"قرصان ومهرب".."العين الإخبارية" تتعقب أحمد حلص الرجل الثاني في اختطاف "روابي"
هو الرجل الثاني في قرصنة السفينة الإماراتية "روابي"، غير أن مهمته الأخطر تكمن في توصيل السلاح القادم من إيران إلى الحوثيّين في اليمن.
يتعلق الأمر بأحد القيادات السرية في مليشيات الحوثي؛ أحمد محمد حلص بشارة؛ الذي عمل على مدى 7 أعوام مضت، في تجنيد عشرات الصيادين وإغرائهم بالمال والثراء السريع، للعمل في تهريب السلاح الإيراني عبر بحر العرب والبحر الأحمر.
كما جنّد حلص آخرين لصالح القيادي الحوثي البارز منصور السعادي لتنفيذ هجمات إرهابية قبالة ميناء الحديدة، وقرصنة سفن الشحن، كان آخرها سفينة "روابي" التي اختطفها مع 9 آخرين، في أحدث عملية إرهابية لمليشيات الحوثي.
وعلمت "العين الإخبارية"، من مصادر أمنية يمنية أن "حلص" المنحدر من بلدة "أبو زهر" في مديرية الخوخة، جنوبي محافظة الحديدة (غرب)، يعد واحدا من كبار القيادات الحوثية السرية المسؤولة عن إدارة شبكات التهريب تحت ظل الحرس الثوري الإيراني.
الصياد المأجور
وطبقا للمصادر فإن "حلص" الذي احترف مهنة "الصيد" في بداية عمره انخرط مع أحد شبكات التهريب قبل أن تجنده مليشيات الحوثي باكرا، وتعينه مشرفا في الحديدة ليتخذ "الصيد" غطاء لتهريب السلاح ضمن شبكة كبيرة يديرها ضابط إيراني يلقب بـ"الرئيس عمرة" وعدة قيادات حوثية تتوزع بين صنعاء وطهران.
المصادر ذاتها تفيد بأن آخر زيارة للمدعو "حلص" إلى طهران كانت في 2015 وتلقى هناك تدريبات مكثفة من قبل ضباط الحرس الثوري الإيراني على التجنيد وتهريب السلاح، وتكوينا خاصا في تطوير زوارق الصيد، وتحويلها لزوارق مفخخة.
أسند الحوثيون للقيادي "أحمد حلص" مهمات عدة أبرزها التهريب البحري ومهاجمة أو قرصنة سفن الشحن، وفي الحالتين لجأ الإرهابي المأجور لتجنيد فقراء تهامة؛ إذ لم يسلم منه حتى أبناء بلدته في الخوخة، والذين جند العديد منهم وزجهم لخدمة المشروع الإيراني باليمن.
ويساعد حلص في دوره الخبيث شقيقه عبدالسلام عبر إدارته لواحدة من أكبر شبكات التهريب، والتي تتوزع بين الحديدة والمهرة وصنعاء وحضرموت وسقطرى، وهي مؤلفة من صيادين وبحارة، ويملك "الشقيق" مئات المراكب منها مخصصة للصيد، لكنه يتخذها غطاء لتهريب السلاح، طبقا لمصادر يمنية خاصة.
مسارات التهريب
وتكشف المصادر أن "حلص" مرتبط بشكل مباشر بضباط في الحرس الثوري الإيراني في مدينة بندر عباس جنوب إيران، والتي تعد سواحلها أكبر مصدر لتهريب السلاح لمليشيات الحوثي الإرهابية.
ويتخذ حلص مسارات عدة في تهريب السلاح من إيران إلى اليمن.
وحسب المصادر يستخدم الرجل السواحل القريبة من ميناء "الصليف" شمال الحديدة (غرب) على البحر الأحمر كنقطة انطلاق ويرتبط بمحطات بحرية قبالة جيبوتي ثم بوصاصو وبربرة الصوماليتين، وصولا إلى سواحل بندر عباس الإيرانية.
وفي مسار آخر يستخدم سواحل "حوف" في المهرة (شرق) على بحر العرب ويرتبط بمحطات بحرية قبالة السواحل العمانية وصولا إلى ميناء بندر عباس الإيراني، وفقا لذات المصادر.
وتصنف الأجهزة اليمنية "حلص" في قائمة أخطر المهربين بين اليمن والقرن الأفريقي وإيران، وذلك عقب ضبط مواد محظورة عديدة، وشحنات أسلحة كان يحاول إدخالها عن طريقة التهريب.
أدلة تحت المجهر
وحصلت "العين الإخبارية" على معلومات خاصة تؤكد جانبا من الأدلة على إدارة القيادي الحوثي "حلص" شبكة تهريب سلاح واسعة عبر سواحل المنطقة، وذلك بعد أن وقعت إحدى الشحن بقبضة البحرية الأمريكية فيما صادر الأخرى خفر السواحل اليمنية.
وتعتبر الحادثتان فقط دلالة أيضا على نفوذ "حلص" الذي أدار مئات عمليات التهريب للسلاح والأسمدة والمتفجرات والصواريخ وقطع المسيرات تحت إدارة الحرس الثوري الإيراني، وأوصلها لمليشيات الحوثي باليمن.
وكانت أحدث أدلة تهريب السلاح الإيراني أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2021، عندما ضبطت البحرية الأمريكية سفينة تقل شحنة أسلحة إيرانية كبيرة في بحر العرب وعليها 5 مهربين جميعهم من الحديدة، حيث تم مصادرة الشحنة وتسليم المضبوطين لخفر السواحل اليمنية.
ووفقا لمحاضر التحقيقات مع المضبوطين فإن المدعو "أحمد محمد حلص" أدار عملية التهريب لأكثر من 3 شهور، وذلك من مقر إقامته بصنعاء، وبالتنسيق مع ضباط الحرس الثوري الإيراني، وضابط ارتباط آخر يقيم بالمهرة.
وكانت شحنة الأسلحة مؤلفة من 1750 قطعة سلاح آلي ومئات الصناديق من الذخيرة، قدرت بنصف مليون صندوق ذخيرة متنوعة، بما فيه الخاصة بالمدافع الرشاشة، طبقا لاعترافات المضبوطين.
واعترف الموقوفون الـ5 بإقامتهم أكثر من 16 يوما في مدينة بندر عباس الإيرانية، وكانت مهمتهم إيصال شحنة إلى نقطة بحرية فاصلة بين عمان واليمن، وتسليمها لـ3 مراكب صغيرة، ستتولى نقلها للسواحل اليمنية الشرقية.
أما الحادثة الأخرى فكانت في 7 مايو/ أيار 2020، عندما ضبط خفر السواحل في المقاومة الوطنية اليمنية مركبا يحمل شحنة أسلحة قادمة من إيران، ويقل نحو 4 مهربين جلهم من الحديدة، وذلك في نقطة قريبة من مضيق باب المندب الدولي.
وأثبتت التحقيقات مع المضبوطين أن القيادي الحوثي "حلص" دبر عملية التهريب بإشراف من القيادي البارز "أبو جعفر" واسمه الحقيقي "محمد أحمد الطالبي" برتبة "لواء" وهو كبير المهربين للسلاح الإيراني للحوثيين ويشغل منصب مدير مشتريات بوزارة الدفاع في حكومة الحوثيين المزعومة.
وفي الحادثتين عثر على استخدام المهربين لأجهزة هواتف "الثريا" وأجهزة "ماجلان" نظام تحديد المواقع وجوازات سفر صادرة من مصلحة الهجرة والجوازات بالحديدة الخاضعة للمليشيات، ويشير ذلك إلى مدى النفوذ الكبير لـ"حلص" وامتلاكه الأموال لتجنيد وتجهيز المهربين.
aXA6IDMuMjIuMjQ5LjIyOSA= جزيرة ام اند امز