مقتل نصر الله.. حزب الله يدفع ثمن «الرهان الخاسر»
صدمة تلو الأخرى تلقاها «حزب الله» اللبناني خلال الفترة الأخيرة، انتهت بمقتل أمينه العام حسن نصر الله، جراء غارة إسرائيلية الجمعة.
صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية اعتبرت أن سلسلة الصدمات التي ضربت حزب الله في لبنان التي انتهت بمقتل نصر الله جاء نتيجة الأخطاء استراتيجية.
بعد أسابيع من هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قرر نصر الله الانضمام لحماس في حربها ضد إسرائيل، وطالب "جميع حركات المقاومة المدعومة من إيران -من لبنان إلى سوريا إلى العراق واليمن- بالمشاركة فيها".
ضحية غروره
بحسب الصحيفة الأمريكية فقد ارتكب نصر الله خطأين استراتيجيين، أولها التقليل بشكل صارخ من شأن إسرائيل، عدوه، وثانيها المبالغة في تقدير قدرات راعيته إيران، وشبكتها من الجماعات المسلحة المتحالفة معها في المنطقة.
رغم امتلاك حزب الله ترسانة ضخمة من الصواريخ والقذائف، بما في ذلك الصواريخ الباليستية الموجهة بدقة، التي تهدف إلى ردع التصعيد الإسرائيلي، لم تلحق أسلحته أي أضرار كبيرة بإسرائيل حتى الآن.
وفي الوقت الذي قُتل فيه أكثر من 1000 شخص في لبنان منذ 16 سبتمبر/أيلول الجاري، وفقا لوزارة الصحة اللبنانية، لم يلق إسرائيلي واحد حتفه نتيجة ضربات حزب الله منذ 19 من الشهر ذاته.
ويقول فؤاد السنيورة، الذي كان يشغل منصب رئيس الحكومة اللبنانية عندما خاض حزب الله وإسرائيل حرباً في عام 2006 "لقد رأينا شيئاً بالغ الأهمية في الاشتباكات الحالية، فبينما يتصرف حزب الله كجيش لكنه لا يستطيع مجاراة إسرائيل من حيث القوة النارية، والقوة الجوية، والاستخبارات، والتكنولوجيا".
وأضاف السنيورة أن "إيران مستعدة للقتال حتى آخر لبناني".
فخ مماثل
وحذرت "وول ستريت جورنال" من سقوط إسرائيل في فخ مماثل إذا أقدمت على شن غزو بري للبنان وحاولت إعادة رسم التركيبة السياسية في لبنان، مشيرة إلى أن غزوها لبنان في عام 1982 أدى إلى إنشاء حزب الله واحتلال طويل الأمد، انتهى بانسحاب إسرائيلي أحادي الجانب من جنوب لبنان في عام 2000.
كما نوهت إلى أنه غبى الرغم من مقتل نصر الله والعديد من كبار القادة، فلا يزال حزب الله يحتفظ بآلاف المقاتلين المتمرسين في المعارك وترسانة كبيرة يمكن أن يستخدمها لإلحاق خسائر كبيرة بالجيش الإسرائيلي إذا حاول احتلال جنوب لبنان.
حذرت كسينيا سفيتلوفا، عضو البرلمان الإسرائيلي السابقة وزميلة بارزة غير مقيمة في المجلس الأطلسي، من أن "حزب الله لا يستطيع الانتظار حتى تبدأ إسرائيل في العمل على الأرض في جنوب لبنان، لأن تلك اللحظة قد تصبح نقطة تحول بالنسبة له، ونقطة تحول تسمح له بالنهوض من الرماد، واستعادة الدعم من المجتمع اللبناني الأوسع مرة أخرى".
تحدي إيران
وبحسب الصحيفة، فإن الضعف الشديد الذي يعتري حزب الله في الوقت الراهن يخلق تحدياً خاصاً لإيران، التي اعتمدت على صواريخ الجماعة اللبنانية كرادع ضد أي هجوم إسرائيلي محتمل على برنامجها النووي.
ويقول مايكل هورويتز، رئيس قسم الاستخبارات في شركة الاستشارات "لو بيك إنترناشيونال": "إن هذا يشكل تحولا كبيرا في المنطقة لأن حزب الله ليس مجرد وكيل آخر لإيران، بل إنه يشكل جزءاً كبيراً من العقيدة الدفاعية الإيرانية وأداتها الرئيسية للردع ضد إسرائيل، وهو ما يضع إيران في موقف صعب للغاية، لأن حزب الله تم بناؤه للدفاع عن إيران، ولكن إيران تواجه الآن معضلة الاضطرار المحتمل للدفاع عن حزب الله".
الداخل اللبناني
كما يواجه حزب الله معضلة أخرى في الداخل اللبناني، تتمثل في فقده هالة القوة التي لا تقهر والتي سمحت له بالسيطرة على الدولة اللبنانية، إذ لم يتمكن لبنان من انتخاب رئيس له منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022 بسبب العراقيل التي فرضها حزب الله وحلفاؤه، والتي منعت برلمان البلاد من إجراء التصويت.
ويخاطر حزب الله الآن بمكانته مع قاعدته داخل المجتمع الشيعي في لبنان، خاصة أن سكان المناطق ذات الأغلبية الشيعية في الجنوب ووادي البقاع يفرون من منازلهم بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية.
وقال المحلل السياسي مايكل يونغ "لقد أتت حرب حزب الله بنتائج عكسية، فدُمرت أجزاء كبيرة من الجنوب، وفر مئات الآلاف من الشيعة من منازلهم أو صاروا لاجئين في بلدهم".
وتساءل "كيف يضمن حزب الله عدم خسارة أنصاره هؤلاء؟ والمشكلة الأخرى هي أن حزب الله معزول محليا عندما يتعلق الأمر بفتح جبهة ثانية مع إسرائيل، ناهيك عن الشماتة التي تبديها العديد من المجتمعات فيما يكابده حزب من ضربات".
aXA6IDEzLjU5Ljg3LjE0NSA= جزيرة ام اند امز