إحباط «الروبوت تاكسي» يفاقم معاناة «تسلا».. ورطة إيلون ماسك الأكبر

في خلاف يُوصف بأنه الأغلى في تاريخ صناعة السيارات، شهد يوم 5 يونيو/ حزيران تبادل اتهامات حادًا بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك، اللذين كانا يُعدّان حليفين لا ينفصلان.
وأسفر هذا التصعيد عن تراجع سهم تِسلا بنسبة 14٪ دفعة واحدة، مما أدى إلى خسارة فادحة بقيمة 150 مليار دولار من قيمتها السوقية في جلسة واحدة فقط، مما قاد إلى تراجع قيمة الشركة دون مستوى التريليون دولار، كما بدد طموح ماسك في "الروبوت تاكسي".
إحباط الروبوت تاكسي
وذكرت مجلة "لوبوان" الفرنسية أن شركة تِسلا كانت في طليعة الشركات التي أرادت دخول عالم "روبوت الأجرة"، إذ لم يُخفِ مؤسسها إيلون ماسك طموحه في تحويل سياراته الكهربائية إلى أسطول من "الروبوت تاكسي" الذكي، يُدار دون تدخل بشري، مما يفتح الباب أمام ثورة في عالم المواصلات، موضحة أن هذا الطموح يواجه اليوم واحدة من أعقد أزماته، ليس فقط بسبب التباطؤ في تسويق هذه التقنية أو العقبات التنظيمية، بل نتيجة خلاف سياسي واقتصادي ضخم ألقى بظلاله على مستقبل الشركة.
وقال المحلل الاقتصادي مايكل فوندوكيديس من مؤسسة Oddo BHF الأمريكية المستقلة في مجال التمويل إن هذه الانهيارات تعكس بشكل جلي حجم التبعية بين مستقبل تِسلا ومؤسسها ورئيسها التنفيذي، الشخصية الكاريزمية، بحسب مجلة "لوبوان" الفرنسية.
وأوضح فوندوكيديس أن "إيلون ماسك وسهم تِسلا لا ينفصلان، سواء حين تصعد الأمور أو تسوء".
ردة فعل فورية وحادة
ووفقًا للخبير الاقتصادي فإن المستثمرين أبلغوا عن ذهولهم، خاصة أن هذه التراجعات جاءت دون تغيير كبير في نتائج أداء تِسلا في الشهر نفسه؛ بل كانت ردة فعل فورية وحادة على التراشق الإعلامي بين ماسك وترامب.
وخلال أربعة أشهر قضاها ماسك في "إدارة الكفاءة الحكومية" (Doge)، بدا وكأنه مكتوف الأيدي، فقد ركز على دوره الإداري الحكومي بدلاً من قيادة الشركة.
ومع تراجع مبيعات سيارات تِسلا وتوقف مشروع "روبوتات الأجرة"، يجد ماسك نفسه في موقف حرج: عليه إنقاذ جوهرة إمبراطوريته الصناعية الضخمة، قبل أن تقودها التحديات الناجمة عن ارتباطه بالسياسة الأمريكية نحو الانزلاق مجددًا.
ورصدت المجلة الفرنسية تحديات ماسك في التصدي للأزمة، موضحة أنه لمواجهة هذه الضغوط المتراكمة، يجد إيلون ماسك نفسه مضطرًا إلى تبني استراتيجية متكاملة تعيد تِسلا إلى موقعها الريادي وتعيد الثقة إلى السوق.
وقالت "لوبوان"، ينبغي لماسك أن يعيد تركيز قيادته داخل تِسلا، وذلك بالتخلي عن المهام الجانبية والالتزامات التي تقع خارج نطاق عمل الشركة، موضحة أن الحاجة ملحة إلى عودته الكاملة إلى قيادة العمليات التنفيذية اليومية، خصوصًا في الملفات الحساسة مثل تطوير السيارات ذاتية القيادة ومشروع "روبوت الأجرة"، إلى جانب الإشراف المباشر على خطوط الإنتاج.
تعزيز الثقة في هوية تِسلا
كما رأت المجلة الفرنسية أنه من المهم تعزيز الثقة في هوية تِسلا واستقرارها المؤسسي. وقالت إن على الشركة أن تنأى بنفسها عن الارتباط المفرط بصورة ماسك الإعلامية والسياسية، وأن تبعث رسالة طمأنة للمستثمرين مفادها أن تِسلا قادرة على الاستمرار بثبات، وأن بنيتها التشغيلية متينة بما يكفي لتجاوز أية أزمات مرتبطة بشخص مؤسسها.
ودعت المجلة الفرنسية إيلون ماسك إلى العمل على إعادة ترتيب الأولويات طويلة المدى، خصوصًا فيما يتعلق بالمشاريع المستقبلية، موضحة أنه لم يعد من المقبول أن تبقى التقنيات الرائدة مثل الروبوتات والقيادة الذاتية مجرد شعارات أو وعود بعيدة المدى. على العكس، يتعين تحويلها إلى منتجات قابلة للتسويق من خلال وضع خطط واضحة، بمواعيد تنفيذ محددة وآليات متابعة دقيقة لمشاركة التقدّم مع المستثمرين.
وشددت المجلة الفرنسية على أن هناك حاجة ملحّة إلى تحسين مستوى الشفافية والتواصل مع السوق، موضحة أنه يجب أن تعتمد تِسلا منهجية أوضح وأكثر تنظيمًا لعرض تطورات مشاريعها، خصوصًا "روبوتات الأجرة"، مع تحديد المدى الزمني المأمول لتطبيقها تجاريًا. الشفافية هنا لا تقتصر على نشر البيانات، بل تشمل بناء علاقة ثقة متبادلة مع المستثمرين والإعلام.
أي مستقبل ينتظر تِسلا؟
في ضوء كل ما سبق، يبدو أن تِسلا تقف عند مفترق طرق. فقد تكون هذه الأزمة فرصة للتحول نحو مرحلة أكثر نضجًا وتماسكًا، تعزز من مكانتها في سوق السيارات الكهربائية العالمي. لكن بالمقابل، فإن استمرار الصراعات السياسية والمبالغة في المشاريع غير الناضجة قد يؤدي إلى تقويض ما بُني خلال سنوات من الابتكار والطموح.
aXA6IDIxNi43My4yMTcuMSA= جزيرة ام اند امز