صندوق النقد عن الإصلاح الاقتصادي في لبنان: "بطيء للغاية"
انتقد صندوق النقد الدولي، إجراءات الإصلاح الاقتصادي في لبنان، رغم الاتفاق المبدئي الذي توصلا إليه في أبريل/نيسان، لصرف قرض طارئ.
قال صندوق النقد الدولي في بيان الأربعاء، في ختام زيارة الى بيروت تخللتها لقاءات مع عدد من المسؤولين، برئاسة ارنستو راميريز ريغو، إن تقدم السلطات اللبنانية في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة للإفراج عن أموال إغاثة من الصندوق ما زال بطيئا للغاية.
واتفق لبنان مع صندوق النقد الدولي على تنفيذ قائمة من عشرة إصلاحات كي يحصل على ثلاثة مليارات دولار للحد من انهياره المالي، الذي أدى إلى سقوط ثمانية من كل عشرة أشخاص في براثن الفقر. ويعد هذا الانهيار المالي من بين الأسوأ على مستوى العالم منذ الثورة الصناعية.
وقال الصندوق "على الرغم من الحاجة الماسة لاتخاذ إجراءات تعالج الأزمة الاقتصادية والاجتماعية العميقة في لبنان، فإن التقدم في تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها بموجب اتفاق أبريل نيسان (على مستوى الخبراء) ما زال بطيئا للغاية".
وهذا أول تقييم علني من صندوق النقد الدولي لأداء لبنان في تنفيذ الإصلاحات، التي تشمل قوانين بشأن الضوابط على رأس المال والسرية المصرفية وموازنة عام 2022.
واجتمعت الجمعية العامة للبرلمان الأسبوع الماضي لمناقشة الموازنة لكن الجلسة لم تُعقد بسبب عدم اكتمال النصاب بعد انسحاب النواب. وستستأنف المناقشات في 26 سبتمبر/ أيلول.
قوانين قيد المناقشة
وما زالت الجمعية العامة للبرلمان تناقش قانون الضوابط على رأس المال وتعديل قانون السرية المصرفية الذي أقرته في يوليو تموز وأُعيد إلى النواب لمراجعته.
وجاء في بيان الصندوق أيضا أن خطة التعافي المالي للبنان يجب أن تحترم التسلسل الهرمي المعترف به دوليا للمطالبات، إذ تتلقى الدولة والمودعون حماية أكبر من القطاع الخاص.
وقال صندوق النقد الدولي إنه يجب حماية صغار المودعين في لبنان بشكل كامل والحد من اللجوء إلى الموارد العامة.
وأقرت الحكومة اللبنانية خريطة طريق للتعافي المالي في مايو أيار، لكنها تواجه اعتراضات كبيرة من البنوك والقطاع الخاص.
وبعد لقائه وفد صندوق النقد الدولي اليوم الأربعاء، قال الرئيس اللبناني ميشال عون إن "الفاعلين المحليين" أبطأوا التقدم صوب الإصلاح.
تعثر الاتفاق المبدئي
وفي أبريل/نيسان، أعلن الصندوق توصله إلى اتفاق مبدئي مع لبنان على خطة مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار على أربع سنوات. لكن تطبيقها مرتبط بالتزام الحكومة تنفيذ إصلاحات مسبقة وإقرار البرلمان لمشاريع قوانين ملحة، أبرزها قانون "كابيتال كونترول" الذي يقيّد عمليات السحب وتحويل العملات الأجنبية من المصارف، ومشروع قانون موازنة 2022، إضافة الى إقرار تشريعات تتعلق بإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتعديل قانون السرية المصرفية.
واعتبر ريغو أن "غالبية الإجراءات المسبقة لم يتم تنفيذها" على رغم كونها مع إصلاحات أخرى "حاسمة لبدء تعافي الاقتصاد اللبناني".
وحذّر من أن "تأخير تنفيذها لا يؤدي إلا إلى زيادة التكاليف على الدولة وسكانها" مشدداً على أن إتمام الإصلاحات "ضروري لكي ينظر مجلس إدارة الصندوق في طلب برنامج مالي" لدعم لبنان.
وحثّ وفد الصندوق خلال لقاءاته المسؤولين في بيروت على المسارعة إلى إقرار الإصلاحات قبل الانتخابات الرئاسية، وفق ما أفاد وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام الذي التقى الوفد الثلاثاء.
وقال سلام في تصريحات لوكالة فرانس برس الأربعاء إن الوفد وجه رسالة مفادها "الانتباه الى حساسية الوقت، وضرورة إقرار القوانين الأربعة المطلوبة قبل الدخول في الاستحقاق الرئاسي".
وأضاف "كان الوفد واضحاً أنه بمجرد أن نقرّها، سنصبح أقرب الى اتفاق نهائي" مع الصندوق.
وتنتهي ولاية الرئيس الحالي ميشال عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، من دون التوافق بعد على مرشح، ما يثير خشية من دخول البلاد في مرحلة من الفراغ الرئاسي.
ولم تثمر مساعي رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي في تشكيل حكومة منذ الانتخابات البرلمانية التي جرت في منتصف أيار/مايو، في بلد يقوم نظامه على تقاسم الحصص بين المكونات السياسية والطائفية.
ورغم أن البرلمان ينظر في إقرار بعض مشاريع القوانين الإصلاحية، إلا أنه لم يتم التوافق بعد على صيغة نهائية لأي منها. وتم الأسبوع الماضي إرجاء جلسة إقرار موازنة العام 2022 الى مطلع الأسبوع المقبل.
وتُعتبر الأزمة الاقتصادية المتمادية الأسوأ في تاريخ لبنان. وتترافق مع شلل سياسي يحول دون اتخاذ تدابير تحدّ من التدهور وتحسّن من نوعية حياة السكان الذين يعيش أكثر من ثمانين في المئة منهم تحت خط الفقر.