الحياة قرب فخاخ الحوثي.. الخطوة الخاطئة ثمنها الموت
رغم مخاطر الألغام المميتة، إلا أن العديد من الأسر في مناطق ريفية في مديرية المخا اليمنية، تعيش بالقرب منها، مفضلة ذلك على حياة التهجير والشتات.
عاد السكان إلى منازلهم في قرى "الباقرية" و"الكديحة" في عزلة "الزهاري" بمديرية المخا بالساحل الغربي لليمن، بعد رحلة نزوح قاسية، باستثناء قلة صغيرة قدمت من مناطق أخرى ولجأت للعيش لدى أقاربهم في تلك القرى الريفية القاحلة.
وعلى الرغم من سقوط عدد منهم نتيجة ألغام مليشيا الحوثي، إلا إنهم يفضلون المخاطرة بأرواحهم على العيش في مخيمات النازحين.
يقول قاسم الشاذلي، مدير التربية في المخا، والذي ينتمي إلى تلك المناطق الريفية من دون أن يعيش فيها: "بعض المساكن هجرها السكان بسبب المخاوف من أدوات الموت الحوثية التي تحيط بها".
ويضيف الشاذلي في حديثه مع "العين الإخبارية" أن الكثير منهم فضّل البقاء في قراهم مع تجنّب المرور بالقرب من علامات وضعها البرنامج الوطني للألغام والتي تشير إلى وجود ألغام حتى تتمكن الفرق الهندسية من انتزاعها في وقت لاحق.
تقيّد حركة السكان
سقط حوالي 1 0أشخاص بسبب الألغام الحوثية في قرية "حصيب الكامل" الصغيرة فضلاً عن أعداد كبيرة من المواشي، إذ تعد تربيتها المهنة الرئيسية لسكان تلك المناطق لكسب أرزاقهم.
بحسب الشاذلي، فإن المصير ذاته تتشاركه مع "حصيب الكامل" عشرات القرى في الساحل الغربي والتي توصف بأنها أكبر منطقة حقول لألغام الحوثي على مستوى اليمن.
الشاذلي يوضح أن المسح الذي أجراه البرنامج الوطني للألغام حدد أماكن وجودها عبر وضع علامات ذات أصباغ حمراء وبيضاء، ما جنّب السكان المرور عبرها كما جنّبهم سقوط ضحايا جدد، لكن وجود مخاطر الألغام قيّد حركة السكان وجعلهم يتخذون دروباً محددة والخطأ فيها معناه الموت.
ولكي تحصل المواشي على غذائها يضطر السكان إلى الذهاب بها لأماكن بعيدة تتجاوز 3 كيلومترات يومياً في الجهة المقابلة لحقول الألغام.
فخ الفقر
يعزو أحد السكان السبب في تفضيل الأهالي البقاء في هذه المنازل رغم المخاطر التي تحيط بها، إلى فقر السكان، وعدم مقدرتهم على تحمل الأوضاع المعيشية داخل المخيمات أو في مناطق أخرى بعيدة عن الديار التي ألفوا العيش فيها.
مغامرات يومية قاتلة
وعلى الرغم من التوعية بمخاطر الألغام التي يقوم بها فريق تمول تحركاته الميدانية الأمم المتحدة ما يزال السكان بعيدون عنها، كما لا يزالوا يسكنون في تلك الأماكن رغم نذر الموت التي تحيط بهم.
بحسب خالد قائد، وهو مسؤول تنفيذي في البرنامج الوطني للألغام، زرعت مليشيا الحوثي المئات من الألغام بشكل عشوائي ومختلف عما هو معتاد في الحروب النظامية، وهذا يجعل مخاطرها على السكان تمتد لعشرات السنين.
ويضيف لـ"العين الإخبارية": بسبب الأحجام الصغيرة للألغام الفردية فإنه من المحتمل ألا يصاب بها أحد لأشهر عدة إلى أن تقع قدم أحدهم عليها لتنفجر، وهذا ما يجعل خطورة الألغام تمتد لسنوات.
وبحسب قائد، فقد شهدت مناطق الساحل الغربي زيادة في عدد ضحايا الألغام التي تم زراعتها، وأخطرها المصنوعة محلياً، والتي يتم إضافة دواسة لها من أجل الإيقاع بعدد أكبر من الضحايا.
وينصح المهندس اليمني السلطة المحلية بمديرية المخا بنقل السكان من تلك المناطق إلى أماكن آمنة لتجنيبهم ويلات الوقوع في فخاخ المليشيات.
ووصف تفضيل السكان البقاء في تلك المناطق بالمغامرة القاتلة المبنية على جهل كبير واستهتار غير محسوب العواقب بالأرواح.
ووفق إحصائية سابقة للبرنامج الوطني لنزع الألغام سقط 1200 ضحية بأدوات الموت الحوثية حتى أواخر العام الماضي، لكن سقوط الضحايا استمر ما يجعل من تحديث قائمة الضحايا، أمراً مهماً.