"العين الإخبارية" تتبع موجة الحر في المغرب.. سيناريوهات ساخنة
تعيش مختلف مدن مناطق المملكة المغربية الأيام الأخيرة موجة حر، بعد أن تجاوز متوسط درجة الحرارة عتبة 45 درجة مئوية
وحسب خبراء المناخ والبيئة بالمغرب، فإن الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة، خاصة في المناطق الجنوبية والجبلية هذا الأسبوع يعد من الأكثر سخونة في تاريخ المغرب بسبب تغير المناخ، ما خلف حالة من الهلع بين المواطنين وفلاحي الواحات.
موجة حرارة حارقة
وتوقعت المديرية العامة للأرصاد الجوية، تسجيل موجة حر مع درجات حرارة تتراوح ما بين 39 و48 درجة من الجمعة الماضي إلى اليوم الاثنين المقبل، بعدد من أقاليم المملكة، موضحة ، في نشرة إنذارية من (مستوى يقظة أحمر)، أنه يرتقب تسجيل درجات حرارة تتراوح ما بين 44 و48 درجة بعدد من المدن الداخلية كما تتوقع المديرية في النشرة ذاتها (مستوى يقظة برتقالي)، تسجيل درجات حرارة يوم غد الجمعة، تتراوح ما بين 45 و48 درجة بكل من مدن زاكورة وطاطا (جنوب المملكة)، وما بين 42 و44 درجة بكل من بني ملال والفقيه بن صالح (المناطق الجبلبة).
تسببت موجة الحرارة التي اجتاحت معظم مناطق وجهات المملكة، في عدة حرائق في مناطق مختلفة، خاصة الجنوب، حيث اندلعت النيران في واحات طاطا (جنوب البلاد) وأتت على أشجار النخيل في واحة "تزكي يرغن" وحريق آخر دمر نخيل واحتي "أديس" و"أفرا" .
. وحسب مصادر محلية في حديثها مع "العين الإخبارية"، فإن الحريق أتى على أكثر من 80% من واحة"تزكي يرغن"، ما استنفر مختلف عناصر السلطات المحلية والدرك الملكي، والقوات المساعدة، والوقاية المدنية ورجال الإطفاء والهلال الأحمر المغربي.
وأضافت المصادر نفسها، أن رجال الإطفاء سخروا جميع المعدات اللوجستية من أجل السيطرة على الحريق الذي استغرق إخماده عدة ساعات.
وفي هذا الصدد، أكد مصدر مسؤول من مديرية الأرصاد الجوية، لـ "العين الإخبارية"، أن ارتفاع درجات الحرارة هو نتيجة منخفض صحراوي، يأتي برياح قوية أو جنوبية شرقية، التي تأتي بهذه الكتل وترفع درجات الحرارة، المعروفة بظاهرة الشركي.
وأوضح المصدر عينه، أن الارتفاع في درجات الحرارة أيضا، هو بسبب صعود كتل هوائية حارة وجافة قادمة من الصحراء الكبرى نحو الجنوب، وسط شمال وشرق البلاد، والمعروفة بظاهرة الشرقي، الذي جاء نتيجة نشاط المنخفض الصحراوي، الذي يوجه رياحا جنوبية شرقية تعمل على صعود كتل هوائية ساخنة تزيد من ارتفاع درجات الحرارة، مشيرا إلى أن هذا الارتفاع في درجة الحرارة لن يستمر طويلا.
وفي هذا السياق، عزت أميمة خليل الفن، خبيرة في المناخ والتنمية المستدامة في اتصال مع "العين الإخبارية"، أسباب الحريق إلى ارتفاع في درجات الحرارة بسبب تغير المناخ وتنامي رياح الشركي، التي سرعت من التهاب النيران وإلحاق عدة خسائر.
ودعت خليل الفن، أن المغرب اليوم يعيش تحديا كبيرا بسبب تغير المناخ والمشكلات البيئية الكبرى التي يعيشها المغرب، ما يتطلب تظافر جهود جميع المتدخلين في المجال حكومة ومنتخبون ومجتمع مدني من أجل إيجاد حلول وتدابير للتكيف مع آثار تغير المناخ؟
ومن جهته لفت محمد بنعبو، الخبير في المناخ والبيئة والتحسيس بخطورة الحرائق، في حديث مع "موقع العين الإخبارية، أن "المغرب ليس بعيدا عن السيناريو الذي عاشته الجزائر خلال نهاية الشهر الماضي، على اعتبار أن المنطقة تشهد التغير المناخي نفسه".
وأفاد بنعبو، أن ما يميز المغرب عن الشقيقة الجزائر أنه يتوفر على إمكانيات وكفاءات عالية متمكنة للسيطرة على الحرائق في أسرع وقت ممكن"، مشيرا إلى أن الإمكانيات اللوجستية والبشرية التي يتوفر عليها المغرب لمواجهة هذه الحرائق، يمكن أن تقلل من الخسائر المتوقعة وتجنبنا سيناريو السنة الماضية.
خرائط تنبؤ استباقية
ومن أجل استباق ظاهرة حرائق الغابات على الصعيد الوطني، تصدر الوكالة الوطنية للمياه والغابات، بشكل يومي، بناء على معطيات علمية، خرائط تنبؤ تحدد بدقة المناطق الحساسة والمعرضة لخطر اندلاع الحرائق الغابوية، ابتداء من هذا الأسبوع.
وتتم هذه العملية بناء على تحليل البيانات المتعلقة خصوصا بنوعية الغطاء الغابوي وقابليته للاشتعال والاحتراق، والتوقعات المناخية والظروف الطبوغرافية للمناطق، وتحديد الأقاليم حسب درجة الخطورة.
وتشدد الوكالة من خلال بتوخي الحيطة والحذر من طرف الساكنة المجاورة للمجالات الغابوية أو العاملين بها، وكذلك من طرف المصطافين والزوار وعليهم أن يتفادوا أي نشاط قد يسبب اندلاع الحريق كما عليهم إبلاغ السلطات المحلية بسرعة في حال رصد أي دخان أو سلوك مشبوه.
وفي هذا السياق، قال مصطفى بنرامل الخبير في البيئة والتنمية المستدامة، إن الوكالة الوطنية للمياه والغابات شرعت في إعداد مجموعة من الخرائط تنبؤ للمناطق الهشة والمعرضة أكثر لاندلاع الحرائق بها.، ويرى بنرامل، ضرورة انخراط باقي القطاعات المعنية والجماعات الترابية والمجتمع المدني المهتم بالجانب البيئي للتكيف والتخفيف من خطورة الحرائق في حالة حدوثها.
كما دعا في هذا الإطار، الجميع لتحمل المسؤولية والمساهمة في التدخل سواء في الفترة الاستباقية أو العملية لإنجاح كل الخطوات التي تنبؤنا بها الوسائل التكنولوجية من خلال خطوات إجرائية عملية على أرض الميدان وخصوصا في المناطق الأشد تأثرا بحدوث حرائق بها.
ناقوس الخطر
بسبب ارتفاع موجة الحرارة المفرطة دق أطباء ناقوس الخطر نتيجة إصابة مواطنين خاصة (الشيوخ والأطفال) بأمراض وظهور أعراض مثل ألم في الرأس وجفاف حاد في الأمعاء، ومرض "المينانجيت" المصحوب بارتفاع في درجة حرارة الجسم.
ومن أجل التعامل مع هذه الأعراض المرضية أكد الطيب حمضي، طبيب باحث في السياسات والنظم الصحية، في حديث مع "العين الإخبارية"، أن موجة الحرارة يمكن أن تؤدي إلى جفاف الجسم وتصيب بنسبة عالية المسنين والأطفال، مشيرا إلى أن بعض الأعراض تكون أكثر خطورة على حياة الإنسان لهذا يتطلب ظهورها تدخلا طبيا مستعجلا.
وينصح الدكتور حمضي، بسبعة نصائح وهي إجراءات وقائية يجب اتباعها من طرف الجميع لمواجهة موجة الحرارة ومشاكلها الصحية،بشرب الماء باعتباره ضرورة حيوية للكبار والصغار قبل الإحساس بالعطش، وكذا شرب العصائر والشوربة للحصول على الأملاح المعدنية
ويشدد الطبيب ذاته، بالاغتسال بمياه الرشاش "دوش" عدة مرات في اليوم دون تجفيف الجسم بالفوط بعد الحمام، أو استعمال رشاش ماء لتبليل الجسم وتعريض الأطراف المبللة للهواء والريح أو ريح المروحة الكهربائية أو اليدوية، خاصة بالنسبة للمسنين الذين تنقص لديهم قوة الإحساس بالحرارة والعطش، وتعجز أجسامهم عن تصريف الحرارة عن طريق التعرق مثل الشباب.
كما دعا المتخصص نفسه، إلى تناول وجبات خفيفة وعلى مرات متعددة في اليوم، والتركيز على أكل الخضر والفواكه لمد الجسم بحاجياته من الماء والأملاح.
وينصح الدكتور بإغلاق النوافذ في النهار لمنع تدفق الحرارة المفرطة من الخارج نحو البيت، وفتح النوافذ والباب لخلق تيار هوائي أثناء الليل وفي الصباح المبكر.
من جانب آخر ينصح الطبيب بارتداء ملابس قطنية خفيفة وفضفاضة فاتحة اللون مع قبعة كبيرة، مع تجنب النشاط البدني المجهد والبقاء في الظل بعيدا عن أشعة الشمس الحارقة.
وبخصوص الأعراض الأكثر خطورة، التي تستدعي التدخل الطبي المستعجل، وهي ظهور أعراض العياء، دوار، عطش شديد، ألم بالرأس، وتشنجات عضلية مؤلمة (خاصة في الساقين أو الذراعين أو البطن) غثيان، قيء، إسهال، جفاف جلدي واحمراره، مصحوب باحترار أو هذيان أو فقدان للوعي وفق الدكتور حمضي.
يشار إلى أن برنامج "كوبرنيكوس" لرصد الجفاف، التابع لمركز البحوث المشتركة بالاتحاد الأوروبي، رصد وضعا مقلقا في تقرير حول تزايد درجات الحرارة وتأثيرها على تفاقم الإجهاد المائي في منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط التي تضم المغرب.
وأكد التقرير، الصادر أخيرا، أن الجفاف المتفاقم بالمنطقة المغاربية وجنوب أوروبا، نتيجة موجات الحر المتكررة، أثر على رطوبة التربة ومستوى تدفقات الأنهار، وأوقف نمو النباتات والمحاصيل، مبرزا أن مناطق كثيرة من غرب البحر الأبيض المتوسط شهدت انخفاضا مستمرا في هطول الأمطار لأكثر من عام، كما شهدت فصلي شتاء وربيع جافين ودافئين بشكل استثنائي، ما تسبب في جفاف شديد في المنطقة، متوقعا استمرار ارتفاع درجات الحرارة خلال صيف السنة الجارية.
aXA6IDMuMTQ3Ljc4LjI0MiA= جزيرة ام اند امز