أرهقت الاقتصاد العالمي.. هجمات الحوثي تهدد بشل حركة الملاحة البحرية
أدت الهجمات البحرية ضد السفن التجارية والنفطية في البحر الأحمر وباب المندب إلى تداعيات عديدة على الاقتصاد العالمي، تنذر بكارثة اقتصادية وشيكة.
ومنذ شنت مليشيا الحوثي هجماتها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، على السفن التجارية والنفطية بزعم أنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها، خلّفت أضراراً كبيرة في سلاسل التوريد العالمية.
كما تسببت تلك الهجمات، بارتفاع أسعار تكاليف الشحن وتأمينات السفن المارة في البحر الأحمر الذي يعد أحد أهم ممرات الملاحة البحرية في العالم.
ويمر بالبحر الأحمر نحو 10% من حركة التجارة العالمية، بما في ذلك 20% من صادرات النفط العالمية، وهو يمثل أهم ممرات الملاحة في التبادل التجاري بين قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، والذي يوفر الوقت وتكاليف الشحن المادية.
- اليمن.. تحركات أمنية لردع المضاربين بالعملة ومواجهة السوق السوداء
- اليمن يبحث خطة إنقاذ اقتصادية.. اجتماع لجنة إدارة الأزمات
تهديد ممر الملاحة البحرية
تسببت الهجمات الحوثية البحرية للسفن التجارية، وما نتج عنها من إغراق سفن نفطية وأخرى تحمل مواد كيميائية في البحر الأحمر، بشل حركة الملاحة البحرية الدولية بشكل عام والاقتصاد اليمني خصوصا.
امتدت تأثيرات الهجمات أيضا إلى قناة السويس في مصر، وموانئ الدول المشاطئة للبحر الأحمر، وبحر العرب.
وبحسب خبراء الاقتصاد، فإن هجمات الحوثي البحرية لها تأثيرات مدمرة على الاقتصاد العالمي والإقليمي، فهي تؤدي إلى تعطيل التجارة العالمية بشكل عام، بالإضافة إلى زيادة تكاليف الشحن.
واعتبر الخبراء أن التأثيرات الأكثر تطول الدول المطلة على البحر الأحمر، ودول شرق آسيا وأوروبا، وذلك لأن تغيير خط الملاحة إلى الرجاء الصالح في أقصى جنوب القارة الأفريقية، يرفع تكلفة النقل ويطيل أمد الرحلات.
تداعيات اقتصادية
يقول الخبير الاقتصادي اليمني فارس النجار لـ"العين الإخبارية"، إن الهجمات الحوثية على السفن التجارية لها تأثيرات كبيرة على الاقتصاد العالمي والمحلي، ولا تقتصر هذه التأثيرات على تكاليف الشحن فقط، لكنها امتدت لتعطيل سلاسل التوريد العالمية، وأدت إلى ارتفاع أسعار المواد الخام، والسلع الأساسية.
يضيف النجار أن تعطيل ممر الملاحة في باب المندب والبحر الأحمر نتيجة استهداف الحوثي المستمر للسفن التجارية المارة فيه، يؤثر بشكل مباشر على حركة التجارة العالمية ويتسبب برفع تكاليف الشحن الذي سوف ينتج عنه ارتفاع أسعار السلع.
وبحسب الخبير الاقتصادي، فقد ارتفعت تكاليف الشحن وتأمينات السفن المارة في باب المندب والبحر الأحمر بشكل كبير منذ بدأت المليشيات شن هجماتها البحرية ضد السفن، حيث زادت تكلفة الشحن العالمي بنسبة 20 إلى 30%.
تابع النجار: "مضيق باب المندب أحد أهم ممرات الملاحة البحرية في العالم، حيث يمر من خلاله 6.2 مليون برميل نفط يوميا وفقا لتقرير وكالة الطاقة، فهذا يعني أن تعطيله يؤدي إلى زيادة أسعار النفط عالميا، بل أنها قد ارتفعت خلال الفترة الماضية بنسبة 5 إلى 10%".
ووفقا للنجار، فإن الدول المطلة على البحر الأحمر، تعد من أكثر الدول تضررا من تلك الهجمات.
تراجع الإمداد الغذائي
على الصعيد المحلي عانى اليمن كثيراً، إضافة لما يعانيه من أزمة اقتصادية وتدمير في البنية التحتية نتيجة حرب مليشيا الحوثي منذ 10 سنوات، حيث تسببت هجمات الحوثي في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد.
يؤكد النجار أن اليمن شهد نقصاً حاداً في الإمدادات الغذائية، جراء الهجمات البحرية، ما أدى لارتفاع في الأسعار بنسبة 30%.
وفي السياق، أكد تقرير حديث صادر عن الأمم المتحدة، أن واردات الغذاء والقمح انخفضت بنسبة 54%، نتيجة الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، والضربات الإسرائيلية على ميناء الحديدة.
من جهته، يؤكد الخبير الاقتصادي وفيق صالح، أن تصاعد الهجمات الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر واستهداف ناقلات النفط، ستؤدي حتماً إلى تعطيل الملاحة العالمية في باب المندب والبحر الأحمر، وإلحاق أضرار كبيرة بالتجارة العالمية المارة من المنطقة.
اليمن الأكثر تضررا
ويقول صالح لـ"العين الإخبارية "، إن هناك العديد من التداعيات السلبية على الاقتصاد الوطني، وسلاسل الإمداد إلى الموانئ اليمنية، وهو مايُهدد - وفقاً لوفيق- بتأزم الوضع المعيشي والإنساني لليمنيين.
ويضيف: "من المحتمل أن تتوسع التأثيرات إلى تعطيل حركة الموانئ المشاطئة للبحر الأحمر، وهو ما يعني إحداث اختناقات حادة في الوضع التمويني والإمداد السلعي، خصوصا لتلك الدول التي تعتمد على الاستيراد لتوفير أغلب احتياجاتها من السلع الأساسية والمواد الغذائية عبر البحر".
ويشير إلى أن استمرار هجمات الحوثي في البحر الأحمر سوف تفاقم من عرقلة وصول البضائع وعملية التجارة البحرية إلى اليمن، كون هذه العمليات ستؤدي إلى تعطيل موانئ الحديدة، وتضررها خصوصا مع تزايد استهداف ناقلات النفط وتسرب الكميات النفطية إلى الموانئ والسواحل في البحر الأحمر التي ستؤدي إلى تدمير البيئة البحرية.
وكانت مليشيا الحوثي قد أعلنت مسؤوليتها عن استهداف أكثر من 196 سفينة منذ بدء هجماتهم البحرية في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.