بالصور.. نساء التوني ينثرن البهجة في "عندما يأتي المساء"
تحضر المرأة بكامل تمثيلاتها أيقونة التوني المفضلة للحياة والبهجة والمقاومة في معرضه الجديد "عندما يأتي المساء" الذي افتتح الجمعة.
"عندما يأتي المساء، ونجوم الليل تُنْثر .. اسألوا الليل عن نجمي، متى نجميَ يظهر؟"، بهذا المطلع الرقيق تغنى محمد عبد الوهاب من ألحانه وكلمات محمود أبوالوفا عام 1938 أغنيته الشهيرة التي صارت من أشهر أغاني التراث العربي القريب، وصارت أيضاً ملهماً لمعرض الفنان التشكيلي حلمي التوني، الذي افتتح الجمعة بقاعة بيكاسو للفنون الجميلة في حي الزمالك بالقاهرة، ويستمر حتى منتصف الشهر الجاري.
.
في معرض التوني الجديد "عندما يأتي المساء"، وكما في أعماله ولوحاته الزيتية تتجلى تراسلات الفنون المختلفة، تتهادى الألوان والظلال كما تتهادى الألحان والأنغام، تحضر المرأة بكامل تمثيلاتها وحيويتها، أيقونة التوني المفضلة للحياة والبهجة والمقاومة. ويحضر استلهام الأغنية المصرية الأصيلة، كلمات وألحانا، فما بين "عندما يأتي المساء" لعبد الوهاب، وبين "عدى النهار والمغربية جاية تتخفى وراء ضهر الشجر" التي غناها عبد الحليم حافظ، من كلمات عبد الرحمن الأبنودي، اختلفت الرؤى وتباينت زوايا النظر بين الليل الجميل الذي يتزين بالنجوم "المنثورة"، وبين الليل الحزين المتخفي "ورا ضهر الشجر".
وما بين هاتين الأغنيتين الشجيتين اللتين يستلهمها المعرض، تأتي 39 لوحة متباينة التصميمات والمساحات والأحجام، يدور أغلبها حول المرأة المصرية في تنويعاتها المختلفة؛ طفلةً وأماً وزوجةً وسيدة عصرية وامرأة فلاحة، وشهيدة ارتقت إلى السماوات العلى في تفجيرات إرهابية. تنتشر على صفحات هذه اللوحات الخلفيات السوداء الليلية التي تتغنى فوقها مشاهد فرحة مضيئة بالألوان والأنوار والظلال.
لوحات يتناول فيها التوني عدداً من التيمات التي تجسد المرأة التي احتفى بها الفنان القدير كثيراً في أعماله، لا تخلو أعمال التوني من النساء، فالمرأة دائماً حاضرة في لوحاته ورسوماته، على البحر وداخل البيت، في ميدان التحرير تبيع الأعلام، نراها وهي في حوار صامت مع الكائنات الأخرى تبوح لها بأسرارها وتنسج أسطورتها الخاصة من وحيها.
عشرات اللوحات في المعرض الجديد، يقدم خلالها التوني أشكالاً وتنويعات للمرأة التي تظهر في تكوينات مختلفة ومتنوعة، لكنها في كل حال تمثل حواراً تشكيلياً جمالياً، وتمثل أيضاً سراً يتشارك فيه الاثنان، المشاهد واللوحة، والتوني لا يقدم شكلاً فقط كما يفعل بعض مستعيري ملامح وموتيفات التراث، لكنه دائماً ما يغوص في أعماق ذلك التراث بكل أشكاله ومضامينه ودلالاته واختار مسرحه التصويري بنفسه ولنفسه. لا ينضوي التوني تحت لواء مدرسة فنية بعينها، فهو يعزف على سطح اللوحة أنشودته، ولأنه يبدأ بالإنشاد لنفسه وحنين ذاته، فإنه يمس مشاعرنا وحواسنا ويدخلنا معه لأجواء السحر فيجعلنا شركاء في إبداعه.
أراد التوني أن تنتصر أغنية عبد الوهاب، وتوحي بعنوان المعرض المقاوم للإحباط والإرهاب واليأس، ولعلها تكون بشارة ونبوءة بنهار جديد، وصباح "أبو الشمس بترش الحنين"، كما تتمنى أغنية عبد الحليم حافظ.
حلمي التوني، فنان تشكيلي مصري، متخصص في التصوير الزيتي والتصميم، ولد بمحافظة بني سويف بمصر في 30 أبريل عام 1934، حصل على بكالوريوس كلية الفنون الجميلة تخصص ديكور مسرحي عام 1958 ودرس فنون الزخرفة والديكور، تولى العديد من المناصب، وأقام العديد من المعارض سواء محلية أو دولية، عاش بالقاهرة وبيروت والتي كانت زيارته الفنية لها لمدة 3 سنوات، كما أن العديد من الناس في مختلف دول العالم يقتنون الكثير من لوحاته، كما أن متحف الفن المصري الحديث بالقاهرة يقتني أيضاً العديد من لوحاته القيمة.
يعتبر حلمي التوني من أبرز الفنانين في مجال تصميم الكتاب والمجلة في العالم العربي، أشرف على إخراج الأعداد الثلاثة الأولى من مجلة (شموع) عام 1986. عمل في تصميم أغلفة الكتب، والإخراج الصحفي لعدد من دور النشر حتى بلغ عدد أغلفة الكتب التي رسمها أكثر من ثلاثة آلاف كتاب غير المجلات التي رسم أغلفتها أيضاً. ألف وصور العديد من كتب وملصقات الأطفال والتي نشرت بعدة لغات بواسطة المنظمات التابعة لالأمم المتحدة، من أشهر أعماله كتاب «ماذا يريد سالم».
صمم التوني العديد من الملصقات الحائطية للمسرحيات والأفلام، كما صمم لمسرح العرائس شخصيات مسرحية (صحيح لما ينجح) التي كتبها شاعر العامية الراحل صلاح جاهين.