«نصف راتب».. مسكنات حوثية تلتف على حقوق موظفي اليمن
رغم تشكيلها منظومة انقلابية جديدة في صنعاء بزعم «التغيرات الجذرية»، واصلت مليشيات الحوثي اتباع سياسة «المسكنات» بشأن صرف مرتبات موظفي اليمن.
ولا تزال مليشيات الحوثي تلتف على مطالب الموظفين، وغالبيتهم من المعلمين في مناطق سيطرتها، ورفض صرف مرتباتهم المنهوبة منذ عام 2016، وتكتفي كعادتها بمسكنات غير منتظمة درجت تسميتها بـ"نصف راتب".
فعقب تصاعد غليان الموظفين في مناطق الحوثي تجاه توقف رواتبهم التي كانت تصرف شهرياً قبل الانقلاب، هربت المليشيات نحو هذه المسكنات، على الرغم من أن المرتبات كانت بنداً رئيسياً في "اتفاق ستكهولم" الذي رعته الأمم المتحدة آخر 2018، ونص على تسليم مرتبات الموظفين من إيرادات موانئ الحديدة قبل أن تنكث به المليشيات.
كما ذهب الحوثيون لاتخاذ هذا الملف في مناوراتهم السياسية المعتادة وكورقة ضمن سقف اشتراطات رفعته المليشيات لتبرير قصف وتعطيل موانئ تصدير النفط للحصول على أكبر حصة من الإيرادات النفطية.
التفاف ونهب
وأعلنت مليشيات الحوثي مطلع سبتمبر/أيلول 2024 صرف نصف راتب لشهر نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وذلك بعد أسابيع من تشكيل ما أسمتها "حكومة التغير والبناء"، وللالتفاف على ضغط وغليان الموظفين.
ودفعت هذه الخطوة عضو مجلس النواب غير المعترف به في صنعاء عبده بشر لمهاجمة المليشيات، واتهمها بنهب المرتبات وممارسة جريمة التجويع الممنهج للشعب اليمني.
وكتب بشر على حسابه في منصة إكس (تويتر سابقا) إن "المرتبات حقوق وليست فضلا أو منة من أحد، وستصرف طوعا أو كرها، وأن الناهبون هم من يستحقون السجن وليس العكس"، إشارة لاعتقالات حوثية طالت المعلمين المطالبين بصرف رواتبهم بدلاً عن "نصف راتب" الذي بات أشبه بمسكن لخدمة أجندة المليشيات.
وتعرض العديد من المعلمين والموظفين مؤخراً للاختطاف إثر فضح مليشيات الحوثي التي صرفت "نصف مرتب" وعادت لنهبه من بوابة أخرى تحت مسمى دعم "المولد النبوي"، وغيره من فعاليات طائفية للمليشيات.
وتزامن صرف هذه المسكنات والقمع مع استعدادات اليمنيين للاحتفال بالعيد 62 لذكرى ثورة 26 سبتمبر/أيلول، وهي مناسبة يستغلها اليمنيون للتذكير بكارثية الحقبة الأمامية، وهي من ذات السلالة الحوثية، التي لم تقدم أبسط الحقوق كـ"المرتبات" للمواطنين، وفق مراقبين.
- مخاطر ومخالفات.. الحوثي يعبث بـ«رحلات اليمنية» من مطار صنعاء
- هجوم الحوثي على نفط «صافر».. التداعيات وخيارات حكومة اليمن
مسكنات لنهب الحقوق
تعد خطوة صرف أول نصف راتب -للحكومة الانقلابية الجديدة غير المعترف بها دوليا- استمراراً لنهج "المسكنات" لدى مليشيات الحوثي تجاه المرتبات المنهوبة، التي عرضت الآلاف للمجاعة طيلة 10 أعوام.
ووفقاً لأستاذ الإعلام بجامعتي الحديدة وتعز الدكتور منصور القدسي فإن "مليشيات الحوثي تستخدم ملف المرتبات كورقة ضغط لابتزاز الحكومة اليمنية وكل من يعارضها من جهة، وللتغطية على النهب المالي المهول لموارد الدولة وموارد القطاع الخاص من جهة ثانية".
وقال "حوّل الحوثيون ملف المرتبات من ملف إنساني إلى ملف يتداخل مع مطالبها الاقتصادية للمتاجرة والابتزاز فيه، دون مراعاة للوضع المأساوي المعيشي لملايين الأفراد من أسر الموظفين".
ويضيف الأكاديمي اليمني لـ"العين الإخبارية" أن "ملف المرتبات يُستخدم للمناورة وكسلاح لكبح غليان الموظفين، منذ انقلابها أواخر 2014، الذي جعل قياداتها تعيش ثراء فاحشا، مقابل فقر مدقع للمدنيين".
وأكد منصور أن مسكنات نصف راتب "هدفها امتصاص السخط الشعبي المتصاعد في مناطق الانقلاب خاصة من الموظفين، الذين أصبحت أوضاعهم مأساوية في ظل الأوضاع المعيشية السيئة في مناطق شمال اليمن".
ويوافق منصور الناشط الإعلامي اليمني معتصم علي من استغلال" مليشيات الحوثي معاناة آلاف الموظفين كسُلّم لمناوراتها السياسية التي لا تنتهي، واتخاذ ملف الرواتب لتعزيز أجندتها التفاوضية مع الشرعية".
وفي حديثه لـ"العين الإخبارية" قال علي إن "الحوثي يحاول إلصاق تبعات نهبه رواتب الموظفين على أطراف أخرى، وفي الوقت ذاته يحرك آلة قمعه لإسكات الأصوات المطالبة بإطلاق الرواتب كحق يعني حياة الآلاف".
وأشار إلى أنه مع كل "موسم دراسي جديد تبدأ حملة ضد الموظفين في السلك التربوي، حيث نفذت المليشيات بالفعل حملات اختطاف بحق كثيرين، أبرزهم رئيس نادي المعلمين، ولحقت الكثير من الموظفين إلى منازلهم".
ومنذ عام 2016 ترفض مليشيات الحوثي تسليم رواتب موظفي الخدمة المدنية في مناطق سيطرتها، بمبرر نقل البنك المركزي إلى عدن، إذ تشير تقديرات إلى أن عددهم يصل لنحو 1.25 مليون موظف، غالبيتهم معلمون.
وفي مناطق الحكومة اليمنية يتلقى الموظفون مرتباتهم منذ عام 2017، كما قادت مبادرة إنسانية استمرت لعامين لتسليم رواتب 50 ألف موظف في مناطق الانقلابيين، لكن الحوثيين حظروا عملتها الحديثة مما تسبب بانقسام نقدي عميق في اقتصاد البلد.
aXA6IDMuMTQ3LjYyLjk5IA== جزيرة ام اند امز