شخصية معرض الشارقة للكتاب.. يمنى العيد قائمة من الإنجازات
العيد تنتمي لمسار نقدي متميز برز أوائل سبعينيات القرن الماضي من حيث الرهان على تطوير تيار النقد الواقعي الاشتراكي.
جاء اختيار الناقدة اللبنانية يمنى العيد كشخصية ثقافية لمعرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ38، خلال الفترة من 30 أكتوبر إلى 9 نوفمبر 2019، ليتوج مسيرتها المتميزة كأحد أبرز أصوات النقد العربي طوال ما يقرب من نصف قرن.
وحفلت مسيرتها بأشكال مختلفة من التقدير، حيث اختيرت من قبل لرئاسة لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر) في دورتها الثانية العام 2008، كما اختيرت ضمن لائحة الفائزين بجائزة مؤسسة سلطان العويس الثقافية في دورتها الثالثة.
ويعزز اختيارها شخصية ثقافية لمعرض الشارقة للكتاب مسيرة التقدير والإنجاز التي شملت مؤلفات أساسية في النقد، فمن أهمّ إصداراتها: "في معرفة النصّ، تقنيّة السرد الروائي، الراوي: الموقع والشكل، الكتابة تحوّل في التحوّل، فنّ الرواية العربيّة، أرق الروح".
وتنتمي العيد لمسار نقدي متميز برز أوائل سبعينيات القرن الماضي من حيث الرهان على تطوير تيار النقد الواقعي الاشتراكي عبر دعمه بالمناهج النقدية الحديثة، إلى جانب تعميق الصلة بالتراث النقدي العربي ورافقها في هذا الاتجاه نقاد بارزون منهم المصري جابر عصفور والمغربي محمد برادة والمصري صلاح فضل، حيث بذلوا جهدا واضحا في التفاعل مع تيارات البنيوية والتفكيكية، انطلاقا من رغبة في إحداث ما يسمى "توطين المصطلح" أي الانتقال به من فضاء إنتاجه إلى فضاء استعماله معرفيا.
وكانت كتاباتها الأولى في مجلة الطريق اليسارية المعروفة ومع مجلة الآداب كاشفة عن صوت نقدي أعطى الأولوية دائما لتأكيد الصلة بين محتوى أي نص أدبي وواقعه الاجتماعي، لكن ما ميزها حقا التفاتها الدائم للتجديد وشغفها بأي نبرة إبداعية جديدة.
وظل توقيعها على أي مقال أدبي حول نص إبداعي هو شهادة ميلاد لصاحبه أو إشارة لا يمكن تفاديها لجودة النص وقيمته.
ومما هو جدير بالالتفات أن العيد سعت مؤخرا لكتابة "سيرة ذاتية" أهدتها إلى "صيدا المدينة التي رأيت فيها النور " وكتبتها باسمها الحقيقي حكمت المجذوب الصباغ، اسمها الذي غاب وراء اسمها الذي وقعت به مقالاتها النقدية وتركت اسمها القديم للمعاملات الرسمية.
أرادت العيد عبر الكتاب الفصل بين منجزها الإبداعي وإنتاجها النقدي، وفي الكتاب الذي صدر بعنوان "أرق الروح" عن دار الآداب نحن إزاء سيرة ذات ثقافية تكشف عن واقع لبنان العروبي ورموزه الكبار الذين صهروا صورته كفضاء للثقافة المدنية بكل أطيافها، ظلت دائما تضبط إيقاعها مع كل موجات التغيير.
أو كما تعبر خالدة سعيدة كتبت العيد عن بيروت وقت أن كانت "المدينة اليوتوبيا" التي احتضنت يسارية حسين مروة ومهدي عامل وكريم مروة دون أن تضعها في مواجهة مع النزعة الإسلامية التنويرية التي مثلها عبدالله العلايلي وصهرتهما معا إلى جوار حداثة جماعة مجلة شعر، أدونيس ومحمد الماغوط ويوسف الخال وأنسي الحاج وشوقي أبو شقرا الذين برزوا إلى جانب سعيد عقل ونزار قباني، فلم تحبط الجماهيرية والانتشار أي طموح باتجاه الطليعة.
وتؤرخ سيرة العيد لانكسار لبنان مع الحرب الأهلية ولصموده أيضا في مواجهة التراجع الحاد في الأفكار القومية واليسارية التي انتمت إليها يمنى العيد، ودافعت بشجاعة عن هذا الانتماء في المواقع المختلفة التي عايشتها سواء داخل عملها الجامعي أو خارجه، وهي رحلة أكدت خلالها انحيازها للبنان المتعدد والمقاوم بنزعته المدنية التي تقاوم الطائفية وتعزز من قيمة المواطنة، فلم يكن الكتاب إلا مرآة صادقة لتحولات مجتمع ينزف من دماء تاريخه.