الخناق يضيق على حزب الله.. لبنان يوافق على إنهاء الوجود المسلح

لبنان يوافق على الأهداف العامة لورقة أمريكية تتعلق بتثبيت اتفاق وقف الأعمال العدائية، بينها إنهاء الوجود المسلح بما يشمل حزب الله.
جاء ذلك وفق ما أعلنه وزير الإعلام اللبناني، بول مرقص، عقب انتهاء اجتماع حكومي، الخميس، للبحث في نزع سلاح حزب الله، بعدما كلّفت الجيش إعداد خطة لذلك لتطبيقها قبل نهاية العام، في خطوة رفضها الحزب بالمطلق.
وتناول الاجتماع الذي بدأ الساعة الثالثة بعد الظهر (12,00 ت غ) في القصر الجمهوري، وانتهى قبل قليل، مضمون مذكرة حملها المبعوث الأمريكي توم براك إلى المسؤولين اللبنانيين.
وتتضمّن المذكرة خصوصا جدولا زمنيا وآلية لنزع سلاح الحزب الذي كان قبل المواجهة الأخيرة مع إسرائيل، القوة السياسية والعسكرية الأكثر نفوذا في لبنان.
وأعلن مرقص بعد انتهاء الاجتماع الموافقة على المقدمة الواردة في الورقة الأمريكية والتي تنص على سلسلة أمور أبرزها:
- بسط سلطة الدولة اللبنانية على كل أراضيها
- تعزيز المؤسسات الشرعية
- ضمان حصر حيازة السلاح بيد الدولة وحدها في جميع أنحاء لبنان
وأوضح أن الحكومة وافقت على نشر الجيش اللبناني في المناطق الحدودية، وعلى الدخول في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل لترسيم الحدود البرية.
وأضاف مرقص أن المجلس لم يتطرق بعد إلى تفاصيل الجداول الزمنية الواردة في الورقة الأمريكية، مشيرا إلى أن الحكومة بانتظار خطة من الجيش بشأن آلية تسليم السلاح، قبل الدخول في نقاشات تفصيلية بشأن الورقة.
وتضمّ مذكرة براك المؤلفة من بنود عدة، وفق نصّ نشرته صحيفة "نداء الوطن" اللبنانية الخميس، تفاصيل حول جدول وآلية نزع سلاح حزب الله:
- بدءا بوقف تحركات الحزب
- نقل سلاحه على الأرض
- وصولا إلى انتشار القوات اللبنانية الشرعية على مراحل في كل مناطق سيطرته، وتعزيز مراقبة الحدود.
- وتنص كذلك على انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس التي تقدمت إليها خلال الحرب.
وتلحظ الورقة الأمريكية مرحلة لاحقة لترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل وبين لبنان وسوريا، ثم مرحلة تثبيت كل ذلك بمسار دبلوماسي لإعادة إعمار لبنان. وتشير كذلك إلى ضمانات أمريكية وفرنسية في حال تم تنفيذ المطلوب من لبنان.
انسحاب
استبق الوزراء الشيعة (حزب الله وحركة أمل) انتهاء الجلسة بالانسحاب منها، اعتراضا على عدم تراجع الحكومة عن قرارها بسحب السلاح بحلول نهاية العام، وفق ما أوردت قناة المنار التلفزيونية التابعة للحزب، وبعد رفضهم النقاش في ورقة براك.
وتضمّ الحكومة خمسة وزراء شيعة، اثنان منهم محسوبان على حزب الله واثنان على حركة أمل، إضافة إلى الوزير فادي مكّي الذي اختاره رئيس الجمهورية جوزيف عون، لكنه انسحب أيضا من الجلسة الخميس.
وفي سياق متصل، علق مرقص على انسحاب الوزراء الخمسة من الجلسة، مؤكدا أن خروجهم لا يعد استقالة من الحكومة، وأن محاولات ثنيهم عن قرارهم باءت بالفشل.
وقالت وزيرة البيئة تمارا الزين المحسوبة على حركة أمل، حليفة حزب الله، إثر انسحابها لقناة المنار "تمنينا أولا تثبيت وقف إطلاق النار.. والانسحاب الإسرائيلي على أن نستكمل بقية النقاط".
وأوضح وزير العمل محمّد حيدر أن الوزراء الشيعة اقترحوا تأجيل إقرار البند الوارد في ورقة باراك بشأن السلاح حتى وضع قيادة الجيش خطتها في 31 أغسطس/آب الجاري، لكن الطلب قوبل بالرفض.
"تصحيح" الخطأ
وكانت كتلة حزب الله البرلمانية دعت الحكومة إلى "تصحيح ما أوقعت نفسها ولبنان فيه من الانزلاق إلى تلبية الطلبات الأمريكية التي تصبّ حكما في مصلحة العدو الإسرائيلي".
وفي لبنان الذي يقوم نظامه السياسي على المحاصصة الطائفية، قد يفتح انسحاب الوزراء الشيعة الباب أمام المعارضين للتذرع بأن قرارات الحكومة المتخذة في غياب مكوّن طائفي رئيسي تخل بـ "الميثاقية".
وقبل الحرب الأخيرة مع إسرائيل، كان الحزب قادرا خلال الحكومات المتعاقبة على فرض القرارات الحكومية الكبرى أو تعطيل العمل الحكومي.
لكنّ الحزب خرج منهكا من مواجهة مفتوحة خاضها العام الماضي مع إسرائيل، وقُتل خلالها عدد كبير من قادته ودُمّر جزء كبير من ترسانته. وانعكس ذلك أيضا تراجعا لنفوذه في لبنان حيث كان يحتكر القرار السياسي إلى حدّ بعيد منذ سنوات.
وعلى وقع ضغوط أمريكية وخشية من توسيع إسرائيل ضرباتها المتواصلة على لبنان على رغم اتفاق وقف إطلاق النار، قررت الحكومة الثلاثاء "تكليف الجيش اللبناني بوضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي بيد الجهات المحدّدة في إعلان الترتيبات الخاصة بوقف الاعمال العدائية وحدها".
على أن يتمّ "عرضها على مجلس الوزراء قبل 31 من الشهر الجاري لنقاشها وإقرارها".
وأدرجت الحكومة قرارها الذي وصفه خصوم الحزب بأنه "تاريخي"، في إطار تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة أمريكية وأنهى الحرب بين حزب الله وإسرائيل في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
ونصّ على حصر حمل السلاح بالأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية الرسمية.
وسارع الحزب الذي تلقى خلال الحرب خسائر كبرى على صعيد البنية العسكرية والقيادية، إلى رفض القرار الأربعاء.
"شبكة أنفاق محصّنة"
رغم وقف إطلاق النار، تواصل إسرائيل شن ضربات على مناطق مختلفة في لبنان، وتقول إنها تستهدف بنى تحتية للحزب ومستودعات أسلحة وقياديين ناشطين ضدّها.
وتتوعد بتوسيع نطاق عملياتها العسكرية في لبنان ما لم تنجح السلطات في نزع سلاح الحزب.
وشنّت إسرائيل ضربات عدة الخميس على شرق لبنان، أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص، وفق وزارة الصحة.
وأعلن المتحدث باسم القوات الدولية المنتشرة في جنوب لبنان أندريا تيننتي الخميس أن قواته "اكتشفت شبكة واسعة من الأنفاق المحصّنة" قرب الناقورة في المنطقة الحدودية.
وضمّت "عددا من المخابئ، وقطع مدفعية، وراجمات صواريخ متعددة، إلى جانب مئات القذائف والصواريخ، وألغام مضادة للدبابات، وعبوات ناسفة أخرى".
وكانت هذه المنطقة معقلا لحزب الله الذي لم يخف حفره أنفاقا فيها لسلاحه ومقاتليه.