سفينة «فلتون» البخارية.. رحلة عمرها 218 عاما غيرت تاريخ العالم

قبل 218 عاما بالتمام والكمال، انطلقت أول رحلة لسفينة بخارية نظامية اخترعها المهندس الأمريكي روبرت فلتون، وهو ما يعتبر تدشينا لعصر الملاحة ذات الدفع الميكانيكي.
تعود بدايات القصة إلى أواخر القرن الثامن عشر، حين كانت الابتكارات التكنولوجية في أوجها. ومع ذلك، فقد استطاعت قلة فقط تحويل الفكرة إلى واقع، والواقع إلى ثورة.
ومن بين هؤلاء كان المهندس والمخترع فلتون، الذي يعد بلا منازع الشخصية الأساسية وراء تدشين الملاحة البخارية التجاريّة في الولايات المتحدة، والتي ساهمت في تغيير ملامح النقل والتجارة إلى الأبد.
وبالرغم من أن الفضل في تطوير محرك البخار يعود إلى المخترع الإسكتلندي جيمس وات والذي سجل براءة اختراعه عام 1769، إلا أن فلتون هو من منح لهذا الاختراع جناحين ليحلق به في عالم النقل النهري.
وحاول مخترعون آخرون، مثل جون فيتش وجيمس رامزي، تطبيق هذه التكنولوجيا على القوارب، لكن مشاريعهم كانت تعاني من مشاكل تقنية، ونقص في التمويل، وصراعات قانونية، مما أعاق نجاحها التجاري.
حياته
بدأ فلتون، المولود عام 1765 في ولاية بنسلفانيا، حياته كفنان تشكيلي قبل أن يحوّل اهتمامه إلى الهندسة والعلوم.
وبعد رحلة إلى أوروبا، وابتكاره لغواصة بدائية أطلق عليها اسم "نوتيلوس" في فرنسا، عاد إلى الولايات المتحدة بعقلية تجارية وهدف واضح: بناء سفينة بخارية تجارية ناجحة.
وفي عام 1802، دخل فلتون في شراكة مع الدبلوماسي الأمريكي روبرت ليفينغستون، بعد أن حصل على احتكار قانوني للملاحة البخارية في نهر هدسون. وعقب سنوات من العمل والتجارب، أطلق فلتون في 17 أغسطس/آب 1807 سفينته الثورية "كليرمونت"، التي أبحرت من مدينة نيويورك بسرعة غير مسبوقة بلغت 5 أميال في الساعة.
وكانت هذه الرحلة بمثابة إثبات قاطع أن الملاحة البخارية ليست فقط ممكنة، بل مربحة أيضًا.
وفتح نجاح "كليرمونت" الأبواب أمام توسع سريع في النقل النهري. وواصل فلتون الابتكار، وبحلول عام 1811 أطلق أول باخرة بخارية تجارية في نهر المسيسيبي، قبل أن ينشئ خطوطًا منتظمة بين نيو أورلينز ونتشز، وهو ما قلّص زمن الرحلات النهرية وفتح آفاقًا جديدة أمام الاقتصاد الأمريكي.
وفاته
ورغم أن فلتون توفي في سن مبكرة عام 1815، لكن إرثه استمر في الأنهار الأمريكية، حيث لعبت البواخر البخارية دورًا محوريًا في نقل القطن والسكر والبضائع والركاب، وصولًا إلى أوجها في منتصف القرن الـ19، قبل أن تبدأ بالانحسار مع صعود السكك الحديدية.
واليوم، يُذكر روبرت فلتون ليس فقط كمخترع، بل كصاحب رؤية حوّل طاقة البخار من فكرة هندسية إلى ثورة نقل عالمية، لا تزال آثارها ملموسة حتى الآن.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNyA= جزيرة ام اند امز