حرب الحوثي تطارد الريال.. إرهاب يضاعف معاناة اليمن
انهيار واسع للريال اليمني، إثر تصاعد وتيرة حرب مليشيات الحوثي الاقتصادية التي اشتدت مؤخرا بشكل ممنهج.
حرب حوثية انعكست على الارتفاع في أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني سلبا، ليضاعف معاناة الشعب اليمني المعيشية في ظل ما تشهده البلاد من أوضاع صعبة على مدى 9 أعوام.
وبحسب مصادر مصرفية فإن تداولات الأيام القليلة الماضية، سجلت ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية أبرزها الدولار الأمريكي، والريال السعودي.
وقالت المصادر المصرفية في العاصمة المؤقتة عدن، لـ"العين الإخبارية"، إن سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الريال اليمني وصل إلى 1525 ريالاً يمنياً للبيع، و1520 ريالاً للشراء، مقابل الدولار الواحد.
وأضافت أن سعر صرف الريال السعودي وهو الأكثر تداولاً في الأسواق اليمنية، وصل إلى 405 ريالات يمنية للبيع، و404 ريالات للشراء.
وأرجع خبراء اقتصاد من اليمن حالة انهيار الريال اليمني مؤخرا إلى حرب مليشيات الحوثي متعددة الأوجه التي طالت الاقتصاد اليمني والتي أدت لتوقف التدفقات النقدية للبنك المركزي اليمني.
وقال الخبير الاقتصادي اليمني وفيق صالح لـ"العين الإخبارية"، إن الانهيار الاقتصادي زادت حدته خلال أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وحتى الآن، وذلك لعدة أسباب، أبرزها توقف المصادر المستدامة من النقد الأجنبي للبنك المركزي اليمني؛ نتيجة تعطيل صادرات النفط الخام منذ عام بسبب هجمات مليشيات الحوثي الإرهابية على منشآت التصدير في محافظتي حضرموت وشبوة شرقي البلاد.
وأكد وفيق أن "هناك زيادة في الأعباء المالية للحكومة اليمنية خاصة مدفوعات النقد الأجنبي، في ظل تراجع حجم الموارد المحلية للحكومة اليمنية".
وأشار الخبير اليمني إلى أن "هذه الأعباء تساهم في زيادة الضغط على أسواق الصرف والتي بدورها تؤدي إلى تدهور وانخفاض قيمة العملة اليمنية".
وأوضح أن "غياب الحلول والمعالجات الحكومية وبقاء المشكلات والمعضلات الاقتصادية قائمة دون وجود تحركات جادة من قبل الحكومة لمعالجة هذه الإشكاليات، ظلت تستنزف الاقتصاد الوطني طوال السنوات الماضية".
وبحسب وفيق تعد "مسألة الانقسام النقدي التي قامت بافتعالها مليشيات الحوثي، تضغط دائماً باتجاه تفاقم مشكلة أسعار الصرف، وتؤدي إلى اتساع تدهور قيمة الريال بمناطق الحكومة، وتعمل على امتصاص أي مهدئات أو إجراءات لتحسين العملة في مناطق الحكومة اليمنية".
وبلغت الخسائر المالية للحكومة اليمنية بسبب توقف تصدير النفط إثر هجمات الحوثي الإرهابية في أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، 1.5 مليار دولار أمريكي.
حرب غزة عامل إضافي
من جهته، يرى أستاذ الاقتصاد المشارك في جامعة تعز الدكتور محمد قحطان، أن زيادة حدة الارتفاع مؤخرا لأسعار صرف العملة الأجنبية أمام العملة المحلية، بسبب اندلاع الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة حماس منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إضافة إلى عوامل الانهيار المستمرة جراء الحرب الحوثية ضد الاقتصاد اليمني، وغياب معالجات الحكومة.
وقال قحطان لـ"العين الإخبارية"، إنه وبسبب تجاوب الناس مع جمع التبرعات للوضع الإنساني في قطاع غزة، يلجؤون إلى تحويلها للعملات الأجنبية، ويضاعف ذلك الإقبال على هذه العملات زيادة الطلب عليها، وانعدام تواجدها في الأسواق المصرفية، وهو ما يعد عاملا جديدا يضاف إلى عوامل الانهيار الاقتصادي المتراكمة.
وأوضح أن توقف تصدير النفط اليمني يعد أبرز الأسباب وراء الانهيار الذي يشهده الريال، بعد أن قامت المليشيات بتصعيد حربها الاقتصادية في مختلف المجالات، بالإضافة إلى فرض قرارات إجبارية على تجار ومستوردي السلع والموارد على توريدها عبر ميناء الحديدة، بدلاً من ميناء العاصمة المؤقتة عدن.
وأكد الخبير الاقتصادي، أن دعم الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، للحكومة اليمنية بالجانب الاقتصادي من خلال الودائع المالية المستمرة، أسهم بشكل كبير في الحد من الانهيار خاصة بعد توقف تصدير النفط.
وطالب قحطان الحكومة اليمنية، على معالجة الفساد الحاصل في الأوعية الإيرادية، والتي يُلزم أن تورد موارد الدولة للبنك المركزي، وألّا يتم العبث بها، ومضاعفة العجز على الحكومة.
تراجع القوة الشرائية
وبحسب قحطان فإن الانهيار المستمر للعملة الوطنية، ضاعف من معاناة المواطنين وقدرتهم الشرائية، خاصة أصحاب الدخل المحدود والمتدني، حيث إن الانهيار تسبب بارتفاع الأسعار والسلع الاستهلاكية والغذائية.
وتابع: "الناس قد هلكوا بسبب الغلاء الفاحش والارتفاع الجنوني بالأسعار، ولم يعد بهم القدرة على تحمل الكثير"، مشيراً إلى أن أصحاب الدخل المحدود لم يتبق من قيمة القوة الشرائية إلا نحو 13% مقارنة بالعام 2014، قبل انقلاب المليشيات على الدولة اليمنية والعبث بمؤسساتها.
وتسبب توقف صادرات النفط اليمني نتيجة الهجمات الحوثية، في تفاقم الأزمة الإنسانية باليمن، بسبب الآثار التي لحقت بعائدات الحكومة، وإعاقتها من الإيفاء بالتزاماتها.