محلل أمريكي لـ"العين": ترامب سيوسع الحرب ضد الإخوان (حوار)
بوابة "العين" الإخبارية تحاور الدكتور يوسف إبراهيم، المحلل السياسي الأمريكي المعروف، والكاتب الصحفي في وول ستريت، ونيويورك تايمز
بعد أيام من عاصفة الانتخابات الأمريكية، بدأ الجميع يترقب ملامح سياسات ساكن البيت الأبيض الجديد، إلا أن أحداً لا يعلم شيئا عن خططه المقبلة وفقاً لما قاله الدكتور يوسف إبراهيم، المحلل السياسي الأمريكي المعروف، والكاتب الصحفي في وول ستريت، ونيويورك تايمز وغيرها، والذي وصف انتخابات 2016 بـ "الشرسة".
في حوار لبوابة "العين" الإخبارية، قال إبراهيم زميل مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، مستشار العلاقات السياسية الدولية، إن فوز دونالد ترامب كان مفاجأة للجميع، خاصة باراك أوباما الذي وصفه بـ "أسوأ" رئيس أمريكي على الإطلاق، محملاً إياه جزءا من أسباب خسارة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
لماذا برأيك تلقت كلينتون هذه الهزيمة الثقيلة؟
لم يتوقع أحد فوز ترامب، وأنا منهم رغم تصويتي له، لأن الديمقراطيين حزب قوي، وفي الواقع هو حزب الأغلبية الذي تنحاز له جميع الأقليات، ولا ننسى أن أوباما الذي وصل للرئاسة منذ 2008 وسع رقعة التأمين الطبي والاجتماعي، إلا أن السنوات العشر الأخيرة أغضبت غالبية الأمريكيين بسبب تخطي هذه التأمينات للحدود المعقولة، فهي تخرج من جيوب دافعي الضرائب، بالإضافة إلى خروج عدد من كبار مصنعي الإلكترونيات والسيارات من الولايات المتحدة إلى المكسيك واليابان.
ولكن الجمهوريين الذين يسيطرون على الكونجرس هم من وافقوا على إقرار مشروع التأمينات الطبية "أوباما كير"
هذا صحيح ولكنهم جميعا اكتشفوا أن مشروع "أوباما كير" سحب أموال دافعي الضرائب بشكل كبير وتحول إلى "حلم مزعج"، ولم يعد للتأمينات سقف وهي تزيد سنوياً بمعدل الزيادة في تكلفة المعيشة، كيف يمكن للبيض الذي يمثلون 85% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية أن يتحملوا ذهاب 90% من الضرائب لـ15% من الأقليات، بالنسبة لهم كان أوباما هو السبب.
هل ترى أن ترامب بإمكانه إلغاء هذا المشروع؟
لا أعتقد أنه مجنون ليفعل ذلك، لكنه سيبقي على الجزء المهم من سياسات أوباما الاجتماعية، لن يستطيع أي حاكم الآن إلغاء الغطاء التأميني عن هذه الملايين.
إلى أي مدى تسبب التصويت ضد كلينتون في نجاح ترامب؟
بالفعل نجح، ولكن يجب أن نحلل أسباب ذلك، مع العلم بأنها تتمتع بشعبية كبيرة، ولسنا بمعزل عن فضائح زوجها بيل الذي كان متهما أثناء رئاسته بما يتهم به ترامب الآن من اعتداء على السيدات وغير ذلك، إلا أنها لم تكتفِ بالتغطية على أفعال زوجها بل أيضاً اتهمت هؤلاء السيدات بأنهن مخبولات وغير واعيات، وكل ذلك تراكم لدى الناخب الأمريكي.
لكن فضائح ترامب شخصيا كانت أكثر.. هل توافق على هذا الرأي؟
نعم فضائح ترامب كثيرة فميا يخص النساء، ولكن النتائج أثبتت أن الناخب الأمريكي قارن بينه وبين كلينتون، فوجد أن أخطاءها وزوجها فاقت الحدود، وبالتالي قرر أنهما لا يصلحان لقيادة البلاد.
ما الذي جعل نتائج استطلاعات الرأي في هذه الانتخابات مختلفة تماماً عما عهدناه في أي انتخابات سابقة؟
هذه القضية أصبحت الآن حديث الساعة في الولايات المتحدة، كل الاستطلاعات والمعلومات التي تم تجميعها من الناخبين كانت خاطئة، وكانت مبنية على تحيز من مستطلع الرأي ضد دونالد ترامب، والكل يرى بأنه لابد من تغيير نظام هذه الاستطلاعات، وأتحدى الجميع في الانتخابات المقبلة أن يكون لهذه العملية أي أهمية مرة أخرى، هذا المصطلح سيُنسى تماماً بعد انتخابات 2016.
هل تعتقد أن ما قامت به الصحف الكبرى مثل نيويورك تايمز وواشنطن وست كان متحيزا أيضا؟
معظم استطلاعات الصحف الكبرى والشبكات الإخبارية كانت متحيزة ضد ترامب، نيويورك تايمز، وواشنطن بوست وCNN أكبر وسائل إعلام في العالم، وجرت العادة أن تفصح عن المرشح الذي ستدعمه قبل الانتخابات بأيام، ما حدث هذه المرة هي أنها دعمت كلينتون منذ أشهر، وإذا كان رأي الصحف في حد ذاته غير مهم في أمريكا، إلا أن ما تمارسه من عمل صحفي هو المهم، ومن تجربتي الطويلة التي تمتد على مدار 35 عاما كصحفي أمريكي فليس هناك مجال أمام الصحفي للإفصاح عن رأيه سوى في صفحات الرأي، إلا أن هناك دائماً فرصة لعدم الحيادية، ولا ننسى أن 90% من الصحف الأمريكية ليبرالية التوجه، أي أنها تؤيد الحزب الديمقراطي وتعارض الجمهوري.
هل ظهرت الصدمة على أوباما خلال استقباله لترامب؟
بالفعل صدم أوباما شخصياً بنتائج الانتخابات، كان ذلك درساً له لأنه ظن أن تأييده لكلينتون سيدفع الأمريكيين لانتخابها لأن الرئيس يريد ذلك، هذا خطأ، وخلال لقائه بترامب توقف عن حركاته المعتادة، كالجلوس بغرور أمام ضيفه، لم يضع رجلاً على رجل مثلما فعل من قبل كثيراً.
هل يمكن قراءة الخطوط العريضة للسياسات الأمريكية في ظل إدارة ترامب؟
ليس لدى أحد أي فكرة عن سياسة ترامب الخارجية، وأي شخص أو محلل سيقول لإنه يعلم فهو كاذب، لكن هناك بعض المحاور التي ذكرها خلال 18 شهرا من الحملة الانتخابية، وأعتقد أنها ستكون أساس علاقات أمريكا الخارجية، أولها تعديل اتفاقيات التجارة الخارجية، فقد تحدث عن الصين واليابان أكثر من مرة، وقال نصاً بأنه سيفرض على الشركات الأمريكية التي انتقلت للمكسيك واليابان ضرائب تصل إلى 25%، واتهمها بالخيانة وأنها شركات غير وطنية، بينما تعهد بالقضاء تماماً على الجماعات الإسلامية المتطرفة باختلاف مسمياتها.
لماذا قرر ترامب محاربة الجماعات المتطرفة؟
هذا الموقف جاء فور حادث ذبح الأقباط الـ21 في ليبيا على يد تنظيم "داعش"، لو تذكرين خرج وصرحّ بوضوح بأن الجماعات الإسلامية المتطرفة خطر على العالم، وتحدث عن المسيحية في العالم العربي أكثر من مرة، وهو أول رئيس أمريكي يتحدث بهذه الصراحة والوضوح، وليس هناك شك في أنه سيعادي الإسلام السياسي تماماً، وسيكون ذلك ضمن أولى قراراته بعد تسلمه البيت الأبيض في يناير 2017.
كيف يمكنه توسيع دائرة تلك الحرب؟
لدينا ما لا يقل عن 900 سجين من التيار الإسلامي في السجون الأمريكية، لا يوجد تعاطف في أمريكا مع الإخوان وغيرهم من المتشددين خاصة بعد حادث سان برناردينو، وفلوريدا، وأيضاً مقتل المئات في فرنسا وصحراء سيناء، وأعتقد أن أولى قراراته ستكون توسيع الحرب ضد جماعات الإسلام السياسي ومنها جماعة الإخوان المسلمين في أمريكا والعالم، إلا أنه لن يرسل جندياً أمريكياً واحداً في هذا الحرب، وسينتهي الحديث عن إغلاق معتقل غوانتانامو نهائياً، وسيسعى لتوسيعه لاستيعاب عدد أكبر من المعتقلين من عدة دول.
هل يؤثر عداؤه للإسلام السياسي على موقفه من المسلمين بشكل عام؟
ترامب ليس له تجربة سياسية، وسيخطئ بطبيعة الحال، وقد أخطأ بالفعل أثناء حملته الانتخابية بتصريحات عن نيته طرد المسلمين، إلا أنه واقعياً لن يستطيع تنفيذ هذه التصريحات على أرض الواقع، أعتقد أنه سيتغير مع الوقت، لا يمكننا أن ننكر أنه متطرف لكنه ليس مجنونا، وأي رئيس أمريكي يحيط نفسه بفريق من المستشارين، وبالتالي سيتمكن هؤلاء من تهدئة هذا التطرف.
هل تعتقد أن التقارب بين ترامب والرئيس الروسي سيغير سياسة أمريكا تجاه ملف سوريا العالق؟
بالتأكيد سيتغير موقف أمريكا، لكن لا أعتقد أن الحرب في سوريا ستنتهي، وفي نفس الوقت لن يأتي للبيت الأبيض رئيس يرسل أي عسكري أمريكي للقتال في الشرق الأوسط، خاصة ترامب، ولن يحدث ذلك مجددا في تاريخ الولايات المتحدة. كما أن موقف ترامب مثل بوتين تماماً، وقال بشكل واضح إنه لا يريد إزاحة الأسد لأنه لا يعلم من سيأتي بعده.
ولكن ماذا عن الجنود الموجودين حالياً في العراق؟
ترامب سيسحب كل القوات الأمريكية من دول الشرق الأوسط على رأسها العراق، وتدريجياً من أفغانستان أيضاً، وسيوقف عمليات الجيش الأمريكي ضمن التحالف الدولي فيما عدا القتال إلى جانب روسيا من الجو.
كيف ترى التقارب بين ترامب وبوتين؟
يجمعهما إعجاب متبادل، وهما متفاهمان تماماً على موضوع ضرورة القضاء على الجماعات الإسلامية، أو ما يطلق عليه المعارضة السورية المسلحة، روسيا نقلت أسطولاً جوياً وبحرياً كاملاً أمام سوريا منذ فترة قصيرة، إذاً فالروس جاؤوا للشرق الأوسط للحرب.
هل الحرب ضد الجماعات المتطرفة هي من خلقت تقارباً بين ترامب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؟
هناك تعاطف كبير في الولايات المتحدة مع الحكومة المصرية بسبب أعمال العنف التي ارتكبت في سيناء وفي القاهرة، وكثيرون يؤيدون فكرة أن الإخوان هم من يمّول الحرب الدائرة في سيناء، ويعتبرونهم جزءاً من عمليات العنف في العالم، ومن بينهم ترامب، وبالتالي فهذا هو سبب التقارب الذي بدى واضحا بين ترامب والسيسي في لقائهما السابق في الأمم المتحدة بنيويورك.