الناخبون من أصل لاتيني.. مخاطرة هاريس
لا تتحدث كثيرا عن أصولها الأفريقية أو الجنوب آسيوية، ولا تخاطب الناخبين اللاتينيين بشأن هويتهم أيضًا، ملامح استراتيجية الحملة الانتخابية لكامالا هاريس المرشحة الديمقراطية لسباق البيت الأبيض.
هذه الاستراتيجية تعد «تحولا كبيرا»، تشهده الحملة الانتخابية الحالية لهاريس في طريقة استهداف الحزب الديمقراطي للناخبين من أصل لاتيني، بحسب مجلة «بوليتيكو» الأمريكية، مشيرة إلى أنه يمكن اعتبارها توبيخا للأسلوب التقليدي للحزب الذي كان يرى أن الخطابات العلنية بشأن العرق والسياسات التقدمية بشأن الهجرة هي مفتاح الفوز بأصوات هذه الكتلة.
وبعدما فقد الديمقراطيون الدعم من اللاتينيين على مدار العقد الماضي، تحاول هاريس رسم مسار مختلف يبتعد عن سياسات الهوية، بما في ذلك الطريقة التي تغازل بها الناخبين اللاتينيين في ولايات متأرجحة مثل أريزونا ونيفادا وبنسلفانيا.
وتركز إعلانات حملة هاريس الموجهة إلى اللاتينيين الناطقين بالإنجليزية والإسبانية في هذه الولايات على الاقتصاد وانتشار المخدرات والجريمة.
تركيز بدا واضحا، في مقابلة إذاعية باللغة الإسبانية بثت قبل أيام، أكدت خلالها هاريس دعمها لنشر المزيد من وكلاء الهجرة على الحدود والقضاء على تدفق مخدر الفنتانيل إلى الولايات المتحدة.
وقال مات تويرك، أول عمدة لاتيني لمدينة ألينتاون بولاية بنسلفانيا، والتي تضم عددا كبيرا من اللاتينيين إن «حملة هاريس تفهم ما كنا نقوله عن اللاتينيين لفترة طويلة، وهو أننا لسنا كتلة واحدة.. نحن جميعًا أمريكيون -أيضًا- ولدينا الكثير من القيم الأساسية التي يؤمن بها كل أمريكي».
وقال الاستراتيجيون اللاتينيون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، إن استراتيجية هاريس تعكس تنوع فريقها، بمن في ذلك مديرة حملتها جولي شافيز رودريجيز، وهي حفيدة زعيم العمال والناشط في مجال الحقوق المدنية سيزار شافيز.
هذه الاستراتيجية تكشف عن مرشحة «لديها فهم مباشر لما يعنيه أن يتم تعريفك من قبل الآخرين على أساس العرق أو الجنس»، بحسب الخبراء.
وفيما يتعلق بالسياسة، فإن قضية الهجرة هي إحدى نقاط ضعف الديمقراطيين، لكنّ هاريس تبنت خطابا صارما بشأن الحدود كوسيلة لمواجهة الانتقادات بشأن ذلك الملف الذي اعتبره الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب علامة مميزة لحملاته الانتخابية منذ ترشحه للرئاسة للمرة الأولى عام 2016.
وقال مايك مدريد، الاستراتيجي الجمهوري المناهض لترامب: «لا شك أن حملة هاريس مختلفة 180 درجة مع الناخبين اللاتينيين عن أي مرشح ديمقراطي آخر في التاريخ».
وأضاف أن المفارقة التي اعتبرها «جميلة» تتمثل في أن الأمر «احتاج لامرأة من أصل أفريقي لمساعدة الحزب الديمقراطي في كسر الحلقة التي وضعوا أنفسهم داخلها بشأن سياسات الهوية».
واعتبر الاستراتيجيون أن نهج حملة هاريس يوضح فهمًا دقيقًا للشتات اللاتيني في الولايات المتحدة وهو الفهم الذي افتقدته السياسات الديمقراطية منذ فترة طويلة، خاصة في التعامل مع المجتمعات من بورتوريكو ودومينيكان في ولاية بنسلفانيا.
وفي تصريحات لـ«بوليتيكو»، قالت النائبة الديمقراطية ألكسندريا أوكاسيو كورتيز إنهم «يهتمون بالشتات.. لذا أعتقد أنه مع مرور الوقت، سنرى نتائج هذا النهج الأكثر دقة».
وهذا التحول في استراتيجية هاريس في جزء منه هو استمرار لنهج الرئيس جو بايدن الذي أثار غضب التقدميين باتخاذه إجراءات تنفيذية لقمع المهاجرين الذين يطلبون اللجوء.
لكنّ هاريس كانت أكثر صرامة في خطابها بشأن الحدود حيث تروج حملتها لكيفية "«مواجهتها للمنظمات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية»، عندما كانت المدعية العامة لولاية كاليفورنيا الحدودية، وغالبًا ما تتحدث عن دعمها لمشروع قانون أمن الحدود الذي أجهضه حلفاء ترامب الجمهوريون في الكونغرس.
لكنّ هذا التحول له ثمن؛ إذ شعر بعض الناشطين اللاتينيين من اليسار بالإحباط، وحذروا من أن هذا قد يلحق الضرر بها في صناديق الاقتراع.
وقال ليو موريتا، مدير مجموعة لحقوق المهاجرين أيدت هاريس: «لقد انزلق الحزب الديمقراطي إلى هذه المحادثة المحافظة الجديدة التي تقول إن المهاجرين سيئون ويجلبون المخدرات».
وأضاف: «في هذه المرحلة، لا يوجد فرق كبير بين الديمقراطيين والجمهوريين وأعتقد أنها خطوة خاطئة جذرية للديمقراطيين».
وتسعى هاريس جاهدة لجذب اللاتينيين الذين حصل ترامب على دعمهم في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ورغم تحسن موقفها بشكل كبير عن بايدن قبل انسحابه من السباق، إلا أنها لا تزال تتخلف عن أرقام بايدن لعام 2020.
وأظهر استطلاع رأي أجرته شركة Entravision تقدم هاريس على ترامب حيث حصلت على أصوات 55% من اللاتينيين مقابل 33% لترامب وهو ما يقل عن الدعم الذي حظي به بايدن في 2020 حين حصل على أصوات 61% من اللاتينيين.
وفي 2016، حصلت الوزيرة السابقة والمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون على 66% من أصوات اللاتينيين، بينما فاز الرئيس الأسبق باراك أوباما بأكثر من 70% من أصواتهم في 2012.
وفي مقابلتها الإذاعية الأسبوع الماضي، نددت بسياسات ترامب السابقة في فصل العائلات ووعدت «بالاعتناء بالحالمين، وتوفير مسار للحصول على الجنسية للذين حصلوا عليها».
والأربعاء الماضي، هاجمت هاريس في خطاب أمام معهد الكونغرس، ترامب بسبب دعوته إلى «الترحيل الجماعي».
ووصف كارلوس أوديو، المؤسس المشارك لشركة Equis Research نهج هاريس بـ«الأكثر توازنا»، حيث يتعلق بـ«الاعتراف بالحاجة إلى النظام على الحدود والنهج الإنساني والعملي للتعامل مع الأشخاص الموجودين بالفعل هنا».
وقال إنها «تتناقض بشكل جيد مع مقترحات ترامب خاصة فيما يتعلق بالترحيل الجماعي للأشخاص الذين يعملون ويعيشون هنا منذ عقود».
مساعد هاريس، الذي طلب عدم الكشف عن هويته قال إن اللاتينيين الذين يمكن إقناعهم يريدون سماع المزيد عن أمن الحدود.
وقال مات باريتو، خبير استطلاعات الرأي: «بناءً على البيانات، لا تزال هناك نسبة عالية إلى حد ما من اللاتينيين الذين ما زالوا يتعرفون على هاريس»، مشيرا إلى أنه بمرور الوقت ستتحسن نتائجها بنسبة تتراوح ما بين نقطتين إلى 3 كل أسبوعين إلى 3 أسابيع.
ومع ذلك، يعترف حلفاء هاريس في الكونغرس بأن عليها تحقيق توازن صعب في مغازلة اللاتينيين. وقال النائب الديمقراطي من كاليفورنيا سالود كارباخال: «نحن جميعًا اللاتينيين، نريد إجراء إصلاح شامل للهجرة، لكننا نعلم أنه قد يتعين علينا القيام بذلك على شكل قطع لأنه صعب». واعتبر أن المرشحة الديمقراطية تقوم بعمل جيد.
aXA6IDQ0LjIyMC4yNTEuMjM2IA== جزيرة ام اند امز