مسبار الأمل.. عام من الاكتشافات العلمية غير المسبوقة
لا يتعلق استكشاف المريخ بالمسابير المتجولة، فهناك حاجة إلى المسابير المدارية التي تدعم العمليات السطحية وتوفر صورة شاملة للكوكب.
وبدون المعلومات التي توفرها هذه المسابير، مثل مسبار الأمل الإماراتي، تظل المعلومات التفصيلية عن الكوكب ناقصة.
وتقول الجمعية الفلكية بجدة في تقرير نشرته عبر صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك" بمناسبة مرور عام على إرسال المسبار الإماراتي لأول صورة، إن مسبار الأمل يلبي الحاجة إلى دراسة مدار الكوكب، لذلك فهو مصمم على أن يكون أول قمر صناعي للطقس حول الكوكب، وهدفه تزويدنا بفهم لديناميكيات الغلاف الجوي المعقدة، بالنظر إلى أن الضغط الجوي عند مستوى سطح المريخ أقل من 1٪ من ضغط الأرض.
وبحلول نهاية مهمته الأساسية المقررة أن تستمر لمدة سنة مريخية واحدة (687 يومًا من أيام الأرض)، سيعطينا مسبار الأمل صورة كاملة للتغيرات اليومية والموسمية على المريخ، بما في ذلك درجة الحرارة ومحتوى الماء والعواصف الترابية والفقدان المستمر للغلاف الجوي، وهي معرفة ضرورية عند إرسال البشر إلى هناك في المستقبل القريب.
3 أجهزة علمية
ويبلغ وزن المسبار حوالي 500 كجم (بدون وقود)، وهو بحجم سيارة كبيرة، ويدور حول المريخ مرة كل 2.3 يوم في مدار إهليلجي بحيث يقترب ويبتعد من سطح الكوكب ما بين 20,000 و 43,000 كيلومتر، وهذا يسمح له بالحفاظ على رؤية شاملة للمريخ، ومثل معظم الأقمار الصناعية يعمل مسبار الأمل بواسطة الألواح الشمسية ويتواصل مع العلماء باستخدام شبكة الفضاء السحيق التابعة لوكالة ناسا و وكالة الفضاء الأوروبية (ايسا)، وهي شبكة عالمية من التلسكوبات الراديوية.
ويوجد على متن مسبار الأمل ثلاث أجهزة علمية، فكاميرا الاستكشاف الرقمية (EXI) هي عين مسبار الأمل، وهي بدقة 12 ميجابكسل مع بعض القدرة على الأشعة فوق البنفسجية لاكتشاف وقياس المياه الجليدية والأوزون في الغلاف الجوي السفلي للمريخ.
ويوجد أيضا "المقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء" EMIRS و"المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية EMUS"، وهما اللذان يتحملان العبء الأكبر من العمل العلمي، حيث يجمع المقياس الطيفي EMIRS معلومات عن درجة الحرارة وتوزيع الغبار وبخار الماء والغيوم الجليدية، بينما يقيس المقياس الطيفي EMUS الغازات المتسربة في طبقات الغلاف الجوي العليا.
اكتشافات مهمة
وتم الإعلان عن أول اكتشاف علمي لمسبار الأمل يونيو 2021، بعد أربعة أشهر فقط من وصوله إلى الكوكب الأحمر، قبل أن يبدأ بالفعل عملياته العلمية، وكان يتعلق بصورة الشفق القطبي على المريخ.
وكشفت صور الأشعة فوق البنفسجية بواسطة المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية EMUS عما يسمى الشفق القطبي المنفصل على المريخ بتفاصيل لا مثيل لها.
ولا يمتلك المريخ مجالًا مغناطيسيًا بحيط به على عكس الأرض، فحجمه الصغير يعني بأن الجزء الداخلي منه يبرد بسرعة أكبر، وبدون وجود نواة خارجية سائلة تتحرك حول النواة الداخلية الصلبة لإحداث تأثير دينامو، فقد المريخ مجاله المغناطيسي، ومع ذلك فإنه يحتوي على بعض بقايا هذا المجال المغناطيسي محتجزة في الصخور المعدنية الممغنطة المدفونة تحت السطح.
وافترض العلماء أن المجال المغناطيسي غير المنتظم لقشرة المريخ من شأنه أن يدفع الجسيمات المشحونة (الإلكترونات) من الرياح الشمسية إلى الغلاف الجوي العلوي، حيث ستصطدم بجزيئات الأكسجين، وتطلق فوتونات الأشعة فوق البنفسجية على شكل شفق قطبي.
وأعطت اللمحات النادرة للشفق القطبي قوة لنظريات العلماء القائلة بأن لهذه الظاهرة علاقة بالمجالات المغناطيسية غير المكتملة.
تتيح الرؤية الشاملة الجديدة عالية الدقة لمسبار الأمل للباحثين تتبع هذه الميزات الجيولوجية المغناطيسية بسهولة، مما يدعم هذه النظرية بشكل قاطع تقريبًا.
شفق متعرج
ومنذ ذلك الحين، واصل مسبار الأمل دراسة الشفق القطبي المنفصل للمريخ، معلنا في أبريل 2022 عن اكتشاف شفق قطبي منفصل متعرج لم يسبق له مثيل، وهو شفق فوق بنفسجي ضخم يشبه الدودة يمتد حول الكوكب.
وراقب مسبار الأمل الشفق المنفصل المتعرج أثناء عاصفة شمسية عندما كانت الإلكترونات الشمسية تغزو المريخ أكثر من المعتاد، لكن حجمها الهائل ترك علماء الكواكب في حيرة.
وتقترح إحدى النظريات أنه بدلاً من مجرد الاتصال بالمجالات المغناطيسية في قشرة المريخ، فقد تكون مرتبطة بالذيل المغناطيسي للمريخ، والذي يتشكل بواسطة خطوط المجال المغناطيسي المحبوسة في الرياح الشمسية فوق الكوكب الأحمر.
ويشير اكتشاف هذا النوع الجديد من الشفق القطبي إلى علاقات أكثر تعقيدا بكثير بين الشمس والمريخ، والتي قد تؤثر على ديناميكيات الغلاف الجوي، وبالتالي على طقس المريخ، بطرق غير متخيلة.
وسيستمر علماء مسبار الأمل في مراقبة المريخ بحثًا عن المزيد من مشاهد الشفق المنفصل المتعرج والنظر إلى البيانات القديمة من وكالة ناسا و وكالة الفضاء الأوروبية لمحاولة فهم هذه الظواهر غير العادية بشكل أفضل.
وقدم مسبار الأمل نظرة استثنائية لعاصفة ترابية هائلة على المريخ في الفترة من ديسمبر 2021 إلى يناير 2022 بلغ قطرها حوالي 2500 كيلومتر، ومرت فوق موقعي المسبارين المتجولين إنسايت وبيرسيفيراتس التابعين لوكالة ناسا.
وفي ذلك الوقت كان المريخ قريبا من الاقتران الشمسي (قريب من الشمس من منظورنا)، لذلك كان من المستحيل رؤية الحدث من الأرض.
ولا يزال أمامنا عام آخر ليكمل مسبار الأمل جمع بيانات كافية للحصول على صورة كاملة للتغيرات الموسمية على المريخ، ومع ذلك، فإن لمحات علمية حتى الآن تشير إلى أن أول مهمة بين الكواكب لدولة الإمارات العربية المتحدة ستحقق نجاحا كبيرا.
وإذا كان مسبار الأمل لا يزال يعمل بشكل جيد في نهاية مهمته المخطط لها، فستواصل دولة الإمارات عملياتها مما سيتيح الفرصة لفحص التغيرات السنوية.
ويوجد لدولة الإمارات مشروع مسبار ثان طموح بين الكواكب بعد كوكب المريخ، بهدف المرور قرب كوكب الزهرة والتحليق قرب 6 كويكبات في حزام الكويكبات الرئيسي، قبل أن يهبط على كويكب سابع في عام 2032.
aXA6IDE4LjIyNi4yMjYuMTUxIA== جزيرة ام اند امز