سر أسماء الإناث والذكور في الأعاصير.. ما هو "دانيال"؟ ولماذا تغول في درنة؟
"دانيال" "ميامي" "ساندي" "جوليا"... أعاصير وعواصف بأسماء ذكور وإناث.. هل تساءلت من قبل عن سر الاسم وكيف يتم اختياره؟
منذ أسبوع، استفاق العالم على كارثة طبيعية وإنسانية فاقت التنبؤات والتقديرات، حين اجتاحت الفيضانات بيوت الآمنين في شرق ليبيا، وحولتهم إلى جثث لا تجد لها برًا.
وكما اجتاحت المدن والمنازل والشوارع، كانت الكارثة قد عرفت اسمها "دانيال"، وسرعان ما بدأ الناس يتداولون الاسم ويغوصون في بحر أمواجها بحثا عن سرٍ ومعنى.
فما هو إعصار "دانيال"؟ ولماذا ضرب مدينة درنة بالذات عن غيرها من المدن الساحلية؟، ومن أعطاه هذا الاسم؟.
متى تحصل العواصف والأعاصير على اسم؟
منذ زمن طويل أدرك علماء الطقس والأرصاد الجوية أن تسمية العواصف والأعاصير بأسماء بسيطة تساعد الناس على تلقي وتبادل المعلومات التفصيلية.
كانت الأعاصير تسمى باسم بعض القديسين، مثل "إعصار بول" ، "سانت. لويس" أو "سانتا ماريا".
أو أسماء السنوات التي حدث فيها، مثل إعصار 1898 الذي ضرب الولايات المتحدة من ولاية جورجيا.
أو حسب المكان الذي نشأ فيه أو المنطقة الرئيسية التي ضربها، مثل إعصار "ميامي الكبير" عام 1926، أو إعصار "جالفستون" الذي دمّر المدينة التي تحمل الاسم نفسه بالكامل، أو إعصار "نيو إنجلاند".
في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، اعتمد المركز الوطني الأمريكي للأعاصير ممارسة رسمية تتمثل في تسمية العواصف في المحيط الأطلسي وفقا للأبجدية الصوتية، مثل تشارلي وبيكر وغيرهما.
وفي نفس العقد، تم تطوير نظام التسمية بحيث تم تسمية العواصف بأسماء نسائية تقليدا لأخصائيي الأرصاد الجوية البحرية الذين أطلقوا على السفن البحرية أسماء النساء، وكانت "أليس" أول عاصفة تحصل على اسم نسائي.
وفي أواخر السبعينيات، تم تطوير النظام مرة أخرى ليشمل أسماء الذكور والإناث.
ووفق ما طالعته "العين الإخبارية" في مواقع معنية بالأرصاد الجوية، تحصل العواصف والأعاصير عادةً على أسمائها عندما تتحرك في نمط دوران دائري بسرعة رياح تبلغ 63 كيلومترًا في الساعة.
ويقول علماء إن التجربة أثبتت أن استخدام الأسماء القصيرة والفريدة في الرسائل الشفهية والمكتوبة يكون أسرع ويقلل من احتمالية الخطأ مقارنة بطرق التعريف المعقدة.
وتتجلى هذه المزايا بشكل خاص في سياق تبادل المعلومات التفصيلية حول مئات المحطات والمواقع الساحلية والعواصف.
من اختار اسم "دانيال"؟
وكالة الأرصاد الجوية الأمريكية هي من أطلقت اسم "دانيال" على العاصفة الأولى في منطقة البحر الأبيض المتوسط من ضمن موسم أعاصير المحيط الأطلسي لعام 2023.
في بداية الأمر تم تصنيف "دانيال" على أنها عاصفة استوائية عادية، لكن سرعان ما أصبحت تعرف بالإعصار بسبب تنامي سرعتها وقوة رياحها العاتية.
كيف تشكل "دانيال"؟
خلال أشهر هذا الصيف، كانت المنطقة قد تعرضت بالفعل لموجة حر غير مسبوقة. ويقول العلماء إن موجة الحر رفعت درجات حرارة سطح البحر، وهو ما كان من الممكن أن يشجع على تكوين إعصار يشبه الإعصار الاستوائي في البحر الأبيض المتوسط.
لماذا كانت درنة في عين الإعصار؟
تقع مدينة درنة في منطقة جبلية شمال شرق ليبيا على ساحل البحر الأبيض المتوسط، ويقسمها وادي "درنة" الذي يعتبر من بين أكبر الأودية في هذا البلد إلى قسمين اثنين.
ونتيجة للفيضانات، امتلأ الوادي بالمياه التي ارتفع مستواها بشكل خطير حيث شكلت تهديدا كبيرا على السدين اللذين تفجرا في نهاية المطاف، بسبب ضغط المياه.
وبفعل ذلك، تدفقت المياه بسرعة كبيرة عبر الأودية باتجاه ساحل المتوسط، مرورا بوسط المدينة التي غمرتها المياه. ما أدى إلى جرف المنازل وانهيار جميع الجسور المتواجدة في المدينة.
يقول الدكتور كارستن هوستين، عالم المناخ في جامعة لايبزيغ، لصحيفة "الجارديان" البريطانية": "على الرغم من أنه لم يتم حتى الآن إسناد رسمي لدور تغير المناخ في جعل العاصفة دانيال أكثر شدة، فمن الآمن أن نقول إن درجات حرارة سطح البحر الأبيض المتوسط كانت أعلى بكثير من المتوسط طوال فصل الصيف".
مضيفا "وهذا ينطبق بالتأكيد على المنطقة التي يمكن أن يتشكل فيها دانيال ويحدث دمارا في اليونان والآن ليبيا... فالمياه الدافئة لا تغذي تلك العواصف من حيث كثافة هطول الأمطار فحسب، بل تجعلها أيضا أكثر شراسة".
لكن العاصفة نفسها لم تكن مسؤولة بالكامل عن الدمار الذي ألحق بمدينة درنة، حيث كانت البنية التحتية، بما في ذلك السدود المنفجرة، في حالة خطيرة بالفعل، وفقا لخبراء تحدثت معهم الصحيفة.
ويرى البعض أن ليبيا التي تعرضت للقصف خلال الثورة التي أطاحت بالرئيس الراحل معمر القذافي، لا تزال مثل العديد من البلدان الفقيرة، حيث لم تكن مستعدة للطقس القاسي الذي جلبه دانيال.
ويشرح الدكتور كيفن كولينز، أحد كبار المحاضرين في مجال البيئة والأنظمة في الجامعة المفتوحة: "من المهم أن ندرك أن العاصفة نفسها ليست فقط السبب الوحيد للخسائر في الأرواح".
"ويرجع ذلك جزئيا أيضا إلى قدرة ليبيا المحدودة على التنبؤ بتأثيرات الطقس؛ وأنظمة الإنذار والإخلاء المحدودة؛ ومعايير التخطيط والتصميم للبنية التحتية والمدن"
وتابع: "مع تغير مناخنا، يجب أن يتم فهم هذه الأنواع الأكثر تطرفا من الأحداث والتخطيط لها والتكيف معها من قبل الأفراد والشركات والمجتمعات في جميع البلدان."