القرار الإماراتي لا يخلو من دلالات سياسية لها علاقة بطريقة إدارة دولة الإمارات لتجاوزات بعض أبنائه وخروجهم عن السياق المجتمعي المتعارف.
إذا اجتهدنا في أن نفهم سياسياً ما جاء في عنوان المقال: فإنه سيكون أن أبناء دولة الإمارات الذين غرر بهم بأفكار لا علاقة لها بمجتمعنا أدركوا خطأهم وأعلنوا توبتهم برفضهم للأيديولوجيا التي حملوها وقرروا العودة إلى حضن الوطن، معلنين ولاءهم لقيادتهم الحقيقية.
إن الموضوع الذي أتحدث عنه هنا هو قرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، الذي صدر يوم الخميس الماضي، بالعفو عن قياديين وأعضاء قد انشقوا عن التنظيم السري في دولة الإمارات التابع للتنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية.
القرار الإماراتي لا يخلو من دلالات سياسية لها علاقة بطريقة إدارة دولة الإمارات لتجاوزات بعض أبنائه وخروجهم عن السياق المجتمعي المتعارف عليه، لأنها تعتبرهم أبناءها، وبالتالي لا بد لهم أن يعودوا يوماً إليها. والدلالة السياسية الأخرى أن الدولة التي تعيش هذه الأيام عاماً للتسامح مع العالم والطبيعي أن يكون ذلك التسامح مع أبنائها أولاً على الأقل باعتبارها فرصة جديدة لمراجعة أفكارهم التي أثبتت في كل الدول أنها تخريبية ولا تؤمن بالوطن ولا الولاء لرئيسها، فكل شيء للحزب وللمرشد وربما في النهاية لخدمة الحلم العثماني غير قابل للتطبيق.
ما حدث يوم الخميس الماضي وما زالت تباعاته متفاعلة يؤكد أن الإماراتيين –قيادة وشعب- أسرة واحدة وهم في "بيت متوحد" وبالتالي فإن عودة هؤلاء الأربعة إلى حضن الوطن وقبلهم غيرهم هي فرحة إماراتية بالكامل لأنه إعلان رسمي أن دولة الإمارات انتصرت.
إذا وضعت دلالات هذا القرار الأخير والقرارات التي سبقتها في هذه القضية التي كانت ستؤدي بدولة هي "أيقونة" تنموية في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط كان يخطط لها من قبل "تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي" من خلال استغلال عفوية أبنائها، وإذا قارننا تلك الدلالات وأضفنا عليها حلم الدولة في التعامل مع أسرهم، فلا بد أن تثير انتباه المراقبين السياسيين في العالم، لأن الموضوع في عرف كل الدول جزاءه القتل، بل تلك الدلالات تدعو ممن يصرون على الهروب إلى العودة لحضن الوطن لأن ليس لديهم من ملجأ إلا إليها في نهاية المطاف. أما الآخرون لا ينظرون إليهم-الهاربين- إلا باعتبارهم "ورقة سياسية" للمساومة عليها.
وما من شك في أن قرار العفو الذي لم يكن ديكوراً وليس من أجل التجميل السياسي بقدر ما هي مواقف حقيقة تعكس نهج القيادة الإماراتية في تعاملها مع أبنائها، أنه أوصل الرسالة الصحيحة إلى الجميع ممن ما زالوا مصرين عليها حملوها بأن الهروب خارج الوطن واللجوء إلى نظم تترصد شراً بالدولة ليس إلا مغامرة ومجازفة حتى إذا كانوا في حماية تلك الأنظمة، فهي مسألة مصالح أو ما يعرف ببراغماتية سياسية وأجندات بمجرد أن تنتهي تلك المصلحة فلا بد أن يعودوا إلى الوطن وحينها لن تكون عودة طبيعية لأنها ستكون لها تكلفة باهظة في السجل التاريخي.
بالتأكيد هناك فرق بين أن تأتي بإرادتك إلى القضاء وتسلم نفسك في أي دولة في العالم من أجل المحاكمة، وبين أن يتم اعتقالك أمنياً أو تسلم بعد أن تكون بطاقتك السياسية قد انتهت صلاحيتها. وبما أن دولة الإمارات ما زالت تفتح المجال للباقين من يعيشون في تركيا وغيرها من عواصم العالم هرباً من المحاكمة العادلة وتصحيح أفكارهم التي بدأت تواجه حملة عالمية باعتبارها المصدر الأساسي للتنظيمات الإرهابية في العالم وبالتالي تضيق عليهم الخيارات بما فيها الخيار التركي، فإن استغلال "حلم القيادة الإماراتية" لا بد أن يكون مشجعاً للعودة إلى حضن الوطن الذي لن يسامح عندما "ينفد صبره" على من أصر على تخريبه ولن يشفع له التاريخ ولا أبناؤه، لأن العناد والمكابرة على الوطن ليس إلا إدانة وليس إنجاز أو انتصار مهما كسب من الوقت أو هرب لحين وفاته.
إن القيادة في مكان في العالم حين تبتعد عن أسلوب الانتقام والثأر لحق الوطن وتشيع في أوساط من أنكروا فضلها وجميلها لصالح أحزاب وتنظيمات إرهابية فهي وبلا شك تعزز روح التسامح والأبوة في المعالجة الحكيمة اقتناعاً منها بطيب أصل أبنائها وصحة إدراكهم ولكن تم التغرير بهم بأفكار متطرفة في لحظة ضعف وبالتالي عدم التراجع عنها هي إساءة لهم أمام الرأي العام وأمام أبناء شعبهم، فكيف الأمر عندما يكون في دولة مثل الإمارات وقيادة مثل شيوخ الإمارات.
عودتنا القيادة في بلادنا أنه عندما تأتي الفرحة فإنها تأتي بالجملة وتتدفق مرة واحدة لأننا في وطن سخي وكريم مع الجميع وإن كان على أبنائه مضاعف، وبالتالي فهو وطن جدير بالولاء والانتماء إليه وليس بخيانته، وإن حدثت هفوة لا مانع من العودة فهو وطن اختارت له قيادته أن يكون متسامحاً لأنه يدرك معنى الإنسانية وفعل التسامح على الوطن.
ما حدث يوم الخميس الماضي وما زالت تباعاته متفاعلة يؤكد أن الإماراتيين –قيادة وشعب- أسرة واحدة وهم في "بيت متوحد" وبالتالي فإن عودة هؤلاء الأربعة إلى حضن الوطن وقبلهم غيرهم هي فرحة إماراتية بالكامل لأنه إعلان رسمي أن دولة الإمارات انتصرت.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة