حسن البارودي صاحب المسيرة الفنية المخلصة.. بماذا مدحته أم كلثوم؟
من الطبيعي أن يمتلك كل فنان مسيرة عامرة بالأعمال الدرامية، ولكن حسن البارودي امتلك الإخلاص والوفاء لفنه والثقة بموهبته، لذلك ظلت موهبته خالدة وأدواره ذات بصمة لا تُنسى.
ينتمي حسن البارودي إلى جيل الممثلين الذين أفنوا أعمارهم ليس طمعا في شهرة ولا مال، ولكن حبًا في السينما والمسرح، فظل يناصر التمثيل ويحترم الجمهور حتى آخر أيام عاشها قبل رحيله، ولذلك امتلك رصيدًا لا يُستهان به من المحبة في قلوب الجماهير، وخلّد ذكراه بأعمال فنية مميزة، وأداء قوي ومتفرد.
قصة حسن البارودي
تمر ذكرى ميلاد حسن البارودي اليوم 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 1898، واسمه كاملا "حسن محمود حسانين البارودي"، وفي مدرسته كان رئيسًا لقسم التمثيل والخطابة ولم يكن عمره قد تجاوز الخامسة عشرة، وفي أثناء زيارة لسعد زغلول وحزب الوفد للمدرسة نال استحسان زعيم الأمة بطلاقته في اللغة العربية والإلقاء، وشجعه على أن يمتهن المحاماة.
كان للبارودي مسلك آخر سعى من أجله، فكان محبًا حقيقيًا للفن والمسرح، وبدأ مسيرته مع فرقة حافظ نجيب المتجولة، ومنها إلى فرقة عزيز عيد، ثم فرقة رمسيس التي عمل بها مُلقنا، وانضم لفرقة فاطمة رشدي، ومع الفنانة نجمة إبراهيم كوّن البارودي فرقة مسرحية تنقلت بين المحافظات حتى وصلت إلى السودان، حيث استقر لفترة قبل أن يعود إلى مصر ويستكمل مشواره الفني.
أفلام حسن البارودي
اعتاد الجمهور أن يرى حسن البارودي في أدوار اتسمت بالتلاعب والقدرة على التملق، فهو من أقنع "أبو العلا" بأن يطلق زوجته مرددا عليه الآية القرآنية "وأطيعوا الله والرسول وأولى الأمر منكم" في فيلم "الزوجة الثانية"، غير أن بدايته كانت من خلال المسرح، الذي قدم على خشبته "سكة السلامة"، و"السبنسة"، و"غادة الكاميليا"، و"البؤساء"، و"مجنون ليلى"، و"مصرع كليوباترا".
أما ظهوره الأول على شاشة السينما، فكان في فيلم "بنت النيل" عام 1929، واستطاع مع توالي مشاركاته السينمائية أن يتميز بأداء قوي وصوت واضح ومُعبر كأنه يعزف، أو مثلما وصفته أم كلثوم "حسن البارودي تعبيرات صوته تغني".
ومن أهم الأعمال التي شارك بها البارودي:
- فيلم "ليلى بنت الريف"- 1941
- فيلم "بنت ذوات" – 1942
- فيلم "الأفوكادو مديحة"- 1950
- فيلم "مليون جنيه"- 1953
- فيلم "درب المهابيل"- عام 1955
- فيلم "الفتوة"- 1957
- فيلم "حسن ونعيمة"- 1959
- فيلم "الحرام"- 1965
- فيلم "السيرك"- 1968
كان حسن البارودي يتقن الإنجليزية والألمانية، واستطاع أن يشارك في أعمال عالمية، منها: فيلم "الخرطوم"، وفيلم "روميل يغزو القاهرة"، وفيلم "3 قصص مصرية"، وكان آخر الأدوار التي قدمها في فيلم "العصفور" عام 1974.
رحيل حسن البارودي
أصر البارودي على أن يمثل ويشترك بأعمال مسرحية وفنية لآخر عمره، بالرغم إصابته بالمرض وفقدان بصره، إلا أنه ظل يحاول أن يحافظ على أدواره ويستعين بابنه ليتذكر أماكن وقوفه على المسرح حتى لا يلاحظ الجمهور ،وخاصة أن وزارة الثقافة لم تساعده في علاجه، وعندها تدخلت أم كلثوم ليتم الموافقة على قرار علاجه وسفره بالخارج.
نال حسن البارودي وسام الفنون سنة 1959، وجائزة الدولة التشجيعية قي العلوم والفنون من الطبقة الأولى 1962، وقبل وفاته، تم الاستغناء عنه وإحالته للمعاش، الأمر الذي أحزنه وجعله يلزم منزله، رغم محاولات المحيطين به للخروج من هذه الحالة، التي بقي عليها حتى توفي في 18 يناير 1974.
وكانت اللحظات التي تسبق رحيله مؤثرة- كما حكى عنها نجله أشرف- الذي رأى والده على فراشه مٌحاطا بأقرب الفنانين إلى قلبه، وكان من بينهم محمود المليجي وعبد الوارث عسر وشفيق نور الدين، وقال له "لم أترك لكم شيئا تخجلون منه.. فدائما اجعلوا رؤوسكم مرفوعة بأعمالي"، وفي نزعه الأخير رآه ابنه وهو ينادي على الفنان الراحل "حسين رياض".