«العمال الكردستاني» وتركيا.. صراع العقود الـ4 يصل إلى المحطة الأخيرة

أسدل حزب العمال الكردستاني، الستار على فترة حمله السلاح، في إعلان تاريخي يضع نهاية لفصول طويلة من الصراع بين الحزب وتركيا.
وأعلن حزب العمال الكردستاني، الإثنين، حلّ نفسه وانتهاء أكثر من أربعة عقود من "الكفاح المسلح" ضد الدولة التركية، بحسب ما أفادت وكالة فرات للأنباء المقرّبة من المجموعة.
وجاء في بيان للحزب، بعدما عقد مؤتمره الأسبوع الماضي: "قرر المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني حلّ البنية التنظيمية لحزب العمال الكردستاني وإنهاء كفاحه المسلح".
ويأتي الإعلان تلبية لدعوة أطلقها مؤسس الحزب، عبدالله أوجلان، المسجون في سجن جزيرة إيمرالي قبالة إسطنبول منذ 1999، حثّ من خلالها، في فبراير/شباط، مقاتليه على نزع السلاح وحلّ الحزب.
وتأسس حزب العمال الكردستاني في عام 1978، وأطلق تمردًا مسلحًا ضد أنقرة عام 1984 لإقامة دولة للأكراد الذين يشكّلون نحو 20 في المئة من سكان تركيا، البالغ عددهم 85 مليون نسمة.
وتعتبر تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الحزبَ منظمة "إرهابية".
ومنذ سجن أوجلان في عام 1999، جرت محاولات عديدة لإنهاء النزاع الذي خلّف أكثر من 40 ألف قتيل.
في ما يلي خمس محطات رئيسية في تاريخ أوجلان وحزب العمال الكردستاني الذي خاض نزاعًا ضد الدولة التركية أسفر عن مقتل عشرات الآلاف:
1978-1984: تأسيس الحزب وبدء الكفاح المسلح
عام 1978، أسس طلاب في جامعة أنقرة حزب العمال الكردستاني ذا التوجه الماركسي اللينيني، للدفاع عن مطلب إقامة دولة كردية مستقلة في جنوب شرقي تركيا من خلال الكفاح المسلح. واختار هؤلاء، ومعظمهم أكراد، عبدالله أوجلان، طالب العلوم السياسية، رئيسًا له.
في عام 1980، أجبر انقلاب عسكري تركي حزب العمال ورئيسه على الفرار، وتوزعوا بين سوريا ولبنان، وفي أثناء وجودهم في لبنان، بدأت الحركة عام 1984 استراتيجية الكفاح المسلح.
وتدرّب مقاتلوها في سهل البقاع بشرق البلاد، وكانوا يهاجمون في الوقت نفسه مواقع وقوافل عسكرية تركية.
وقوبلت الهجمات الدامية التي شنها الحزب بحملة أمنية من السلطات في تركيا، ما أثار موجة من العنف، خصوصًا في جنوب شرقي البلاد ذي الأغلبية الكردية، ما ترك المنطقة في حالة شبيهة بحرب أهلية.
1999: اعتقال أوجلان
غادر أوجلان سوريا وتنقّل بين العديد من الدول الأوروبية بعدما هدّدت الحكومة التركية دمشق بالرد عسكريًا إذا واصلت إيواءه.
وبعدما مكث فترة في موسكو، لجأ أوجلان إلى إيطاليا، حيث أثار وجوده أزمة دبلوماسية بين أنقرة وروما. ورفضت إيطاليا تسليمه، مشيرة إلى أن تركيا كانت لا تزال تصدر أحكامًا بالإعدام.
وبعد مغادرته إيطاليا في يناير/كانون الثاني 1999، حاول دون جدوى الحصول على حق اللجوء السياسي في دول عدة في الاتحاد الأوروبي.
وفي وقت كان ملاحقًا من قبل عناصر من الاستخبارات التركية، اختبأ في أثينا قبل أن يُهرّبه دبلوماسيون يونانيون إلى نيروبي، وأثار ذلك غضبًا في اليونان حيث أُقيل عدد من الوزراء.
وفي فبراير/شباط من العام نفسه، غادر أوجلان منزل السفير اليوناني في نيروبي بعدما مكث فيه 12 يومًا، وكان على ما يبدو ينوي مغادرة كينيا.
وألقت فرقة كوماندوز تركية القبض عليه على طريق المطار ونقلته إلى خارج البلاد.
وسُجن أوجلان في جزيرة إمرالي التركية، على مسافة نحو 60 كيلومترًا جنوب غرب إسطنبول، وأودِع الحبس الانفرادي.
وفي 29 يونيو/حزيران، حُكم عليه بالإعدام بتهم الخيانة ومحاولة الانفصال والقتل.
وفي عام 2002، تم تخفيف الحكم إلى السجن مدى الحياة بعدما علّقت تركيا العمل بحكم الإعدام كجزء من الإصلاحات التي يدعمها الاتحاد الأوروبي.
2013-2015: هدنة هشّة
في 21 مارس/آذار 2013، طلب أوجلان من حزب العمال الكردستاني إلقاء السلاح كجزء من المحادثات مع حكومة رئيس الوزراء آنذاك، رجب طيب أردوغان، التي توسط فيها حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد (حزب المساواة وديمقراطية الشعوب "ديم" حاليًا)، وأُعلن وقف لإطلاق النار.
وفي يونيو/حزيران 2015، انهارت الهدنة بعد عملية تفجير مميتة في مدينة سروج التركية، القريبة من الحدود السورية.
وفي الوقت نفسه، أدّى نجاح حزب الشعوب الديمقراطي وقتها في انتخابات ذلك العام إلى زيادة الضغط على حكومة أردوغان التي كانت تخشى فقدان الحكم.
2015-2016: اشتباكات في الجنوب الشرقي
قصفت تركيا أهدافًا تابعة لحزب العمال الكردستاني في العراق، وقادت هجومًا عسكريًا واسع النطاق في الداخل. وردّ الحزب بحرب شوارع.
ودارت اشتباكات يومية شرسة في جنوب شرقي تركيا، بما فيها في ديار بكر، ما ترك إرثًا مريرًا بين السكان المحليين.
وتدهورت العلاقات بعد محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، مع حملة حكومية استهدفت النشاطات السياسية الكردية، واعتُقل في إطارها سياسيون أكراد.
ونشرت تركيا قوات في شمال سوريا لحماية حدودها.
2024-2025: صفحة جديدة
بعد عقد من الجمود، الذي لم تخرقه إلا هجمات متفرقة، مدّ حزب الحركة القومية يده للسلام رافعًا غصن الزيتون، مناشدًا حزب العمال الكردستاني نبذ العنف، في خطوة دعمها أردوغان.
ومذّاك، عقد وفد من نواب "ديم" ثلاثة اجتماعات معه في إمرالي، في 28 ديسمبر/كانون الأول، و22 يناير/كانون الثاني الماضيين، واليوم الخميس، تاريخ دعوة أوجلان إلى إلقاء السلاح.
aXA6IDE4LjExNi44MC43NyA= جزيرة ام اند امز