لتناوله قضية الزواج العرفي.. مسلسل براءة يثير الجدل في تونس
أثار المسلسل الدرامي "براءة" الذي يعرض حاليا في الموسم الرمضاني على قناة "الحوار التونسي" للمخرج سامي الفهري، الكثير من الجدل بسبب تناوله لقضية الزواج العرفي المجرمة في القانون التونسي.
والمسلسل من بطولة فتحي الهداوي وريم الرياحي وأحلام الفقيه ومحمد السياري وكوثر الباردي وياسين بن قمرة.
ويتناول المسلسل قضية رجل ستيني ثري ومتصابي يدعى "وناس" متزوج بأمراة مهضومة الجناح تدعى "زهرة" أراد الزواج بالخادمة "بية" ذات 18 سنة ليصدم عائلته بهذا الطلب الذي لاقى رفضا من زوجته وأبنائه.
ورغم أن مجلة الاحوال الشخصية التونسية أنهت الجدل منذ 13 اغسطس 1956 بمنع الزواج العرفي لعدم قانونيته، إلا أن المسلسل تطرق لهذه القضية كأنها مسألة متداولة في تونس.
ويمنع القانون التونسي الزواج بامرأة ثانية ويعاقب مرتكبها بالسجن لمدة 5 سنوات، كما أن تعدد الزوجات ممنوع قانوناً في البلاد.
ويجرّم القانون كل صيغ الزواج التي لا تستجيب إلى الشروط القانونية والمدنية ويعتبرها باطلة. ومن هذه الصيغ ما يعرف بالزواج العرفي الذي لا يشترط حضور شهود ولا يوثق رسمياً وينعقد بمجرد كتابة عقد غير قانوني بين طرفين من دون الإقرار بأي حق للزوجة.
ويسمى الزواج العرفي قانونيّا “زواجا على خلاف الصيغ القانونية” ويعاقب عليه القانون، إذ يعتبر حسب الفصلين 36 و31 من قانون الحالة المدنية باطلا كما ينص القانون التونسي عدد 3 لسنة 1957 والمؤرخ في الأول من أغسطس من نفس السنة والمتعلّق بتنظيم الحالة المدنية وتحديدا بفصله الـ31 على أن يبرم عقد الزواج في تونس أمام عدلين أو أمام ضابط الحالة المدنية بمحضر شاهدين من أهل الثقة وهو ما يجعل من هذا الزواج المسمى بالعرفي مُجرّما وباطلا.
تطبيع مع مبادئ خطيرة
وأصدر مرصد الدفاع عن مدنية الدولة بيانا يقول ان مسلسل "براءة" الذي تبثّه هذه الأيام قناة "الحوار التونسي" يسعى إلى التطبيع مع مبادئ خطيرة جدا على المجتمع التونسي "فنرى في المسلسل أن الدين هو الرابط الوحيد في العلاقات الاجتماعية والأسرية، وذلك حسب التوجّه الإخواني والداعشي، وخلافا للعلم والبيداغوجيا والقانون".
وتابع المرصد بأن المسلسل عرض مشاهد لطفل لم يتجاوز عمره الخمس سنوات، والذي حفظ نصف القرآن والأحاديث النبوية ويُصلّي الفجر في الجامع، كما عرض مشهد تعافي امرأة من مرض نفسي بواسطة الشعوذة والبخور بعد أن عجز الأطباء المختصّون عن معالجتها، إضافة إلى مشاهد تبرر الزواج العرفي باعتباره مقبولا دينيّا علاوة على تصوير الرجل في مقام الآمر والناهي والمرأة في موقع الكيان الضعيف المفعول به.
وأكد أن المسلسل عرض مشاهد تظهر تعمّد القراءة المُتخلّفة للدين الإسلامي في هذا المسلسل، ويدعو صراحة إلى مخالفة القوانين الجارية في تونس، وخاصّة مجلة الأحوال الشخصية.
جرائم
بدوره، أصدر الحزب الدستوري الحر بلاغا يندد فيه مسألة تناول قضية الزواج العرفي في تونس.
وذكر الحزب أن تعدد الزوجات والزواج العرفي في تونس تعتبر جرائم طبقا لمجلة الأحوال الشخصية التونسية، ويعاقب مرتكبوها بالسجن وبطلان الزواج ويؤكد أن هذه المواضيع تم حسمها منذ سنة 1956 ويدخل منع هذه الممارسات ضمن الحقوق المكتسبة للمرأة التونسية ولا مجال للتراجع عنها أو طرحها للنقاش مجددا.
وأكد الحزب أن المسلسل وضع إصبعه على ظواهر أصبح لها وجود داخل المجتمع منذ تولي الإخوان الحكم في تونس بعد 2011 ويحمل الدولة المسؤولية القانونية والسياسية عن السماح بتغلغل الأخطبوط الجمعياتي الإخواني الذي يرتع في البلاد لدمغجة الشباب والنساء واقناعهم بالتراجع عن مجلة الأحوال الشخصية، وتقويض النموذج المجتمعي التونسي بإثارة أسباب واهية، ويستنكر تخاذل السلطة طوال العشرية السوداء الماضية في ردع التجاوزات التي استفحلت في هذا المجال وأصبحت تهدد التركيبة المجتمعية التونسية.
واعتبر أن المشاهد المعروضة بالمسلسل تمثل صافرة إنذار للمرأة التونسية لتنتبه لما ينتظرها من إهانة في صورة استئثار قوى الظلام بمواقع القرار ويحذرها من الاستهزاء بما يقوم به الإخوان داخل المجتمع من تحريض قصد النيل من حقوقها بتزكية من السلطة التي ترفض غلق أوكار تفريخ هذه الأفكار الهدامة ويدعوها إلى اليقظة والتجند لحماية مكاسبها وحفظ كرامتها ومنع الرجوع بها إلى مربع الإذلال الذي خلصها منه الزعيم الحبيب بورقيبة منذ الأشهر الأولى للاستقلال.
وجدد التزامه بمواصلة الذود عن مجلة الأحوال الشخصية والوقوف في وجه كل محاولات المساس بأحكامها لتبقى المرأة التونسية معززة مكرمة وشامخة على الدوام وتبقى الأسرة التونسية موحدة ومتوازنة.
كما قال الاعلامي التونسي مكي هلال إنه ثمة خلل في صناعة المضامين والعناوين في تونس.
وأكد في تدوينة له على"فيس بوك": "كأننا نعود للوراء للأسف ونطرح قضايا محسومة بالقانون في تونس (كالزواج العرفي) ليس هذا دور الدراما ولا دور الإعلام المروّج لهذه الدراما.
وأكد أن الزواج العرفي جريمة (زواج على غير الصيغ القانونية) والترويج له كذلك.