إجابة عربية.. كيف اكتسح مانشستر سيتي ريال مدريد في البالون دور؟
لم تكن هناك جائزة مخصصة لأفضل ناد في العالم في حفل الكرة الذهبية، لكن فرانس فوتبول استحدثتها وفاجأت الجميع بمنحها لفريق مانشستر سيتي الإنجليزي.
يعتقد الجمهور، وربما نجوم الساحرة المستديرة أيضا، أن الفوز بدوري أبطال أوروبا ضمانة لكون النادي هو الأفضل في العالم، نظرا لكونها البطولة الأهم والأقوى.
ولا شيئ يدل على ذلك أكثر من محاولة بعض نجوم ريال مدريد السخرية من اختيار فرانس فوتبول للنادي الإنجليزي ليكون بطلا لأول نسخة من جائزتها، لكن رد المدرب كارلو أنشيلوتي وتهنئته للسيتي فتح المجال أمام السؤال: كيف توج السيتي باللقب؟.
بداية يجب التنويه إلى أن مانشستر سيتي كان النادي الأكثر تمثيلا خلال الفئات المختلفة للجوائز، كما حصل نجمه كيفين دي بروين على لقب ثالث أفضل لاعب في العالم.
وجاء الثنائي رياض محرز وإيرلينج هالاند في المركزين العاشر والثاني عشر على الترتيب، بينما حل البرازيلي إيدرسون في المركز الثالث في جائزة ياشين لحراس المرمى.
لماذا مانشستر سيتي الأفضل في العالم؟
حصل مان سيتي على الجائزة بعد موسم استثنائي فاز فيه بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، البطولة الأصعب في العالم، للمرة الرابعة خلال آخر 5 مواسم.
قدم الفريق السماوي كرة قدم مذهلة، وحصل على الدوري في الدقائق الأخيرة، برصيد 93 نقطة، وهي سادس أعلى حصيلة من النقاط في تاريخ البريميرليج، فضلا عن تسجيل 100 هدف في المسابقة، و150 هدفا بشكل عام في كل المسابقات، أكثر من أي فريق آخر في الدوريات الأوروبية الخمس الكبرى.
في المقابل فاز العملاق الإسباني بلقب الدوري الإسباني بشكل مريح بعد حسم البطولة قبل 4 مباريات على النهاية، كما أقصى السيتي من نصف نهائي دوري أبطال أوروبا بعودة مذهلة في مباراة الإياب، قبل أن يتوج باللقب على حساب ليفربول للمرة الرابعة عشرة في تاريخه.
هيمنة مذهلة وأسلوب فريد
إذا كانت معايير الجائزة تعتمد على الألقاب فقط، فسيكون الفريق الملكي هو الأحق، لكن الأمر ليس كذلك، إذ تأخذ الجائزة في الاعتبار المنظومة ككل بما في ذلك الفرق النسائية والشبابية، وإنجازات النادي بشكل عام كذلك.
في الموسم الماضي سيطر السيتي على كل شيء، إذا فاز فريق الأكاديمية بقيادة المدرب براين باري مور بلقب الدوري الممتاز 2 للموسم الثاني على التوالي، وانعكست جودة هذا الفريق على تصعيد بعضهم إلى الفريق الأول مثل كول بالمر وجوش ويلسون وريكو لويس وغيرهم على مدار الـ12 شهرا الماضية.
كما فاز فريق مانشستر سيتي تحت 17 عاما بلقب كأس الدوري الإنجليزي الممتاز تحت 17 عاما، وفاز الفريق النسائي لمان سيتي بكأس كونتيننتال للمرة الرابعة، ووصل إلى نهائي كأس الاتحاد الانجليزي للسيدات.
ولعبت بعض نجمات فريق السيدات للسيتي دورا بارزا في تتويج منتخب إنجلترا بلقب كأس الأمم الأوروبية للسيدات عام 2022 بما في ذلك اللاعبات كيرا والش، ولورين هيمب، وكلو كيلي، وجورجيا ستانواي.
ولا يمكن لأحد أن ينسى العروض المذهلة للفريق الأول بقيادة بيب جوارديولا على مدار العام، إذ قدم مانشستر سيتي كرة قدم مبهرة رغم افتقاده لوجود مهاجم صريح في تشكيلته بعد رحيل واعتزال الأسطورة سيرجيو أجويرو.
فيران سوريانو الرئيس التنفيذي لنادي مانشستر سيتي، قال بعد استلام الجائزة: "الحصول على لقب أفضل نادٍ في العالم هو شرف كبير لنا، ويؤكد قوة النادي على مستوى كرة القدم للرجال والسيدات".
وتابع: "نحن نفخر بأنفسنا للعب كرة قدم جميلة والفوز بالمباريات، نحن فخورون بجودة اللاعبين وجميع الموظفين خلف الكواليس الذين يساعدوننا في النجاح".
وسار كيفين دي بروين نجم السيتيزنس على نفس النهج وقال هو الآخر على خشبة المسرح: "من الواضح أننا نلعب كرة قدم بطريقتنا الخاصة، نحاول إمتاع الجماهير والترفيه عنهم، وأعتقد أن هذا هو الهدف الأساسي من كرة القدم ومشاهدة الجميع لها".
صواب الرؤية وذكاء الإدارة
مانشستر سيتي كان فريقا متواضعا قبل نحو 14 عاما عندما انتقلت ملكيته لمجموعة أبوظبي للاستثمار بقيادة الشيخ منصور بن زايد، ليتحول منذ ذلك الوقت ليصبح النادي الأكثر تحقيقا للألقاب في إنجلترا.
يقول الصحفي الإنجليزي سام لي في حديث سابق مع "العين الرياضية" إن الأمر لم يكن متعلقا بالمال في نجاح مشروع مانشستر سيتي، وإنما في الإدارة الذكية التي عرفت كيف تستثمر مجهودها وأموالها بطريقة رائعة.
وأضاف سام لي الذي يكتب عن نادي مانشستر سيتي في صحيفة "ذا أثلتيك" البريطانية قائلا: "لم يكن الأمر متعلقا بالمال فحسب، النجاح يعود إلى العقلية الجيدة التي عرفت كيف تدير النادي في مشروعه الجديد".
ويضيف سام، الذي يعد أحد أكثر المصادر الموثوقة عند جماهير السيتي حول العالم: "الشيخ منصور بن زايد نقل النادي من مكان لآخر، إلى المكانة التي هو عليها الآن، وهو تغيير عظيم لم يكن ليحدث دون عقلية إدارية مميزة".
وواصل الصحفي الإنجليزي: "السيتي يتمتع الآن بعقلية انتصارية تدفع الفريق للقتال دائما حتى النهاية لحصد الألقاب، وبات لديه روح وهوية مميزة".
ويرد سام على الادعاءات بشأن اقتصار الأمر على مجرد الدعم المالي وتجاهل العقلية الإدارية المميزة بالقول: "كثيرون يملكون المال، لكن لا أحد حقق ما حققه السيتي، فقد قام النادي بشراء لاعبين مثل ديفيد سيلفا ويايا توريه وسيرجيو أجويرو بمبالغ متوسطة وغير قياسية، ولم يشتر ميسي ليحقق النجاح".
ولعل ما قاله سام لي في ختام حديثه دليل دامغ يرد على متهمي مانشستر سيتي بالاعتماد فقط على المال في نجاحه، فلاعب مثل الأرجنتيني كارلوس تيفيز كان يلعب لفريق عريق مثل مانشستر يونايتد، لكن الجار الأحمر لم يستطع الحفاظ عليه رغم تألقه في صفوفه وقيادته لتحقيق الدوري الإنجليزي.
وفي الصيف الماضي، كانت هناك حرب عالمية من أجل الظفر بخدمات أحد أفضل مهاجمي العالم، وهو النرويجي إيرلينج هالاند، لكن اللاعب ووكيله اختارا مانشستر سيتي لعلمهما أنه المشروع الأهم في أوروبا وإنجلترا خلال السنوات المقبلة، ولم يكن الأمل متعلقا بالمال في الصفقة على الإطلاق.
تحول جذري
14 عاما عاشتها جماهير مانشستر سيتي في ظل الحلم العربي الإماراتي.. فما الذي تغير خلال حقبة الشيخ منصور بن زايد آل نهيان بالنادي السماوي؟
أسهم الطموح الإماراتي غير المحدود في تحقيق النادي خلال 14 عاما بطولات وألقابا تتفوق بلقب على ما حققه مانشستر سيتي خلال عمره الممتد إلى نحو 114 عاما قبل حقبة الشيخ منصور بن زايد، بواقع 18 لقبا محليا متنوعا.
وأدت الثقة التي حصل عليها خلدون المبارك، وتعيينه رئيسا تنفيذيا للنادي، في سعيه بشكل حثيث لتطبيق الخطة الطموحة للإدارة بخطوات راسخة، حيث وضع الثنائي المخضرم فيران سوريانو وتشيكي بيجرستاين على رأس الإدارة الفنية لتطوير الفريق الأول وأكاديمية الناشئين في صيف 2012.
وأثبت سوريانو وبيجرستاين صحة قرار تعيينهما، واستغلا خبراتهما السابقة المكتسبة خلال فترة نجاحهما في نادي برشلونة، ليكررا النجاح بشكل مثالي مع النادي الإنجليزي الذي ولد للمرة الثانية بتوقيع الشيخ منصور بن زايد على عقد ملكيته، لكنه ولد عملاقاً يهابه الجميع.
إنفاق مدروس
ومُنذ بداية عصر الشيخ منصور بن زايد في نادي مانشستر سيتي، هُناك 4 أندية أنفقت أكثر من مليار جنيه إسترليني، وهي مانشستر يونايتد وتشيلسي وليفربول، بالإضافة إلى السيتي.
لكن الأندية الـ4 لم تحقق نسبا متساوية من البطولات والألقاب والنجاحات مقارنة مع الإنفاق المادي، وتفوق مانشستر سيتي على الجميع، محققا عوائد تجارية تزيد على حجم الإنفاق.
لم يكتف الشيخ منصور بن زايد بنادي مانشستر سيتي وإنجازاته، بل حفزه نجاح التجربة الإنجليزية لتوسيع الرقعة إلى أن باتت إمبراطورية مترامية الأطراف في كل أنحاء العالم، تحت مظلة شركة "سيتي فوتبول".
نادي مانشستر سيتي هو الشقيق الأكبر الآن في المجموعة الاقتصادية التي تضم أندية يوكوهاما مارينوس الياباني، ونيويورك سيتي الأمريكي، وملبورن سيتي الأسترالي، وأتلتيكو توركي الأورجواياني، وجيرونا الإسباني، وسيشوان جيونو الصيني، ومومباي سيتي الهندي، ولوميل البلجيكي، وتروا الفرنسي.
وبخلاف النشاط الرياضي، تستهدف المجموعة العديد من الأنشطة الخيرية حول العالم، بعد أن أطلقت حملة "عطاء السيتي للتعافي" خلال الأعوام الماضية وعقب تفشي جائحة كورونا لمساعدة المجتماعات على التعافي والنهوض بجميع المدن التي توجد بها أندية المجموعة فضلا عن بعض البلدان الفقيرة.
aXA6IDE4LjIxNy4xNjEuMjcg جزيرة ام اند امز