«فليتكلم الآن أو ليصمت للأبد».. حزب الله تائه على مفارق الانتقام
بعد مقتل أمينه العام حسن نصر الله بضربة إسرائيلية يقف حزب الله أمام مفترق طرق، فإما أن يردّ بشكل غير مسبوق وإما أن يكرّس صورة العاجز عن مقارعتها وحماية نفسه وقاعدته الشعبية، وفق محللين.
ومنذ توليه منصبه عام 1992 اكتسب نصر الله هالة بعدما قاد الحزب لخوض منازلات عدة مع إسرائيل.
- الناجي الوحيد من قيادة حزب الله.. من هو أبو علي رضا؟
- رأس قائدها بـ7 ملايين دولار.. ما هي «وحدة الظل» الأخطر في حزب الله؟
وبعد قرابة عام من فتح حزبه جبهة "إسناد" لحليفته حركة حماس ضد إسرائيل، جاء مقتل نصر الله بغارة إسرائيلية في معقله بضاحية بيروت الجنوبية، الجمعة، بعد خسائر غير مسبوقة تلقاها تباعا في الأسبوعين الأخيرين تضمنت تفجيرات أجهزة لاسلكية للحزب قتلت وأصابت الآلاف من أفراده، إضافة إلى مقتل عدد من قادة حزب الله البارزين".
الهزيمة الكاملة
وحول رد الفعل المتوقع من الحزب ومدى قدرته على تنفيذ هجوم، يقول هايكو فيمن، مدير ملف سوريا والعراق ولبنان في مجموعة الأزمات الدولية: "إذا لم يرد حزب الله في هذه المرحلة بضربة استراتيجية مستخدما ترسانته من الصواريخ الدقيقة البعيدة المدى، فيمكن عندها الافتراض ببساطة أنه غير قادر على فعل ذلك".
وأضاف في حديث لـ«فرانس برس»: "إما أن نرى رد فعل غير مسبوق من حزب الله.. وإما ستكون الهزيمة الكاملة".
معادلة الردع
أما سام هيلر، الباحث في مؤسسة "سنتشري"، فيرى أن "امتناع حزب الله عن ردع إسرائيل بعد قتلها زعيمه قد يشجعها على المضي بشكل أكبر في هجماتها ضده".
ووفق هيلر فإنه منذ حرب صيف 2006 التي خاضها حزب الله مع الدولة العبرية كرّس الأول "معادلة الردع طويلة الأمد" مع إسرائيل، لكن "يبدو واضحا اليوم أنه لا يستطيع حماية نفسه".
واعتبر هيلر أن "حزب الله لم يستنفد بعد القدرات العسكرية التي لطالما لوّح بامتلاكها وافترض معظمنا أنه يحتفظ بها"، حتى عندما كثّف خصمه الغارات ضده ونفذ عمليات متقدّمة، خلال نحو عام من التصعيد عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية.
ولم يستبعد هيلر أن تكون قدرات حزب الله "مبالغ فيها" أو أنه جرى تدميرها بالكامل من إسرائيل.
توازن الرد
وفق محللين، فإن أنصار زعيم حزب الله، الذين خسروه وشرّدتهم غارات إسرائيل وحرمتهم أفرادا من عائلاتهم، سيتوقعون أكثر من رد رمزي.
واعتبرت الأستاذة المحاضرة في جامعة كارديف البريطانية والخبيرة في شؤون حزب الله أمل سعد أن "الحزب الذي بات بلا قائد، سيحتاج إلى تحقيق توازن دقيق في اختيار رده".
وتوقعت سعد أن "يسعى الحزب من جهة إلى تفادي دفع إسرائيل لشنّ حملة قصف شامل ضد بيروت أو أنحاء لبنان"، بينما يتعيّن عليه في الوقت ذاته "رفع معنويات" أنصاره وعناصر الحزب.
وأشارت إلى أنه "سيتعيّن على حزب الله أيضا أن يُظهر أنه قادر على حماية شعبه، والانتقام من إسرائيل، مع الحفاظ على السلام بين مختلف المكونات الطائفية في لبنان، المنقسمة حول قضايا رئيسية بينها تحكّم حزب الله بقرار السلم والحرب".
مصاب بالشلل
من جانبه، يرى مهند حاج علي، الباحث في معهد كارنيغي للشرق الأوسط، أن خسائر حزب الله الأخيرة أصابته بـ"شلل" محذرا في الوقت عينه من استبعاد الحزب عن المشهد تماما.
ويقول: "يتطلب الأمر قيادة جديدة، ونظام اتصالات، واستعادة سرديته والتواصل مع قاعدته الشعبية لكنه سيكون من الصعب جداً تخيل زوال التنظيم بهذه السرعة".
ولطالما كرّر كبار قادة حزب الله الإشارة إلى أن "القضاء على قياديين من صفوفهم لا يؤثر على بنية الحزب العسكرية وقدراته الميدانية".
لكن الخبيرة في شؤون حزب الله أمل سعد أكدت أن "بنية حزب الله كمجموعة مسلحة مصمّمة لاستيعاب صدمات مماثلة"، مشيرة على سبيل المثال إلى مقتل القائد العسكري البارز في الحزب عماد مغنية بتفجير سيارته في دمشق عام 2008، الذي نسب إلى إسرائيل.
وأضافت: "عندما ينقشع الغبار، فإن أداء حزب الله لا يعتمد على شخص واحد"، مضيفة أن «نصر الله في نهاية المطاف ليس شخصية أسطورية، بل إنسان عادي».
موجة نزوح
وتدفّق عشرات الآلاف من مناصري الحزب المدعوم من طهران، من جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية إلى مناطق أخرى ذات مكونات طائفية مختلفة، بحثا عن مأوى من الغارات الإسرائيلية.
وحزب الله هو التشكيل الوحيد في لبنان الذي احتفظ بسلاحه بعد انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990)، بدعوى «مقاومة إسرائيل» التي احتلت مناطق واسعة في جنوب البلاد بين العامين 1978 ومايو/أيار 2000، وله ترسانة أضخم من أسلحة الجيش اللبناني، بحسب خبراء.
لكن بعد نحو عام من بدء تبادله القصف مع إسرائيل، بوتيرة ارتفعت حينا وتراجعت حينا آخر، حوّلت إسرائيل تباعا ثقل عمليتها العسكرية من غزة إلى لبنان، حيث أسفرت غارات كثيفة تشنها منذ الإثنين عن مقتل المئات وتشريد نحو 120 ألف شخص من منازلهم.
aXA6IDQ0LjIwMC4xMjIuMjE0IA== جزيرة ام اند امز