الفطور «في خطر».. التغير المناخي يهدد إنتاج الحليب عالميا

في واحدة من أكثر الدراسات شمولا حول تأثير الحرارة الشديدة على الثروة الحيوانية، وجد باحثون أن الاحتباس الحراري يهدد إنتاج الحليب عالميا.
وأظهرت الدراسة، التي نُشرت في مجلة "ساينس أدفانسيس"، أن يوما واحدا فقط من الحرارة الشديدة قد يؤدي إلى انخفاض إنتاج الحليب بنسبة تصل إلى 10%، وأن تأثير هذا الإجهاد الحراري يمتد لأكثر من عشرة أيام، حتى مع وجود أنظمة تبريد متطورة.
يقول الدكتور إييال فرانك، الباحث المشارك من جامعة شيكاغو: "تغير المناخ سيؤثر على كل ما نأكله ونشربه، بما في ذلك كوب الحليب البارد، فحتى أكثر المزارع تجهيزا تكنولوجيا لا تستطيع تعويض الآثار الكاملة للحرارة الشديدة".
وركزت الدراسة على صناعة الألبان في إسرائيل، التي تُعد نموذجًا متقدما عالميا، حيث تتوزع المزارع على مناطق مناخية مختلفة، وتُستخدم فيها تقنيات تبريد مثل الرش والتهوية على نطاق واسع. وعلى مدار 12 عاما، راقب الباحثون بيانات تخص أكثر من 130 ألف بقرة، وقارنوا إنتاج الحليب بدرجات الحرارة والرطوبة المحلية.
حرارة تفوق قدرة التكيّف
أظهرت النتائج أن الإنتاج يتراجع بشدة عندما تتجاوز درجة حرارة البصيلة الرطبة 26°C، وهي مقياس يجمع بين درجة الحرارة والرطوبة لقياس الإجهاد الحراري بدقة، وتشبه هذه الظروف ما يُعرف بـ"حمام البخار"، الذي يصعب على الأبقار تحمله، ويؤثر سلبا على صحتها وقدرتها الإنتاجية.
وعلى الرغم من اعتماد 97% من المزارع على أنظمة التبريد، فقد أوضحت الدراسة أن هذه التقنيات تعوض فقط نحو نصف الخسائر في الأيام ذات الحرارة المعتدلة (20°C)، وتنخفض فعالية هذه الحلول إلى 40% عند حرارة 24°C، ما يشير إلى حدود القدرة التكنولوجية في مواجهة آثار المناخ المتطرف.
خسائر عالمية تهدد الأمن الغذائي
وعند إسقاط النتائج على أكبر 10 دول منتجة للألبان عالميا، توقعت الدراسة أن ينخفض متوسط إنتاج الحليب بنسبة 4% يوميًا لكل بقرة بحلول منتصف هذا القرن، في حال عدم استخدام وسائل تبريد. وقد تكون الهند وباكستان والبرازيل من أكثر المتضررين، بخسائر تتجاوز 4% يوميا.
حتى مع تطبيق أنظمة التبريد، تبقى الخسائر قائمة؛ إذ تُقدر الخسارة اليومية بنحو 1.5% إلى 2.7% لكل بقرة في الدول الخمس الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين.
التبريد مهم.. لكنه ليس كافيا
تؤكد الباحثة الرئيسية، الدكتورة كلير بالاندري، أن التبريد يبقى استثمارا مجديا، إذ يمكن استعادة تكاليف تركيبه خلال عام ونصف فقط. لكنها تضيف أن الاعتماد على التبريد وحده ليس كافيا، مشيرة إلى ضرورة تقليل العوامل الأخرى التي تسبب إجهادًا للأبقار، مثل العزل والضوضاء وفصل العجول عن أمهاتها.
وتختم بالقول: "علينا التفكير في حلول أكثر شمولا لحماية الثروة الحيوانية من آثار تغير المناخ، ليس فقط للحفاظ على الإنتاج، بل لضمان رفاهية الحيوانات أيضا".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTI2IA== جزيرة ام اند امز