محفظة حزب الله العابرة للقارات..وخيارات ترامب لتجفيف المنابع
مع اشتداد الضربات التي تلقاها حزب الله اللبناني في الآونة الأخيرة، توجهت الأنظار إلى محفظة تمويل أنشطته، وخيارات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لتجفيف منابعها
ووفق تحليل طالعته "العين الإخبارية" في مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، فقد أثرت الضربات بشكل كبير على الوضع المالي لحزب الله، كما يواجه الحزب صعوبات متزايدة في الوصول إلى النظام المصرفي اللبناني.
ويشير التحليل إلى أن حصة الأسد من ميزانية حزب الله تأتي من إيران والتي تزوده بملايين الدولارات سنويا، ويقال إنها تصل إلى 800 مليون دولار، وفقا لبعض التقديرات.
وإلى جانب هذه المكاسب المالية الكبيرة، قام حزب الله بتنمية شبكة عالمية من مخططات كسب المال، مثل الاتجار بالمخدرات والاحتيال وإساءة استخدام العملات المشفرة.
لكن هل سيستمر هذا بعد تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، في يناير/كانون الثاني القادم؟
وفقا لوعود حملته الانتخابية، سيعمل ترامب على إنهاء الصراعات الجارية في غزة ولبنان والشرق الأوسط الأوسع.
وفيما يتعلق بإيران، ستبدو فترة ولاية ترامب الثانية مثل ولايته الأولى، حيث من المؤكد تقريبا أن الإدارة ستعيد حملة الضغط القصوى لإضعاف طهران بشكل أكبر. بحسب "فورين بوليسي".
وفي كل هذه الحالات، فإن القضية الرئيسية التي سيحتاج ترامب إلى معالجتها- بحسب المصدر- هي تدفقات الإيرادات للوكلاء المدعومين من إيران الذين يعملون في المنطقة، لاسيما حزب الله اللبناني، وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، والحوثيين باليمن، والفصائل الأخرى المدعومة من طهران.
ما هي خيارات ترامب؟
تقول "فورين بوليسي" إن ترامب سيحتاج هذه المرة إلى تجاوز العقوبات المالية واستهداف محفظة الإيرادات الكاملة لهذه المجموعات، وخاصة حزب الله الذي أثبت قدرته على الصمود بشكل ملحوظ من خلال محفظة تمويل متنوعة، والتي تشمل المشاريع المشبوهة.
وفي هذا الصدد، ترى المجلة أن التعاون المتعدد الأطراف سيكون السبيل الوحيد لتفكيك هذا النشاط الذي يمتد من أمريكا اللاتينية إلى غرب أفريقيا وما وراءها.
التحدي
بيْد أن التحدي الأكثر أهمية الذي ينتظر إدارة ترامب في معالجة هذه القضية هو جعل البلدان التي تشكل عقدا في سلسلة التوريد لحزب الله تساعد في القضاء على أنشطته غير المشروعة.
فبالنسبة لبعض البلدان، قد يكون الأمر: مسألة إرادة سياسية، وبالنسبة للآخرين: القدرات؛ وبالنسبة للبعض الآخر: كلاهما.
ولهذا، تؤكد المجلة على ضرورة أن تكون الدبلوماسية الأمريكية قادرة على معالجة مسألة الإرادة السياسية، في حين أن التعاون الأمني، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وبناء قدرات الشركاء يمكن أن يساعد في التخفيف من تحدي القدرات.
ولكن في عصر المنافسة بين القوى العظمى، حيث تتفوق المنافسات على التعاون في كثير من الحالات، يراهن حزب الله على أن الافتقار إلى التنسيق الدولي سيسمح لأنشطته الإجرامية بالاستمرار دون هوادة. وفق المصدر.
محفظة التمويل تتجاوز الشرق الأوسط
وعن المناطق التي ينشط فيها الدعم لحزب الله خارج الشرق الأوسط، تأتي غرب أفريقيا، وخاصة من خلال الشتات الشيعي اللبناني الكبير في ساحل العاج وغينيا. بحسب "فورين بوليسي".
فالعناصر داخل هذه المجتمعات تشكل جزءا لا يتجزأ من العمليات المربحة التي يقوم بها حزب الله، ليس فقط من خلال دفع الزكاة له، بل وأيضا من خلال المساعدة والتحريض على عمليات التهريب وغسل الأموال.
ومن الممكن بعد ذلك تحويل هذه الأموال من خلال حوالات، أو تهريب مبالغ نقدية ضخمة، أو جمعيات خيرية واجهة.
وفي مخططات غسل الأموال السابقة لحزب الله في غرب أفريقيا، كان المال يُنقل من خلال شبكات من ناقلي الأموال. وعلى سبيل المثال، يتم تحويل الأرباح من الاتجار بالمخدرات وبيع الماس عبر ساحل العاج وغينيا إلى صندوق حرب حزب الله، الأمر الذي يسهل غسل الأموال ويجعل من الصعب بشكل كبير على أجهزة إنفاذ القانون تتبع تدفقات تمويله.
على سبيل المثال، تتعاون شبكة حزب الله لتجارة المخدرات عبر الحدود الوطنية مع عصابات أمريكا الجنوبية في المكسيك وكولومبيا لتوجيه أموال المخدرات عبر غرب أفريقيا، والتي تعزز أرباحها في نهاية المطاف تمويلات الحزب.
ورغم أن حجم التمويل الذي يحصل عليه حزب الله من عمليات غسل الأموال التي يقوم بها عبر غرب أفريقيا لا يزال غامضاً، فمن المعروف أن الأرباح من تجارة المخدرات تشكل حصة كبيرة من عائدات حزب الله. ويقال إن نحو 40% من عائدات حزب الله تأتي من تجارة المخدرات.
سجل مشبوه لحزب الله.. عابر للقارات
يُشار إلى أن الطبيعة العابرة للحدود الوطنية لمخططات تهريب المخدرات التي ينفذها حزب الله ليست جديدة. ففي تسعينيات القرن العشرين، بدأ الحزب في الإشراف على نمو المحاصيل غير المشروعة، وخاصة الخشخاش المستخدم لإنتاج الهيروين والحشيش في وادي البقاع في لبنان.
وفي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عمل حزب الله أيضا مع شبكات المخدرات في أمريكا الجنوبية، واكتسب موطئ قدم كبيرا في منطقة الحدود الثلاثية سيئة السمعة، وهي المنطقة غير الخاضعة للحكم إلى حد كبير بين الأرجنتين والبرازيل وباراغواي، حيث تستغل الجماعات الإجرامية التحكيم القضائي.
وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين أيضا، تم توجيه الأرباح التي يجنيها حزب الله من تهريب الكوكايين في أمريكا اللاتينية إلى صندوق حربه من خلال مخطط متقن تضمن شحن السيارات الأمريكية المستعملة إلى بنين، والتي باعها الشتات اللبناني المحلي بعد ذلك من خلال وكالات بيع السيارات.
وانتقلت الأرباح من غرب أفريقيا إلى حزب الله في لبنان من خلال شبكة من سعاة الأموال.
ومؤخرا، أصبح الكبتاجون، وهو شكل من أشكال الفينثيلين حيويا في دعم أنشطة المليشيات المدعومة من إيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط، حيث يعزز هذا العقار ماليا محور المقاومة الإيراني من خلال تجارته، وفي الوقت نفسه يقمع الخوف في المليشيات التي ترتكب الفظائع من خلال إساءة استخدامه.
ماذا عن حماس والجهاد والإسلامي؟
ومثل حزب الله، فإن أنشطة حماس أكثر تعقيدا من مجرد غسل الأموال من خلال الاتجار بالمخدرات. إذ سعت الحركة إلى التحوط ضد المخاطر من خلال تنويع عمليات التمويل الخاصة بها.
على سبيل المثال، كانت حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين تستغلان بنشاط تقنية blockchain لطلب التبرعات بالعملة المشفرة، والتي اجتذبت التمويل على مستوى العالم.
ووفق المجلة الأمريكية، استخدمت حماس غطاء المؤسسات الخيرية لتمويل عملياتها. وفي هذا الصدد، أشارت إلى جمعية خيرية أنشأها عضو حماس المقيم في إيطاليا محمد حنون، للتضامن مع الشعب الفلسطيني لتمويل العمليات العسكرية لحماس.
و اعتبارا من أوائل عام 2024، ربما تلقت حماس ما يصل إلى 10 ملايين دولار شهريا في شكل تبرعات من خلال استخدامها للجمعيات الخيرية الوهمية والواجهة. وفق وزارة الخزانة الأمريكية.
aXA6IDMuMjIuNzAuMTY5IA== جزيرة ام اند امز