حلوى المولد متعة قصيرة وأضرار صحية طويلة.. كيف تحمي أطفالك؟
في يوم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، تنتشر أجواء الفرح في المنازل والشوارع، ويعد تناول "حلويات المولد" جزءًا أساسيًا من هذه المناسبة.
ورغم أن الأطفال يفرحون كثيرًا بتناول تلك الحلويات الشهية، إلا أن الإفراط في استهلاكها قد يحمل أضرارًا صحية جسيمة.
وتشير العديد من الدراسات والتحذيرات الطبية إلى ضرورة الاعتدال في تناول الحلويات، خاصة للأطفال، لأن السكريات تؤدي إلى مشاكل صحية تبدأ بالسمنة وقد تمتد إلى أمراض مزمنة مثل السكري وأمراض القلب.
السكر والوزن الزائد: الكارثة الخفية
ريما باتيل، إخصائية تغذية الأطفال في Dietitian Fit & Co، توضح أن السكر يعد من أهم المسببات لزيادة الوزن عند الأطفال. الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من السكر، مثل البسكويت والحلويات، تحتوي على سعرات حرارية مرتفعة دون تقديم فائدة غذائية تُذكر.
تعرف هذه الأنواع من الأطعمة بالسعرات الحرارية الفارغة. وتضيف باتيل أن تناول كميات زائدة من الحلويات يؤدي إلى استهلاك سعرات حرارية أكثر مما يحتاجه الجسم، مما يُسبب تراكم الدهون في الجسم، خاصة الدهون الضارة التي ترتبط بأمراض مثل السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، وارتفاع الكوليسترول، وحتى بعض أنواع السرطان.
النظام الغذائي الغني بالسكر ومقاومة الأنسولين
لا يتوقف تأثير الحلويات على الوزن فقط، بل يؤدي الإفراط في تناولها إلى رفع مستويات السكر في الدم، مما يساهم في مقاومة الأنسولين، وهي حالة تفقد فيها الخلايا قدرتها على الاستجابة الطبيعية للأنسولين.
هذا الخلل هو أحد الأسباب الرئيسية وراء الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، وهو مرض يزداد انتشاره بين الأطفال بشكل مخيف في السنوات الأخيرة.
السكر وتأثيره على الهرمونات والشهية
من الناحية البيولوجية، يلعب السكر دورًا كبيرًا في التحكم بالشهية. يرتبط تناول كميات كبيرة من السكر بمقاومة هرمون اللبتين، الذي يعمل على تنظيم الطاقة وتقليل الشعور بالجوع.
وعندما يصبح الجسم مقاومًا لهذا الهرمون، يجد الأطفال صعوبة في التحكم بشهيتهم، ما يؤدي إلى تناول كميات أكبر من الطعام وزيادة الوزن.
كما أن السكر يؤثر على هرمونات أخرى مثل هرمون الغريلين الذي يزيد من الشعور بالجوع، وهرمون الببتيد 2 الذي يعمل على كبح الشهية.
الإدمان على السكر: دائرة لا تنتهي
من أكبر التحديات التي تواجه الأهل هي أن السكر يسبب الإدمان، فعندما نتناول الحلويات، يقوم المخ بإفراز مواد كيميائية تمنحنا الشعور بالمتعة، مما يجعل الأطفال أكثر رغبة في تناول المزيد من الحلويات.
هذا التأثير يشبه إلى حد ما تأثير المواد المخدرة على الدماغ، حيث ينشط نظام المكافأة في المخ، مما يزيد من الرغبة المستمرة في تناول السكريات بشكل متكرر.
تأثير الحلويات على نوم الأطفال
لا يقتصر تأثير الإفراط في تناول الحلويات على الشهية والوزن فقط، بل يمتد ليؤثر على جودة نوم الأطفال. تشير إخصائية التغذية ريما باتيل إلى أن النظام الغذائي الغني بالسكر قد يؤدي إلى اضطراب في النوم، وهذا بدوره يؤثر على قدرة الطفل على التعلم والتركيز.
يُعتبر النوم جزءًا أساسيًا من نمو الأطفال وتطورهم الذهني، حيث يرتبط بتحسين الانتباه، الذاكرة، والتحكم في السلوكيات. لذا، فإن تناول كميات كبيرة من الحلويات قد يكون ضارًا بأداء الأطفال في المدرسة ويؤثر على سلوكهم اليومي.
كيف نحمي أطفالنا؟
على الرغم من أن تناول حلويات المولد يعد جزءًا من تقاليد الاحتفال، إلا أن الاعتدال هو الحل الأمثل. يمكن السماح للأطفال بالاستمتاع بهذه الحلويات ولكن بكميات محدودة، مع محاولة تقديم خيارات صحية تحتوي على كميات أقل من السكر.
ويمكن أيضًا تشجيع الأطفال على تناول الفواكه الطبيعية كبديل للحلويات المصنعة، مما يوفر لهم متعة تناول شيء حلو دون التعرض للأضرار الصحية المترتبة على تناول السكر بكميات كبيرة.
في النهاية، يبقى الاعتدال في تناول السكر هو الأساس لحماية صحة أطفالنا. يمكن للحلويات أن تكون جزءًا من الحياة، لكن الإفراط فيها يمكن أن يقود إلى سلسلة من المشكلات الصحية التي يصعب التعامل معها لاحقًا.