عصابة في القصر؟ فوضى «الباربكيو» تحاصر السلطة في هايتي
من الأعلى، تبدو بورت أو برنس هادئة، حيث تطوق منازلها المطلية باللون الأبيض، التلال الخضراء شديدة الانحدار، على شواطئ خليج متلألئ.
لكن الدخول إلى شوارع عاصمة هايتي المتصدعة يتطلب حساباً دقيقاً للمخاطر، ويعد في هذه الأيام لعبة تعج بالأدرنالين والدماء، مع محاصرة عصابات إجرامية لمظاهر السلطة السياسية في البلاد.
وفي الوقت الحالي تسيطر العصابات على العاصمة، وتضيق على السكان، وتقسم الأحياء إلى إقطاعيات إجرامية متحاربة، وتعزل ميناء هايتي الدولي عن بقية البلاد.
إذ استغلت العصابات في هايتي وجود رئيس الحكومة أرييل هنري، والقائم بأعمال الرئيس منذ اغتيال الرئيس جوفينيل مويز في يوليو/تموز 2021، خارج البلاد، منذ 24 فبراير/شباط الماضي، لتفجّر موجة جديدة من العنف، تحت شعار "تغيير النظام".
وغادر هنري البلاد في 24 فبراير/شباط للمشاركة في قمة مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (سيلاك) في دولة سانت فنسنت وجزر غرينادين، قبل أن ينتقل إلى كينيا ثم تنقطع أخباره، إلى أن أعلن مكتب حاكم جزيرة بورتوريكو وصوله الثلاثاء الماضي إلى عاصمة الأخيرة سان خوان.
"الباربكيو"
وخلال الأيام الماضية شنّ تحالف من 9 عصابات هجمات منسقة على المطار الدولي الرئيسي في عاصمة هايتي، ومراكز الشرطة والسجون الكبرى، بعد أن سمح الفراغ في السلطة منذ منتصف 2021 للعصابات بالاستيلاء على مزيد من الأراضي وزيادة نفوذها بالبلاد.
ويسعى جيمي شيريزير، الملقب بـ"باربكيو"، زعيم التحالف المكون من 9 عصابات تحت اسم "جي 9"، للإطاحة بهنري، وقال في مؤتمر صحفي "ستستمر المعركة بقدر ما يلزم.. سنواصل قتال أرييل هنري. ولتجنب الأضرار الجانبية ابقوا الأطفال في المنازل".
وتابع "لقد اخترنا أن نأخذ مصيرنا بأيدينا.. المعركة التي نخوضها لن تطيح بحكومة هنري فحسب، إنها معركة ستغير النظام بأكمله".
ووفق ما طالعته "العين الإخبارية" في شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، يلقي العديد من الهايتيين اللوم على رئيس الوزراء لأنه تنازل بسرعة عن النفوذ والسيطرة لصالح العصابات على مدى السنوات الثلاث الماضية، في حين رفض تنظيم انتخابات من شأنها أن تمنح البلاد بداية جديدة.
في المقابل، يقول هنري وحلفاؤه إن انعدام الأمن الحالي من شأنه أن يجعل إجراء انتخابات حرة ونزيهة أمراً مستحيلاً، لكن مثل هذه التفسيرات لا تساعد كثيراً على تهدئة الغضب الشعبي.
وحدث التدهور الأمني الحالي بالتزامن مع توجه هنري، الأسبوع الماضي، إلى نيروبي، للتمهيد لنشر قوات أجنبية في هايتي بهدف استعادة النظام، بعد خمسة أشهر على موافقة مجلس الأمن الدولي على نشر قوات متعددة الجنسيات، غير تابعة للأمم المتحدة، بقيادة كينيا.
وفي وقت متأخر أمس الأربعاء، أعرب مجلس الأمن خلال اجتماع في نيويورك عن قلقه إزاء تدهور الوضع في هايتي.
وقالت الإكوادور، العضو في مجلس الأمن التي دعت إلى الاجتماع بشأن الأزمة في هايتي، إن «الوضع خطر».
بدورها، دعت الولايات المتحدة رئيس الوزراء إلى «تسريع» عملية الانتقال السياسي في هايتي وتنظيم انتخابات، دون حضّه على الاستقالة.
في هذا السياق، قال محلل شؤون هايتي في "مجموعة الأزمات الدولية"، دييغو دا رين، في حديث لصحيفة "غارديان" البريطانية، إن العصابات "تقوم باستعراض القوة الكبير هذا لتظهر أنها قادرة على الدخول في مواجهات مع قوات أجنبية محتملة".
وأضاف أنها ترسل رسالة واضحة جداً إلى الدولة، "تقول فيها إنها قادرة في أية لحظة على إخضاع الدولة عندما تريد ذلك".
aXA6IDMuMTM1LjIwOC4xODkg جزيرة ام اند امز