"غرفة التجارة الدولية" .. 100 عام على إطلاق أول صوت موحد لرجال الأعمال
نجحت الغرفة على مدار قرن كامل من المشاركة في صياغة نظام التجارة العالمي بمفهومه الحديث وتشكيل مظلة حمائية للشركات
حين انطفأت نيران الحرب العالمية الأولى عام 1918، وجد رجال الأعمال أنفسهم أمام مجتمعات منهارة تفتقر إلى قواعد تحكم العلاقات التجارية أو الاستثمارية أو المالية على الصعيد العالمي، ما أثار الحاجة إلى توحيد أصواتهم تحت مظلة قوية تحمي أعمالهم، ومن هنا انطلقت شرارة تأسيس غرفة التجارة الدولية لتكون من هذا الحين الصوت المرتفع لمجتمع الأعمال.
قادت وزيرة التجارة الفرنسي إتيين كليونتل في 1919 فكرة تأسيس نظام عالمي مقره باريس يمثل جميع أصحاب الأعمال لدى الحكومات والمؤسسات الدولية، ووجدت الفكرة دعما قويا من قادة الأعمال في الغرب، وضمت ممثلين عنها من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وبلجيكا.
وتحتفل الآن غرفة التجارة العالمية بمرور 100 عام، شهدت خلالها الغرفة نموا مطردا في حجم أعمالها، حتى أصبحت الممثل المؤسسي لأكثر من 45 مليون شركة في أكثر من 100 دولة، فضلاً عن المشاركة في صياغة نظام الاقتصاد العالمي بمفهومه الحديث الذي تأسس بشكل كبير على أهداف الغرفة.
الأهداف
تلخصت أهداف غرفة التجارة الدولية التي أطلقت على أصحاب الأعمال "تجار السلام" في خدمة قطاع الأعمال الدولي عن طريق تعزيز التجارة والاستثمار وفتح الأسواق للسلع والخدمات والتدفق الحر لرأس المال.
وتقول الغرفة على موقعها الإلكتروني: "إننا الآن نمثل المصالح التجارية على أعلى مستويات صنع القرار الدولي، سواء في منظمة التجارة العالمية أو الأمم المتحدة أو مجموعة العشرين، ما يضمن سماع صوت أصحاب الأعمال".
المشاركة في صياغة الاقتصاد العالمي
قطعت الغرفة خطوات متتالية ومدروسة نحو تحقيق أهدافها المُعلنة منذ اليوم الأول للتأسيس، حيث سارعت في عام 1923 نحو إنشاء محكمة التحكيم الدولي في باريس، لتكون جهة محايدة تفصل في خلافات أصحاب الأعمال دوليا، لتجنب التعقيدات والنفقات المرتبطة بالتقاضي أمام المحاكم الحكومية.
وبعد ذلك بعام واحد، عكفت الغرفة على صياغة المعاهدة الدولية الخاصة بتنظيم التعويضات التي لحقت بمجتمع الأعمال جراء الحرب العالمية الأولى.
ولعبت غرفة التجارة الدولية دورا محوريا في إرساء قواعد التجارة العالمية بمفهومها الحديث بصياغة المبادئ التوجيهية الجمركية عام 1933، التي باتت مرجعا دوليا في عدة مجالات؛ مثل الاعتمادات المستندية التي تنظم عمل المصارف حتى الآن فيما يتعلق بتمويل عمليات التجارة دوليا.
وفي عام 1936، أصدرت الغرفة دليلها المرجعي للمصطلحات التجارية الدولية، الذي يعد مرجعا دوليا معترفا به في تحديد المسؤوليات الملقاة على عاتق كل من البائع والمشتري لكل معاملة تجارية دولية، وتحرص الغرفة على تحديثه لتلبية متطلبات كل مرحلة.
واصلت غرفة التجارة الدولية تمثيل مجتمع الأعمال في المحافل الدولية، التي كان أهمها على الإطلاق مؤتمر بريتون وودز عام 1944 الذي انعقد عقب الحرب العالمية الثانية، ووضع أساس النظام الاقتصاد والتجاري العالمي بمفهومه الحديث.
وبعد مرور 33 عاما وتحديدا في عام 1977، أطلقت الغرفة قواعد مكافحة الفساد التي ساعدت الحكومات في صياغة استراتيجيات التنمية المستدامة.
وفي عام 2001، أجرت الغرفة تغييرا على اسم المكتب الدولي للغرف التجارية ليصبح اتحاد الغرف العالمي، وبعد ذلك بعامين وقعت على الميثاق العالمي للأمم المتحدة.
وتعزيزا لجهود غرفة التجارة العالمية في نشر مفاهيم الأعمال الدولية، أنشأت في 2015 أكاديمية غرفة التجارة الدولية، والتي تساعد المؤسسات التعليمية في نقل القواعد الحاكمة للتجارة الدولية ومستجداتها.
آليات العمل
تعتمد غرفة التجارة الدولية على مجموعة من الهيئات الإدارية لمزاولة أعمالها، وتباشر كل هيئة مهام محددة، وتشمل هذه الهيئات؛ المجلس العالمي الذي يوجد على قمة الهيكل التنظيمي للغرفة، ويضم ممثلين لمختلف لجانها، ويتولى انتخاب رئيس الغرفة ونائبه.
كما تضم غرفة التجارة الدولية اللجنة التوجيهية المكونة من 30 عضوا من رائدي الأعمال، الذين يتم انتخابهم بواسطة المجلس العالمي للغرفة بناءً على ترشيح من رئيس الغرفة، وتتمثل مهام اللجنة في متابعة عمل الغرفة وضمان تنفيذ السياسات، وفقا للتوجهات والأولويات المعلنة.
أما الذراع التنفيذية للغرفة فتتمثل في السكرتارية الدولية التي تعكف على صياغة وتنفيذ برنامج العمل السنوي بناء على التوجهات الاستراتيجية التي تعتمدها الهيئات التقريرية داخل الغرفة.
وهناك ركن أساسي آخر لمنظمة عمل الغرفة، ألا وهو لجان العمل التي تتكون من 11 لجنة تقوم بتبادل الأفكار وصياغة مقترحات قضايا التجارة الدولية.
وتضم هذه اللجان كلا من الضرائب الدولية، والسياسة التجارية والجمارك وتيسير التجارة، وتقنيات الممارسة المصرفية، والاقتصاد الرقمي، والتسويق والدعاية، ومسؤولة المقاولات، ومحاربة الرشوة، والتحكيم وفض المنازعات، وقانون المنافسة، والملكية الفكرية، والقانون وممارسات التجارة الدولية، والضرائب الدولية.
وتضم غرفة التجارة العالمية حاليا نحو 3 آلاف خبير يمثلون هيئات العمل المتخصصة التي تحدد موقف الغرفة إزاء مختلف القضايا الاقتصادية العالمية.