هل ستلجأ إسرائيل إلى "هنيبعل" المُرعب في غزة؟
في صباح الأول من أغسطس 2014، وفي ذروة آب اللّهاب، كان "هنيبعل" الإسرائيلي يطوف برا وجوا، قرب رفح جنوبي قطاع غزة، لكن عن ماذا كان يبحث؟
القصة بدأت وانتهت في غضون 90 دقيقة، بعد هدنة مؤقتة كان من المفترض أن تنهي قتالا بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.
في ذلك الوقت، خرج مسلحو حماس من نفق ونصبوا كمينا لوحدة إسرائيلية، ما أسفر عن مقتل جنديين واختطاف ثالث.
حادثةٌ دفعت الجيش الإسرائيلي وقتها إلى ملاحقة الخاطفين وإطلاق العنان للقصف المدفعي والغارات الجوية على قطاع مكتظ بالسكان، وخاصة مدينة رفح، حيث وقع الكمين بالقرب منها.
أسفر القصف المدفعي والغارات الجوية، حينها، عن مقتل 140 فلسطينيا وجرح أكثر من 1000 خلال دقائق، فضلا عن إحداث دمار هائل.
كان وقف إطلاق النار قد بدأ للتو ما دفع للتساؤل عن سبب اندلاعه، فكان الجواب إنه بروتوكول "هنيبعل" الذي يدعو إلى استخدام أقصى قدر من القوة لمنع أسر الجنود الإسرائيليين، حتى مع المخاطرة بإيذائهم.
كان مسلحو "حماس" قد خرجوا من نفق وأطلقوا النار على الجنود ما أدى إلى مقتل جنديين إسرائيليين واختفاء أثار الجندي هدار غولدن.
تلك كانت المرة الأولى التي تنفذ فيها إسرائيل بروتوكول "هنيبعل" على الأرض في غزة، والذي لم يسبق للغالبية من الفلسطينيين أن سمعوا عنه من قبل.
فقد أراد الجيش الإسرائيلي قتل الجندي ومن معه من المسلحين الفلسطينيين تطبيقا للبروتوكول القاضي بأن "جنديا ميتا أفصل من جندي قيد الأسر".
ويقضي البروتوكول، الذي دخل حيز التنفيذ بالجيش في لبنان عام 1986، باستخدام الأسلحة الثقيلة في حالة أسر أي جندي لمنع الآسرين من مغادرة منطقة الخطف.
وما زال هدار غولدن، منذ ذلك الحين في غزة، دون أن يُعرف إن كان على قيد الحياة أو ميتا كما تقول تل أبيب، ولكن اليوم، انضم إليه ما لا يقل عن 250 إسرائيليا تم أخذهم رهائن في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
عائلات الرهائن تتخوف من "هنيبعل"
وللمفارقة فإن غادي أيزنكوت، الذي ألغى هذا البروتوكول عندما كان رئيسا لأركان الجيش الإسرائيلي، في يونيو/حزيران 2016، هو الآن عضو بالمجلس الوزاري الحربي الذي قد يأمر أو يرفض تطبيق هذا البروتوكول في غزة.
وتخشى عائلات الإسرائيليين الرهائن من تطبيق إسرائيل هذا البروتوكول خلال عملية برية يتوقع أن يطلقها الجيش في أي وقت.
ولذلك فقد صعدت العائلات من احتجاجاتها في تل أبيب والقدس الغربية لمطالبة الحكومة الإسرائيلية باسترجاع الرهائن قبل الشروع بالعملية البرية.
حتى إن العائلات قالت إنها على استعداد لقبول تبادل أبنائها بأسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية بل دعت إلى وقف إطلاق نار في غزة إذا كان الثمن إعادة الرهائن.
وتحمل العائلات في احتجاجاتها لافتات كتب عليها "على نتنياهو الاستقالة" و"أعيدوهم إلى البيت" و"نعم لتبادل الأسرى".
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه أخبر 212 عائلة بأن أبناء لها رهائن في غزة، ولكنه يشير إلى أن هذا العدد غير نهائي.
أما الفصائل الفلسطينية فتقدر أعداد الرهائن ما بين 200- 250.
ولأن الكثير من الإسرائيليين يحملون جنسيات مزدوجة، فقد أشارت تل أبيب إلى أن الرهائن هم من 32 جنسية، ما دفع حكومات هؤلاء، بمن فيها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، إلى الطلب من الحكومة الإسرائيلية التريث واستنفاد الفرص لإعادة الرهائن قبل إطلاق العملية البرية.
وتكمن خشية العائلات في أن الحكومة الإسرائيلية تعهدت ببذل جهودها لإعادة الرهائن ولكنها لم تتعهد بعدم تطبيق بروتوكول "هنيبعل".
ففي الجلسة الأولى للحكومة الإسرائيلية بعد هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول، قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، إنه "يجب ضرب حماس بقوة وعدم أخذ مسألة الرهائن كأحد الاعتبارات الهامة".
ويسود الاعتقاد لدى العائلات بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يفضل هدف إنهاء حكم حماس في غزة على إعادة الرهائن سالمين إلى إسرائيل وإن كان ينفي ذلك.
3 أنواع من الرهائن
في رسالة صوتية لأبو عبيدة، المتحدث باسم الجناح العسكري لحركة "حماس"، اعتبر أن الرهائن الأجانب الجنسيات "ضيوف"، أما البقية فهم أسرى.
ولكن مراقبين اعتبروا في أحاديث منفصلة مع "العين الإخبارية" أن حماس تصنف الرهائن إلى 3 أنواع وهي:
-الأول: الإسرائيليون حملة الجنسيات الأجنبية هم ضيوف كما أعلنت حماس، وعلى ما يبدو وكما حدث مع الأمريكيتين اللتين تم الإفراج عنهما فإنها ستكون مستعدة للإفراج عنهم كبوادر حسن نية نحو الدول، ولكن عددهم غير معروف.
-الثاني: المدنيون الإسرائيليون، وعلى ما يبدو ستفرج عنهم حماس مقابل بوادر إنسانية.
-الثالث وهم الأهم: الضباط والجنود وضباط الشرطة الإسرائيليون والذين من المرجح أن يكون مصيرهم واحدا من إثنين فإما الموت أو التبادل مع أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
والاعتقاد السائد هو أن حماس تنفذ إجراءات أمنية مشددة على الجنود والضباط.
وإذا ما كانت إسرائيل ستنفذ بروتوكول "هنيبعل" فسيكون الوسيلة الأخيرة لدى محاولة إنقاذ الجنود والضباط من الأسر.
ما هو بروتوكول "هنيبعل"؟
أنشأ الجيش الإسرائيلي بروتوكول "هنيبعل" ، وهو متأصل في عقيدة الجيش، وتم تدريسه لكل جندي رغم إلغائه رسميا، عام 2016.
وينص هذا البروتوكول على أنه إذا رأى جندي جنديًا آخر يتم اختطافه في ساحة المعركة، أو شعر أنه سيتم اختطافه هو أيضا، فيجب عليه أن يفعل كل ما في وسعه للتأكد من أن الخاطفين لا يهربون بهم.
يقضي "هنيبعل" باستخدام أقصى قدر من القوة لمنع أسر الجنود الإسرائيليين، حتى مع المخاطرة بإيذائهم.
ووفق ما طالعته "العين الإخبارية" في المكتبة الافتراضية اليهودية على موقعها الإلكتروني "على سبيل المثال، قبل العملية البرية في غزة في عام 2008، حذر قادة الجيش الإسرائيلي قواتهم من أن حماس ستحاول خطف الجنود".
وأضافت: "تم التأكيد على أن الجنود يجب أن يكونوا مستعدين لقتل أصدقائهم، أو أنفسهم، لمنع الأسر، وذهب أحد الضباط في لواء جولاني إلى حد القول بأنه يجب على الجندي تفجير القنابل اليدوية لتفجير نفسه في حال فشل جميع الخيارات الأخرى في إيقاف الاختطاف".
وتابعت: "يقف الجيش الإسرائيلي إلى جانب هذا البروتوكول، على الرغم من أوامره القاتمة، بسبب الاعتقاد بأن الجندي الذي تم القبض عليه يمكن تعذيبه وأن إطلاق سراحه في نهاية المطاف قد ينطوي على عملية إنقاذ مكلفة أو تبادل السجناء وأن هذه الخيارات أسوأ من الموت".
ولم تعلق الحكومة الإسرائيلية حول ما إذا كانت ستطبقه فعلا في غزة هذه المرة أم لا؟
aXA6IDE4LjExNy45NC43NyA= جزيرة ام اند امز