المعتقلون في سجون الحوثي.. وسيلة لابتزاز الأهالي بملايين الريالات
يوما بعد آخر، تتزايد حالات الابتزاز الحوثية لذوي المعتقلين في سجونهم بدون أي تُهم، ولا يتورعون عن طلب مبالغ مالية مهولة للإفراج عنهم
يتعامل الحوثيون مع ملف المعتقلين كسلع تجارية، ويوما بعد آخر، تتزايد حالات الابتزاز الحوثية لذوي المعتقلين في سجونهم بدون أي تُهم، ولا يتورعون عن طلب مبالغ مالية مهولة مقابل الإفراج عنهم.
وتتكدس سجون الحوثيين في العاصمة صنعاء ومحافظتي ذمار وإب وتعز، بآلاف المعتقلين الأبرياء، غالبيتهم مضى على فترة اعتقالهم قرابة العامين، أي منذ انطلاق عاصفة الحزم في 26 مارس/آذار 2015.
ولا يوجد رقم دقيق لعدد المعتقلين في سجون الحوثيين، ففي حين تقول الحكومة إن هناك أكثر من 3 آلاف معتقل، يؤكد حقوقيون أن الرقم أعلى من ذلك بكثير، خصوصا وأن وتيرة الاعتقالات الحوثية لم تتوقف.
ولازالت عمليات الاعتقالات متواصلة في المحافظات الخاضعة لسيطرتهم، فعلاوة على حملات المداهمة التي تطال عشرات المنازل في العاصمة صنعاء لكل من لا يدين لهم بالولاء، تقوم نقاط التفتيش التابعة لهم في عدد من المحافظات، وخصوصا محافظتي البيضاء وحدود تعز، باعتقال العشرات من المواطنين العاديين الذي لا تُهم له.
وحوّل الحوثيون من الملف الإنساني المعقد إلى وسيلة للمتاجرة والربح، حيث يلجأون إلى ابتزاز أهاليهم بملايين الريالات اليمنية، نظير عملية الإفراج عنهم.
وقال أحد أقارب المعتقلين في سجون الحوثيين في أحد المدن السكنية شرقي مدينة تعز لـ"بوابة العين": إن الحوثيين طالبوهم بنصف مليون ريال يمني، مقابل الإفراج عن أحد أقاربهم الشباب الذي تم اعتقاله في نقطه تفتيش.
وأضاف" قاموا بالتحقيق معه ولم يجدوا له أي تهمة، يريدون الإفراج عنه، لكنهم يقومون بابتزازنا بالأموال، كما فعلوا مع العشرات من الناس من قبل".
ويضطر أهالي بعض المعتقلين إلى الرضوخ لابتزاز الحوثيين، ويقومون بدفع مئات الآلاف من الريالات مقابل عملية الإفراج".
وقال أحد سكان تعز، وسط اليمن، لـ"بوابة العين": "نلجأ للاقتراض من أجل دفع ما يطلبونه، وإلا فانه سيقضى عشرات الشهور في معتقل تنعدم فيه أي مقومات الحياة" .
المواطن اليمني، الذي طلب عدم الكشف عن هويته خوفا من بطش الحوثيين، قال "إن المشرفين الأمنيين طلبوا منهم مبلغ 400 ألف ريال يمني نظير الإفراج عن أحد المعتقلين المتواجدين في مدينة الصالح السكنية، شرقي مدينة تعز، وأبلغوهم أنه سيتم ترحيله إلى سجن صنعاء إذا لم يقوموا بتوفير المبلغ بشكل عاجل".
وأكد عدد من أهالي معتقلين تم الإفراج عنهم أن الرقم أحيانا يتضاعف إلى 800 ألف ريال، ويصل إلى مليون ريال في بعض الحالات، كما حصل مع أحد الحلاقين الذين تم اعتقالهم من صالون الحلاقة الخاص بهم، شرقي مدينة تعز.
وذكر مصدر أمني مقرب من الجماعة، لـ"بوابة العين"، أن بعض التجار والصرافين لا يتم الإفراج عنهم سوى بملايين الريالات، وأحيانا يشترطون أن يكون الدفع بالدولار الأمريكي.
كانت المنافذ الشرقية والشمالية والغربية لمدينة تعز، من أكثر المواقع الخصبة بالنسبة للحوثيين في اصطياد مئات المعتقلين، غالبيتهم من المواطنين الأبرياء الذين يترددون على مدينة تعز المحاصرة من أجل أغراض تجارية أو زيارة أقارب.
ووفقا لمحمد العديني، وهو أحد سكان المدينة، نجا من عملية اعتقال بأعجوبة، تقوم حواجز التفتيش الحوثية التي تفرض حصارا على تعز، بعملية تفتيش دقيقة للمواطنين وأمتعتهم وتلفوناتهم وحقائبهم.
وأضاف: "يطلبون منا أن نفتح الهواتف المحمولة، وإذا وجدوا أي صورة خاصة بالجيش الوطني والمقاومة، يقومون على الفور بنقلنا إلى معتقلات في منطقة الحوبان، شرقي المدينة.
وقال العديني في حديث لـ"بوابة العين": "كان هاتفي المحمول ما يزال جديدا ولم يمر عليه سوى 24 ساعة ولا صور أو برامج تواصل اجتماعي فيه، لذلك سمحوا لي بالمرور.. نجوت بأعجوبة، فيما تم اعتقال أكثر من 7 مواطنين أمامي بتهمة الولاء للحكومة الشرعية والتحالف".
وإضافة إلى نقاط التفتيش في مدينة تعز، برزت إحدى نقاط التفتيش الحوثية في محافظة البيضاء، وسط البلاد، كأبرز حواجز التفتيش التي لا يمر يوم دون أن تقوم باعتقال العشرات من المواطنين.
وقال علي يحيى، وهو أحد المسافرين من صنعاء إلى مدينة سيئون، شرقي البلاد لـ"بوابة العين" إنه " في تلك النقطة المعروفة بنقطة أبو هاشم ( وهو قيادي حوثي)، يتم امتهان كرامة الناس بطريقة بشعة، حيث يقومون بإيقاف حافلات نقل المسافرين لأكثر من ساعتين دون تفتيش، ثم يصعد مسلح حوثي لتفتيش كافة الحقائب حتى التابعة للنساء، وفحص الهويات، والاستفسار عن أسباب السفر".
وأضاف: "في غالب الأحيان يكون المسلح الحوثي مجرد طفل لم يتجاوز الثامنة عشرة، لكنه يوجه الإهانات لعشرات المدنيين المسافرين، ويخلع عليهم ألقابا من قبيل الدواعش والمرتزقة وغيرها".
ووفقا للمصدر، يتم نقل المعتقلين إلى سجن قلعة رداع، وأحيانا إلى مستشفى قام الحوثيون بتحويله إلى سجن، ويودعون فيه عشرات المسافرين المعتقلين، والذي لا يفرجون عنهم سوى بضمانات كتابية ومبالغ مالية".
وعجزت المنظمات الدولية عن إقناع الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، أو معرفة مصير غالبيتهم، وعلى رأسهم 10 صحفيين.
وعلاوة على الاستغلال التجاري والابتزاز، يقوم الحوثيون باستغلال ملف المعتقلين الأبرياء سياسيا، حيث يتعاملون معهم كسلعة للمقايضة، ويطالبون الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بتسليم أسراهم من المقاتلين في الجبهات، مقابل الإفراج عن مواطنين يتم اعتقالهم من نقاط التفتيش.