أشهر أغاني الحج من خمسينيات القرن الماضي حتى اليوم

تزدهر الروح وتعلو المشاعر مع ترديد الحجيج للأناشيد الدينية والأغانى التى توارثها المصريون احتفالًا بزيارة بيت الله الحرام، تعبيرًا عن الشوق والفرح بأداء الفريضة المقدسة.
منذ عقود بعيدة، تشكّلت علاقة خاصة بين الشعب المصرى وفريضة الحج، لم تقتصر على الطقوس الدينية فحسب، بل امتدت لتشمل مظاهر ثقافية وفنية، فى مقدمتها الأغانى والإنشاد الدينى. فقد عرف المصريون مظاهر الاحتفال بالحج قبل ظهور الإذاعة والتليفزيون، وكانت الأغانى والمواويل وسيلة للتعبير عن الفرح والسعادة، سواء عند السفر لأداء المناسك أو عند استقبال العائدين منها، ولا تزال هذه التقاليد حاضرة حتى اليوم فى بعض القرى والأحياء الشعبية من خلال الزغاريد، وزفة الحاج، وتزيين البيوت، والدعاء.
رصد البدايات الأولى لأغانى الحج
وفى هذا الموسم الذى تتسامى فيه الأرواح، وتلتف القلوب حول معانى الطهر والخشوع، كانت البدايات الأولى لأغانى الحج والتواشيح، التى ارتبطت بوجدان أجيال من المصريين، وظلت تتردد فى مواسم الحج المباركة، حيث امتلأت بعبارات الشوق، والرجاء، والامتنان.
الكحلاوى وأول بث إذاعى لأغنية حج
انطلقت أولى الإذاعات الرسمية لأغانى الحج عبر صوت الفنان محمد الكحلاوى فى ثلاثينيات القرن العشرين، من خلال أغنية «اشتياق الحجيج» التى كتبها، ولحنها، وأداها بنفسه، وتم بثها للمرة الأولى فى تمام الساعة الثانية عشرة ظهرًا يوم الأحد 26 إبريل/ نيسان 1936، لتكون بذلك أول عمل غنائى يُذاع رسميًا حول الحج.
نجاة على والمواويل المرتبطة بالحج
ومن أبرز الفنانات اللاتى تغنين بموسم الحج المطربة الكبيرة نجاة على، التى قدمت أعمالًا تناولت مشاعر الذهاب إلى الأراضى المقدسة والعودة منها، من بينها أغنية كتبها بديع خيرى ولحنها زكريا أحمد، وأغنية «يا رايح جدة على زمزم» من ألحان محمد القصبجى، إلى جانب عدد من المواويل مثل: «سيرى يا زمزم»، و«يا اللى رايح تحج البيت». وتُشير الأغنية إلى سفينة «زمزم» التى كانت مملوكة للشركة المصرية للملاحة، والمخصصة لنقل الحجاج، ومعها السفينة «كوثر».
صالح عبدالحى وحياة محمد وفريد الأطرش
أما المطرب صالح عبدالحى، فقد غنى «ضيف النبى مكروم» من كلمات بديع خيرى وألحان محمد القصبجى، بينما قدمت المطربة حياة محمد فى عام 1937 أغنية «عودة الحجاج» من كلمات يونس القاضى وألحان عبده قطر، والتى قالت فيها: «ما أحلى وقوفنا يوم عرفات ودخولنا فى روضة الهادى، ورحنا ويانا حاجات واليسر فى الركب يحادى، الحمد لك يا رب وفقت طلعت حرب أنشأ بواخر مصرية كوثر وزمزم فى المية.. يمشوا على كفوف الراحة والشيلة دايمًا مرتاحة».
فى العام التالى 1938، وبناءً على طلب طلعت باشا حرب، كلفت الإذاعة المصرية المطرب فريد الأطرش بتلحين وغناء عمل جديد من كلمات بديع خيرى بعنوان «محمل الحجاج»، جاء مطلعها: «عليك صلاة الله وسلامه، شفاعة يا جد الحسنين، دا محملك رجعت أيامه، هنية واتهنت به العين». وقد أدى فريد الأطرش الأغنية وسجلها بصوته، وتم بثها طوال عام، لكنها اختفت لاحقًا بعدما أعاد تقديمها بصوت شقيقته أسمهان عام 1939 عقب طلاقها وعودتها إلى مصر، سعيًا منه لتفنيد الشائعات التى طالتها، وتم بث النسخة الجديدة لأول مرة فى سبتمبر/ أيلول من العام نفسه، ولا تزال النسخة الأصلية بصوته محفوظة فى أرشيف إذاعة «BBC».
ليلى مراد وأغنيتها الأشهر عن الحج
أغنية «يا رايحين للنبى الغالى» التى أدتها الفنانة ليلى مراد تُعد من أشهر الأعمال المرتبطة بالحج، وجاءت ضمن أحداث فيلم «بنت الأكابر» الذى شاركت فى بطولته مع أنور وجدى، وهى من كلمات أبوالسعود الإبيارى وألحان رياض السنباطى. لم تكن هذه الأغنية مجرد عمل فنى، بل مثّلت تأكيدًا على إسلام ليلى مراد، وردًا على الشائعات الإسرائيلية بشأن ديانتها فى ذلك الوقت.
محمد فوزى وأم كلثوم وأغانى الروح والطهر
وفى أواخر الأربعينيات، قدّم الفنان محمد فوزى أغنية «الله أكبر» فى فيلم «حب وجنون» من كلمات عبدالعزيز سلام، وقال فى مطلعها: «الله أكبر الله أكبر، ياللى زرت البيت وللحرم حجيت، من زمزم اتوضيت وعَ النبى صليت، نادى الهوى لبيت من فوق جبل عرفات، وبالسلامة جيت وعدت بالبركات».
أما كوكب الشرق أم كلثوم، فقد غنت فى عام 1951 واحدة من أعمق الأغانى المرتبطة بالحج، وهى «إلى عرفات» من كلمات أحمد شوقى، والتى كتبها عام 1910 بمناسبة سفر الملك أحمد فؤاد لأداء الحج. كما أدّت أيضًا أغنية «القلب يعشق كل جميل» من كلمات بيرم التونسى وألحان رياض السنباطى، التى عبرت عن الشوق الروحى لبيت الله والزيارة النبوية، وفيها تقول: «دعانى لبيته لحد باب بيته، لما تجلّى لى بالدمع ناجيته، جينا على روضه، هلا من الجنة، فيها الأحبة تنول كل اللى تتمنى».
الأغنية الشعبية "رايحة فين يا حاجة"
الأغنية الشعبية «رايحة فين يا حاجة»، التى أصبحت جزءًا من الموروث الشعبى المصرى فى موسم الحج، قدمها عدد كبير من الفنانين، لكن نسختها الأصلية تعود للفنانة نعمة السنباطى التى سجلتها فى عام 1982 على شرائط الكاسيت، وتقول فى مطلعها: «رايحة فين يا حاجة يا أم شال قطيفة، رايحة أزور النبى محمد والكعبة الشريفة».
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjQ4IA== جزيرة ام اند امز