"الرهان" على الذكاء الاصطناعي.. درس جديد لـ"مايكروسوفت" (تحليل)
تساءل تقرير نشرته مجلة "الإيكونوميست" عما إذا كان يمكن للرهان الجريء من مايكروسوفت على الذكاء الاصطناعي مساعدتها في تجاوز شركة أبل، باعتبارها الشركة الأكبر قيمة في العالم، مبيناً عوامل قوة للشركة.
ونقل التقرير عن ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، تصريحاً في وقت سابق قال فيه إن الأمر يبدو كما لو أن مرحلة التسعينيات قد عادت، في إشارة إلى أيام مجد الشركة عندما كان نظام التشغيل "ويندوز" الخاص بها موجوداً في كل مكان، وكانت الأرباح ترتفع والإيرادات تنمو بشكل مستمر بأكثر من 30% سنوياً.
وأصبحت مايكروسوفت خلال تلك الفترة ولفترة من الوقت الشركة الأكبر قيمة في العالم، إلا أن النجاح ولد الرضا عن النفس مما أدى إلى حالة "تشبع" لاحقة من تباطؤ نمو المبيعات وانخفضت هوامش الربح بحلول أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
ثم تمتعت مايكروسوفت بفترة ازدهار جديدة منذ عام 2020، بعد آن وضع ناديلا الحوسبة السحابية في قلب عمل الشركة، بدلاً من نظام التشغيل "ويندوز"، مما ساعد على خفض التكاليف وزيادة الأرباح. وقد ارتفع هامش التشغيل للشركة من 29% في عام 2014 إلى 43%، وهو الأعلى بين أكبر 50 شركة غير مالية في أمريكا من حيث الإيرادات.
وتبدو سعادة المستثمرين بالشركة منذ أن أدى تشديد السياسة النقدية إلى عمليات بيع واسعة النطاق في أسهم التكنولوجيا، إلا أن سعر سهم مايكروسوفت تغلب على جميع منافسيها الكبار باستثناء شركة أبل.
استعادة التاج كأكبر شركة في العالم
ووفقاً لتقرير "الإيكونوميست" فإن ناديلا يمضي قدماً في عملية إعادة تنظيم جريئة أخرى، وهذه المرة يستهدف قطاع الذكاء الاصطناعي، وكان بفضل استثمارات شركة مايكروسوفت في شركة أوبن إيه آي التي أطلقت تطبيق شات جي بي تي، أصبحت مايكروسوفت الشركة المفضلة لأدوات الذكاء الاصطناعي. وقد يدفع الذكاء الاصطناعي مايكروسوفت إلى أعلى، مما يساعدها على استعادة التاج كأكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية من شركة أبل.
وعددت الإيكونوميست عدة أمور ساعدت في انطلاقة مايكروسوفت، وقالت إن الدرس الأول "هو أن تكون مصاباً بجنون العظمة". وأوضحت أنه عندما تولى ستيف بالمر منصبه خلفاً لبيل غيتس في عام 2000، كان نظام تشغيل "ويندز" مقدسًا في الشركة ونتيجة لذلك فشلت مايكروسوفت في استغلال التحولات الكبيرة في التكنولوجيا، مثل ظهور الهاتف الذكي والحوسبة السحابية.
وكان من الممكن أن تسير شركة مايكروسوفت بسهولة على طريق إفلاس كوداك أو بلاك بيري. لكن في عهد ناديلا، الذي كان مدركاً بشكل كبير لحالة الشركة المتأخرة، أصبحت مايكروسوفت في حالة تأهب شديد للتكنولوجيات الجديدة الواعدة، وهذا ما شجعه للتحرك بسرعة صوب الذكاء الاصطناعي.
وأما الدرس الآخر فهو أن الشركات لا تحتاج إلى القيام بالاختراع بنفسها. لقد كانت مايكروسوفت بارعة في التوصل إلى كيفية تجميع وبيع التقنيات التي تم إنشاؤها في أماكن أخرى.
وتخطط شركة مايكروسوفت لدمج التكنولوجيا السحابية الخاصة بها مع الألعاب بالتعاون مع خبرة شركة أكتيفجن بليزارد والتي يبدو استحواذها عليها أكثر ترجيحا.
وهذا النهج مغاير لنهج شركة غوغل المهووسة بالاختراع، والتي تكبدت خسارة تراكمية قدرها 24 مليار دولار بسبب هذه الرهانات الخاطئه منذ عام 2018، وقد استثمرت أمازون أيضا بكثافة في التقنيات، ولكنها فشلت حتى الآن في كسب العملاء، وقد قامت شركتا أمازون وغوغل بإلقاء الأموال على طائرات التوصيل بدون طيار.
كبح جماح المؤسسين
ويعد الدرس الأخير هو أن طرح عدد أكبر من أسهم الشركة في سوق الأوراق المالية يخلق الانضباط اللازم لكبح جماح المؤسسين.
وقد خسر مارك زوكربيرغ، رئيس شركة ميتا، بالفعل 40 مليار دولار في بناء أحلامه في الواقع الافتراضي ويخطط لإنفاق المزيد، ويمكنه القيام بذلك لأنه يستحوذ على 61% من أسهم الشركة، وبالتالي بأغلبية من حقوق التصويت ويمتلك مؤسسا غوغل، سيرجي برين ولاري بيغ، 51% من حقوق التصويت في شركة ألفابت، وهو ما قد يفسر سبب كفاح الشركة من أجل الازدهار.
وعلى النقيض من ذلك، أصبحت شركتا أبل ومايكروسوفت الأكبر سناً، ولم تعدا يهيمن عليهما مؤسسوها وهو ما أثبت عملياً أنه أكثر قيمة بكثير من حيث مرونة الإدارة.