نائب رئيس حكومة لبنان لـ"العين الإخبارية": التعطيل ينذر بانهيار اقتصادي
حاصباني طالب ببذل جهود لضمان تجاوز حادثة الجبل لأنها لن تكون سببا في تعطيل الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري فقط وإنما لبنان بأكمله.
حذّر نائب رئيس الحكومة اللبنانية غسان حاصباني من استغلال "حادثة الجبل" لتعطيل مجلس الوزراء، منوهاً بوجود تدخلات وضغوط خارجية لزج بلاده في بعض الصراعات الإقليمية.
ونهاية يونيو/حزيران الماضي، شهدت محافظة جبل لبنان توترا أمنيا إثر تعرض موكب وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب لإطلاق نار أسفر عن مقتل اثنين من مرافقيه.
وتعرض موكب الغريب لإطلاق نار، بالتزامن مع احتجاجات على زيارة وزير الخارجية جبران باسيل للمنطقة التي تعرف بأنها معقل "الحزب التقدمي الاشتراكي" وهو ما لاقى رفضا من مناصري الأخير الذين قطعوا الطرقات.
وفي حديثه لـ"العين الإخبارية"، طالب حاصباني ببذل جهود لضمان تجاوز هذه الحادثة؛ لأن تأثيرها لن يكون في تعطيل الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري فقط وإنما لبنان بأكمله.
وشدد على ضرورة إيجاد معالجة مناسبة لتلك الأزمة، خاصة بعد مراحل التعطيل العديدة التي مر بها لبنان منذ عام 2010 وحتى الآن، قائلا: "الحل ليس بتعطيل جلسات الحكومة؛ بل على العكس مجلس الوزراء هو المكان الصحيح والطبيعي لحلّ المشكلات، واستمرار التعطيل يفتح الباب أكثر لاستغلاله وللتدخلات الخارجية".
ومنذ مطلع يوليو/تموز الجاري، اضطُر رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى تأجيل جلسات مجلس الوزراء، في ظل الأجواء المشحونة والاحتقان السياسي الكبير في البلاد جراء أحداث الجبل.
مخاطر اقتصادية
ونبه نائب رئيس الحكومة اللبنانية إلى أن استمرار تعطيل مجلس الوزراء، وعدم اتخاذ خطوات إصلاحية كبيرة فإن لبنان معرّض للانهيار الاقتصادي، وإن كان البلد لا يزال يتمتع بالأمان والجاهزية لاستقبال السياح، هذا الصيف، والذي تشير المعطيات إلى أنه مزدهر.
وأضاف: "لتعطيل الحكومة منذ شهر، انعكاسه على لبنان الذي يواجه أساسا تحديات اقتصادية ونقدية، وبالتالي نحتاج إلى عودة عمل مجلس الوزراء في أسرع وقت ممكن للانطلاق بالعمل الفعلي بعد إقرار الموازنة؛ حيث لا بد أن تُتخذ قرارات مهمة للبدء بتنفيذها، خاصة أنه تم إقرارها بعد تأخير أكثر من 7 أشهر".
وتوقف حاصباني عند الاستحقاقات اللبنانية، التي على حكومة الحريري السعي للحصول عليها، وعلى رأسها مؤتمر "سيدر"، الذي ينتظر تنفيذ بيروت لإجراءات محددة وغير عادية للبدء في تقديم المساعدات.
وفي 6 أبريل/نيسان الماضي، احتضنت العاصمة الفرنسية (باريس) مؤتمر سيدر الدولي، في محاولة لدعم الاقتصاد اللبناني، الذي تأثر بالحرب السورية ونزوح مئات الآلاف إليه.
كما يحتاج لبنان حالياً إلى قرارات ومراسيم حكومية من قبل رئيس الوزراء سعد الحريري، بدءاً من خطة الكهرباء إلى موضوع الاتصالات وأزمة النفايات والإصلاح في القطاع العام وغيرها.
وشدّد حاصباني على أن "المجتمع الدولي ينتظر من لبنان تطبيق كل هذه الإصلاحات المرتبطة أساسا بالقروض والمساعدات وبالتالي الوقت ليس لمصلحتنا".
وعن الموازنة التي تم إقرارها في الأسبوع الثالث من يوليو/تموز 2019، والتي توقعت تراجع العجز من 11.5% إلى 7.5%، ورفض حزبه (القوات اللبنانية) التصويت عليها، قال نائب رئيس الحكومة إن "الموازنة عملية ورقية لا قيمة لها إلا بالإجراءات التي سيتخذها مجلس الوزراء من أجل الإصلاح ومن ثم تنفيذها".
وأضاف: "بالتالي فإن الإجراءات والقوانين الإصلاحية هي الهدف وليست الموازنة بحد ذاتها، خاصة أن نتائجها ستنعكس على موازنة عام 2020".
الوقوف لمحاولات اختطاف لبنان بالمرصاد
سياسياً، يرى غسان حاصباني أنه وبعد 3 سنوات من انتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون ومن عمر العهد، لم تكن النتائج على قدر التوقعات؛ إذ إنه في الوقت الذي كان يفترض التوصل إلى منتصف الطريق لا يزال لبنان اليوم في المراحل الأولى لعملية الإصلاح في ظل سياسة تعطيل بناء المؤسسات التي ينتهجها البعض.
وفي انتقاد منه لسياسة وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، لفت نائب رئيس الحكومة اللبنانية، إلى أن ممارساته من شأنها تفريغ العهد الحاكم في لبنان حالياً من قوته وقدرته على الإصلاح والبناء، عبر التركيز على حملات انتخابية مبكرة توحي بأنه الحكومة أشرفت على نهايتها.
وعن ممارسات حزب الله الإرهابي وحلفائه في لبنان والضغط على حكومة الحريري وصفها "حاصباني" بأنها ليست جديدة، قائلا: "دورنا دائما أن نبقى بالمرصاد، وأن نقوم بعملنا بشكل جدي، والسير بخطط الإصلاح التي من شأنها أن تمنع أي طرف من تحقيق هدفه في السيطرة على لبنان".
وعن العقوبات الأمريكية على مليشيا حزب الله الإرهابي، لا ينفي حاصباني أنها تشكل ضغوطا على بلاده لكنها في الوقت نفسه تؤكد "الهم اللبناني الوحيد وهو تحييد القطاع المصرفي، وألا يتأثر سلبا بهذه العقوبات والاستمرار بدعم الجيش اللبناني".
وأضاف: "يمكن القول إن الإدارة الأمريكية التي لا مشكلة لها مع لبنان، تأخذ قراراتها بشكل مدروس، وأكدت أن إجراءاتها موجهة ضد حزب الله ومن ينتمي إليه ومن يدعمه فقط، وليس الهدف منها بيروت".
وبخصوص الوضع الأمني في لبنان وتوقعاته لموسم السياحة، أكد نائب رئيس الحكومة اللبنانية أن الأمن في بلاده مستقر إلى درجة عالية، ويكاد يكون الأفضل في المنطقة، ما انعكس في نسبة الحجوزات المرتفعة في الفنادق، وهو ما يشير إلى موسم سياحي واعد يتوقع أن يكون الأكثر ازدهارا منذ سنوات.
وفي قضية المعابر غير الشرعية على الحدود السورية التي يقرّ المسؤولون اللبنانيون بتأثيرها السلبي على اقتصاد البلاد والتهرب الجمركي، طالب حاصباني بإعطاء هذه المشكلة أولوية خلال الأشهر المقبلة، وأن تكون الدولة قادرة على السيطرة عليها إذا اتخذ قرار حاسم.
واختتم بحديثه بالتأكيد على أن الجيش والقوى الأمنية في لبنان بإمكانها جميعاً القيام بهذه المهمة، وهو ما كان محور بحث أخير بين الوزراء المعنيين والقادة الأمنيين، موضحاً أن هذا الأمر يحتاج أيضاً إلى قرار في الحكومة التي لا تزال جلساتها معطلة.
aXA6IDMuMTM2LjE5LjIwMyA= جزيرة ام اند امز