر وتظهر جزءا كبيرا من منطقة أمريكا الشمالية باسم "أمريكا المكسيكية".
وقالت رئيسة المكسيك الثلاثاء: "بالنسبة إلينا، لا يزال (اسم المنطقة) خليج المكسيك، وكذلك بالنسبة للعالم".
وتقوم المنظمة الهيدروغرافية الدولية التي تأسست قبل قرن ومقرها في موناكو، بمسح للبحار والمحيطات في كل أنحاء العالم حتى باتت بمثابة سلطة مكلفة توحيد التسميات المستخدمة في المياه الدولية.
ولدى الأمم المتحدة أيضا مجموعة خبراء في مجال التسميات الجغرافية، ومن المقرر أن يبدأ اجتماعهم المقبل في 28 أبريل/نيسان المقبل.
وتساءل مارتن ليفنسون، الرئيس الفخري لمعهد التسميات العامة، عما إذا كان ترامب سيستغل نفوذه السياسي لمحاولة إقناع الدول الأخرى، قائلا: "هل يريد حقا إجبارها على أمر ثانوي مماثل؟".
وأضاف: "أرى أن الميزة السياسية الناجمة عن ذلك تكمن في الرأي العام الذي يخاطبه، قائلا أمامه إننا وطنيون وهذه بلادنا، ولن نسمح بأن تستحوذ دول أخرى على التسمية". لكنه شكك في أن تحذو دول أخرى حذو الرئيس الأمريكي.
طابع دعائي
والنزاعات حول التسميات الجغرافية أمر مألوف في العالم، فكوريا الجنوبية مثلا لا تحبذ استخدام تسمية "بحر اليابان" وتفضل الإشارة إلى "بحر الشرق".
ورأى جيري كيرنز، أستاذ الجغرافيا في جامعة ماينوث في أيرلندا، أن إعلان ترامب نوع من "استعراض جيوسياسي" ويتخذ طابعا دعائيا لكنه ينطوي أيضا على توجه أيديولوجي.
واعتبر أن توعد ترامب أيضا بالاستيلاء على قناة بنما هو بمثابة استعادة لمبدأ مونرو، أي إعلان الولايات المتحدة العام 1823 أنها ستهيمن على القارة الأمريكية.
وقال: "عبر المطالبة بالحق في إجبار الآخرين على استخدام التسمية التي يختارها، فإن ترامب يؤكد نوعا من السيادة على مساحة مائية دولية".